الجواب الاجمالي:
جاء محمّد بن عبد الوهّاب حاملًا أفکار ابن تیمیّة البائدة واتفق مع آل سعود لیقوم کلّ منهما بتأیید الآخر، هذا فی الحکم وذاک فی التشریع، فعاد الضلال یَنشر خیوطه فی «نجد» وانتشرت الوهّابیّة فی بلاد نجد انتشار السرطان فی الجسم، فانخدع جمعٌ من الناس، وتحزَّبواباسم التوحید للقضاء على أهل التوحید، وأراقوا دماء المسلمین باسم الجهاد مع المشرکین
الجواب التفصيلي:
الوهّابیّة فرقة منسوبة إلى محمد بن عبد الوهّاب، وابتداء ظهور محمد هذا کان سنة (1143 ه)، وإنّما اشتهر أمره بعد الخمسین فأظهر عقیدته الزائفة فی نجد، وساعده على إظهارها محمد بن سعود أمیر الدرعیة بلاد مسیلمة الکذّاب مجبراً أهلها على متابعة ابن عبد الوهاب هذا، فتابعوه، وما زال ینخدع له فی هذا الامر حیٌّ بعد حیٍّ من أحیاء العرب حتى عمّت فتنته، وکبرت شهرته، واستفحل أمره فخافته البادیة، وکان یقول للناس: «ما أدعوکم إلّا الى التوحید، وترک الشرک بالله تعالى فی عبادته، وکانوا یمشون خلفه حیثما مشى حتى اتسع له الملک».
وهذا المذهب وان کان ظهوره وانتشاره فی زمن محمد بن عبد الوهاب فی القرن الثانی عشر الا ان بذره قد بذر قبل ذلک من زمن أحمد بن تیمیة فی القرن السابع[1] حیث ذکر فی مقالاته المنکرة آراء واقوالا مبتدعة کالتجسم وجواز الرؤیة وانکار شفاعة الأنبیاء والرسل والمقربین واسناد الشرک الى اهل القبلة لذلک وتحریم زیارة القبور والتفصیل فی ما لا نص فیه والتفصیل فی الشبهات التحریمیة من غیر وجه فیهما الى غیر ذلک من المناکیر التی لأجلها کفره علماء الإسلام من الخاصة والعامة؛ اما بعد أن أهْلک اللَّه ابنَ تیمیّة فی عام 728 ه فی سجن الشام، فحاول تلمیذه ابن القیّم أن یواصل نهج أُستاذه، لکنّه لم یفلح فی ذلک، فماتت أفکار ابن تیمیّة بموته، وفنیتْ بفنائه، وزالت بزواله، واستراح المؤمنون من بدعه وضلالاته.
إلى أن ألقى الشیطان حبائله من جدید، فجاء محمّد بن عبد الوهّاب حاملًا أفکار ابن تیمیّة البائدة واتفق مع آل سعود لیقوم کلّ منهما بتأیید الآخر، هذا فی الحکم وذاک فی التشریع، فعاد الضلال یَنشر خیوطه فی «نجد» وانتشرت الوهّابیّة فی بلاد نجد انتشار السرطان الأثیم فی الجسم، فانخدع جمعٌ من الناس، وتحزَّبوا- ومع کلّ أسف- باسم التوحید للقضاء على أهل التوحید، وأراقوا دماء المسلمین باسم الجهاد مع المشرکین، وراح الأُلوف من الناس- رجالًا ونساءً وصغاراً وکباراً- ضحیَّة لهذه البِدَع والأباطیل، وتوسَّعت شُقّة الخلاف بین المسلمین، وأُضیف على مذاهبهم المتعدّدة، مذهب جدید[2]
وقد تبع هذا المذهب من بعد ظهوره إلى الیوم بعض من ینسب إلى العلم من أهل السنة من غیر النجدیین حسنه فی نظرهم ظهوره بمظهر ترک البدع مع ما یرونه من کثرة البدع لکن الإفراط آفة تفسد أکثر مما تصلح ( وکل یدعی وصلا بلیلی) والبعض منهم لم یصل فی تضلیل المسلمین إلى حد التکفیر واستحلال الدم والمال کالألوسی صاحب تاریخ نجد فیما حکی عنه حیث قال بعد ذکر سعود بن عبد العزیز: انه قاد الجیوش وأذعنت له صنادید العرب ورؤسائهم بید انه منع الناس عن الحج وخرج على السلطان وغالى فی تکفیر من خالفهم وشدد فی بعض الاحکام وحملوا أکثر الأمور على ظواهرها، ولیس عندهم یومئذ من قوّة التفکیر الصحیح، ولا من المرونة السیاسیّة؛
انهم انکر العقل وخالف التعقل واستفاد من اخبار ضعیفة لاثبات افکارهم الشنعة والحرص على تغطیة أنواع ابتداعهم، وتقویة مغالطتهم فی دعاویهم، وألوان نزاعهم و... .
