الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
إنّ أهل البیت أحد الثقلین[1] الذین ترکهما النّبی بعد رحیله و أمر أنْ یُتمسّک بأقوالهم و أفعالهم، و حینما نراجع ما روی عنهم و دوّنه الأثبات من المحدّثین[2] نجد مرویّاتهم - المسندة إلى آبائهم عن علیّ عن النبی- یعارض ما روی فی رؤیة الله، و نقف على أنّ مذهبهم فی ذلک هو امتناع الرؤیة، و أنه سبحانه لا تدرکه أوهام القلوب، فکیف تدرکه أبصار العیون؟!
إلیک نزرا یسیرا من أحادیثهم:
1- قال الإمام علی (ع) فی خطبة الأشباح:
«الْأَوَّلُ الَّذِی لَمْ یَکُنْ لَهُ قَبْلٌ فَیَکُونَ شَیْءٌ قَبْلَهُ وَ الْآخِرُ الَّذِی لَیْسَ لهُ بَعْدٌ فَیَکُونَ شَیْءٌ بَعْدَهُ وَ الرَّادِعُ أَنَاسِیَّ الْأَبْصَارِ عَنْ أَنْ تَنَالَهُ أَوْ تُدْرِکَهُ»[3]
2- وَ قَدْ سَأَلَهُ ذِعْلِبٌ الْیَمَانِیُ فَقَالَ: هَلْ رَأَیْتَ رَبَّکَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ؟
فَقَالَ (ع) أَ فَأَعْبُدُ مَا لَا أَرَى؟!
قَالَ وَ کَیْفَ تَرَاه؟
فَقَالَ: لَا تُدْرِکُهُ الْعُیُونُ بِمُشَاهَدَةِ الْعِیَانِ وَ لَکِنْ تُدْرِکُهُ الْقُلُوبُ بِحَقَائِقِ الْإِیمَانِ قَرِیبٌ مِنَ الْأَشْیَاءِ غَیْرَ مُلَابِسٍ بَعِیدٌ مِنْهَا غَیْرَ مُبَایِنٍ[4]
3- و قال (ع): « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَا تُدْرِکُهُ الشَّوَاهِدُ وَ لَا تَحْوِیهِ الْمَشَاهِدُ وَ لَا تَرَاهُ النَّوَاظِرُ وَ لَا تَحْجُبُهُ السَّوَاتِرُ »[5]
إلى غیر ذلک من خطبه علیه السلام الطافحة بتقدیسه وتنزیهه عن إحاطة القلوب و الأبصار به[6]
و أمّا المروی عن سائر أئمة أهل البیت علیهم السّلام، نورد نماذج من بعضهم علیهم السّلام:
4- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: حَضَرْتُ أَبَا جَعْفَرٍ [الباقر] (ع)،
فَدَخَلَ عَلَیْهِ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ، فَقَالَ لَهُ: یَا أَبَا جَعْفَرٍ أَیَّ شَیْءٍ تَعْبُدُ؟
قَالَ: اللَّهَ تَعَالَى.
قَالَ: رَأَیْتَهُ؟
قَالَ: بَلْ لَمْ تَرَهُ الْعُیُونُ بِمُشَاهَدَةِ الْأَبْصَارِ وَ لَکِنْ رَأَتْهُ الْقُلُوبُ بِحَقَائِقِ الْإِیمَانِ، لَا یُعْرَفُ بِالْقِیَاسِ وَ لَا یُدْرَکُ بِالْحَوَاسِّ وَ لَا یُشَبَّهُ بِالنَّاسِ، مَوْصُوفٌ بِالْآیَاتِ مَعْرُوفٌ بِالْعَلَامَاتِ، لَا یَجُورُ فِی حُکْمِهِ، ذَلِکَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ.
قَالَ [ابن سنان]: فَخَرَجَ الرَّجُلُ وَ هُوَ یَقُولُ : اللَّهُ أَعْلَمُ حَیْثُ یَجْعَلُ رِسالَتَهُ[7]
5- عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْمَوْصِلِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ [الصادق] (ع) قَالَ: جَاءَ حِبْرٌ إِلَى أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ،
فَقَالَ: یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَلْ رَأَیْتَ رَبَّکَ حِینَ عَبَدْتَهُ؟
قَالَ [الصادق] : فَقَالَ [أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ] : وَ یْلَکَ مَا کُنْتُ أَعْبُدُ رَبّاً لَمْ أَرَهُ.
قَالَ [الحبر] : وَ کَیْفَ رَأَیْتَهُ؟
قَالَ: وَ یْلَکَ لَا تُدْرِکُهُ الْعُیُونُ فِی مُشَاهَدَةِ الْأَبْصَارِ[8] وَ لَکِنْ رَأَتْهُ الْقُلُوبُ بِحَقَائِقِ الْإِیمَانِ[9]
6- عن عبد اللَّه بن سنان عن أبی عبد اللَّه (ع) قال [ابن سنان]: قال [الصادق]:
«إِنَّ اللَّهَ عَظِیمٌ، رَفِیعٌ، لَا یَقْدِرُ الْعِبَادُ عَلَى صِفَتِهِ وَ لَا یَبْلُغُونَ کُنْهَ عَظَمَتِهِ، لا تُدْرِکُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ یُدْرِکُ الْأَبْصارَ، وَ هُوَ اللَّطِیفُ الْخَبِیرُ، وَ لَا یُوصَفُ بِکَیْفٍ وَ لَا أَیْنٍ وَ لَا حَیْثٍ، فَکَیْفَ أَصِفُهُ بِکَیْفٍ وَ هُوَ الَّذِی کَیَّفَ الْکَیْفَ حَتَّى صَارَ کَیْفاً، فَعَرَفْتُ الْکَیْفَ بِمَا کَیَّفَ لَنَا مِنَ الْکَیْفِ، أَمْ کَیْفَ أَصِفُهُ بِأَیْنٍ وَ هُوَ الَّذِی أَیَّنَ الْأَیْنَ حَتَّى صَارَ أَیْناً، فَعَرَفْتُ الْأَیْنَ بِمَا أَیَّنَ لَنَا مِنَ الْأَیْنِ، أَمْ کَیْفَ أَصِفُهُ بِحَیْثٍ وَ هُوَ الَّذِی حَیَّثَ الْحَیْثَ حَتَّى صَارَ حَیْثاً، فَعَرَفْتُ الْحَیْثَ بِمَا حَیَّثَ لَنَا مِنَ الْحَیْثِ، فَاللَّهُ تَبَارَکَ وَ تَعَالَى دَاخِلٌ فِی کُلِّ مَکَانٍ، وَ خَارِجٌ مِنْ کُلِّ شَیْءٍ، لا تُدْرِکُهُ الْأَبْصارُ، وَ هُوَ یُدْرِکُ الْأَبْصارَ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَلِیُّ الْعَظِیمُ وَ هُوَ اللَّطِیفُ الْخَبِیر»[10]
7- إنّ للإمام علیّ بن موسى الرضا احتجاجاً فی المقام على مقال المحدّث أبی قرة، حیث ذکر الحدیث الموروث عن الحبر الماکر (کعب الأحبار) : من أنه سبحانه قسم الرؤیة والکلام بین نبیّین.
فقال أبو قرة: فإنّا روینا: أنّ اللَّه قسّم الرؤیة و الکلام بین نبیین، فقسّم لموسى علیه السلام الکلام، و لمحمّد (ص) الرؤیة.
فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ (ع): فَمَنِ الْمُبَلِّغُ عَنِ اللَّهِ إِلَى الثَّقَلَیْنِ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ لا تُدْرِکُهُ الْأَبْصارُ وَ لا یُحِیطُونَ بِهِ عِلْماً وَ لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَیْءٌ أَ لَیْسَ مُحَمَّدٌ (ص)؟
قَالَ [أبو قرة] بَلَى.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ (ع): کَیْفَ یَجِیءُ رَجُلٌ إِلَى الْخَلْقِ جَمِیعاً فَیُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ أَنَّهُ یَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ بِأَمْرِ اللَّهِ، فَیَقُولُ لا تُدْرِکُهُ الْأَبْصارُ وَ لا یُحِیطُونَ بِهِ عِلْماً وَ لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَیْءٌ، ثُمَّ یَقُولُ أَنَا رَأَیْتُهُ بِعَیْنِی وَ أَحَطْتُ بِهِ عِلْماً وَ هُوَ عَلَى صُورَةِ الْبَشَر؟! أَ مَا تَسْتَحُونَ؟! أَ مَا قَدَرَتِ الزَّنَادِقَةُ أَنْ تَرْمِیَهُ بِهَذَا أَنْ یَکُونَ یَأْتِی مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِشَیْءٍ ثُمَّ یَأْتِی بِخِلَافِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ؟!
فقال أبو قرة: إنّه یقول: «وَلَقَدْ رَآهُ نزلةً أُخْرَى» (النجم/ 13).
فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ(ع): إِنَّ بَعْدَ هَذِهِ الْآیَةِ مَا یَدُلُّ عَلَى مَا رَأَى [النّبی]، حَیْثُ قَالَ: «ما کَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى» (النجم/ 11) یَقُولُ [الله] : مَا کَذَبَ فُؤَادُ مُحَمَّدٍ (ص) مَا رَأَتْ عَیْنَاهُ ثُمَّ أَخْبَرَ [الله] بِمَا رَأَتْ عَیْنَاهُ، فَقَالَ [الله]: «لَقَدْ رَأى مِنْ آیاتِ رَبِّهِ الْکُبْرى» (النجم/ 18) فَآیَاتُ اللَّهِ غَیْرُ اللَّهِ، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ : «وَ لا یُحِیطُونَ بِهِ عِلْماً» (طه/ 110) فَإِذَا رَأَتْهُ الْأَبْصَارُ فَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ الْعِلْمَ وَ وَقَعَتِ الْمَعْرِفَةُ.
فقال أبو قرة: فتکذّب بالرّوایات؟
فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ(ع): إِذَا کَانَتِ الرِّوَایَاتُ مُخَالِفَةً لِلْقُرْآنِ کَذَّبْتُهَا، وَ مَا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَیْهِ؛ أَنَّهُ لَا یُحَاطُ بِهِ عِلْماً، وَ «لا تُدْرِکُهُ الْأَبْصارُ» وَ «لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَیْءٌ»[11]
8- عن ابراهیم بن أبی محمود قال: قال علیّ بن موسى علیهما السلام فی قول اللَّه عزّ وجلّ:
«وَ وُجُوهٌ یَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ»:
«یعنی مشرقة تنتظر ثواب ربّها»[12]
9- عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ[13] قَالَ: کَتَبْتُ إِلَى أَبِی مُحَمَّدٍ [حسن العسکری](ع)، أَسْأَلُهُ کَیْفَ یَعْبُدُ الْعَبْدُ رَبَّهُ وَ هُوَ لَا یَرَاهُ؟ فَوَقَّعَ (ع) یَا أَبَا یُوسُفَ جَلَّ سَیِّدِی وَ مَوْلَایَ وَ الْمُنْعِمُ عَلَیَّ وَ عَلَى آبَائِی أَنْ یُرَى،
قَالَ: وَ سَأَلْتُهُ هَلْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ (ص) رَبَّهُ؟
فَوَقَّعَ (ع) إِنَّ اللَّهَ تَبَارَکَ وَ تَعَالَى أَرَى رَسُولَهُ بِقَلْبِهِ مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ مَا أَحَبَّ[14]
«إِنَّ فِی ذلِکَ لَذِکْرَى لِمَنْ کَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِیدٌ» (سورة ق/ 37)[15]
لا يوجد تعليق