من معتقداتهم الباطلة المهلکة لهم أنّهم یعتقدون بأن کل من زار قبر سیدنا محمد صلّى الله علیه وسلم لیرد علیه السلام ویتوسل به فإنّهم یحکمون علیه بالکفر والشرک لاعتقادهم أن الزیارة للقبر الشریف وردّ السلام لساکنه، والتوسل به عبادة للقبر فویل لمن یعتقد ذلک ولا یوجد أحد على وجه الأرض من المسلمین بل ومن الکفار جمیعاً بأن یعتقد مرتبة الألوهیة، أو الربوبیّة فی مخلوق قط ما عدا (ابن عبد الوهاب) الّذی اتّخذ إلهه هواه وأضلّه الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة بتغییره وتحریفه للقرآن والحدیث مع قوله بتجسیم باری تعالی ومع تنقیصه الأنبیاء والمرسلین، والأولیاء، والصالحین وتنقیصهم تعمّداً کفر بإجماع الأئمة الأربعة، ولا سیّما تنقیص سیّدنا محمّد صلّى الله علیه وسلم وإن محمد بن عبد الوهاب أصله من قبیلة بنی تمیم وهی أکبر قبیلة آذت الرسول صلى الله علیه وسلم[3]
لا یختلف الوهابیة عن الخوارج ، أجل ان الوهابیة لا یکفرون بعض الصحابة ویستحلون دماءهم کما هی الحال عند الخوارج، ومهما یکن، فان الاسلام فی مفهوم الوهابیة ضیق جداً، بخاصة فیما یتعلق بالتوحید، فانهم یفسرونه تفسیراً ضیقاً لا ینطبق الا علیهم وحدهم، حیث یربطون به هدم القبور، وما بنی علیها من المساجد، حتى قبر النبی، وتحریم الصلاة والدعاء عندها، ویحرمون زیارة قبر النبی، والتبغ والتصویر الفوتغرافی، وما الى ذاک، اما وضع الستائر على الروضة الشریفة، وقول المسلم سیدنا محمد، وحق محمد، ویا محمد فبدعة وضلالة .. هذا هو الاسلام فی مفهومهم، أما العلم وانتشار المعرفة، والقضاء على الفقر والجهل، اما عمارة الأرض، وصلاح المستضعفین فیها، والنضال فی مرافق الحیاة للتخلص من الضعف وآثاره، والتضامن والتعاون لإیجاد وسائل العیش والهناء للجمیع، أما تجنب اسباب العداء والبغضاء، وشعور الانسان اتجاه أخیه الانسان، أما هذه، وما الیها فأمر ثانوی، وشیء عرضی.
ولیس من شک ان الاسلام لو وقف عند فهم الوهابیة وتفکیرهم، لما تقدم خطوة الى الامام، ولما کان للمسلمین هذا التاریخ الخطیر الشهیر الذی ارغم الأجانب والاباعد على الاعتراف بأن رسالة محمد بن عبد الله هی ام الحضارة الحدیثة، لقد استیقظ العالم کله على مثل أعلى جدید، وثار على القیود والتقالید، وآمن بأن الانسان لا یجوز ان یکون اداة لنجاح وسعادة انسان آخر إلا فی السعودیة حیث یعیش حکامها فی قصور اسست على الشقاء والجهل والانحطاط[4]
لا يوجد تعليق