الجواب الاجمالي:
إن الحرکة الوهابیة تماثل حرکة الخوارج، وعند الرجوع الى الأحادیث النبویة التی تنبأت بخروج هذه الطائفة و وصفت حال أصحابها وانطلاقا من تلک المواصفات التی جاءت فی الأحادیث المدونة، توصل علماء الشیعة وأهل السنة الى أن الحرکة الوهابیة إنما هی حرکة خارجیة شکلا ومضمونا.
الجواب التفصيلي:
إن الحرکة الوهابیة تماثل حرکة الخوارج التی ظهرت بعد حادثة التحکیم بین الإمام علی(ع) و معاویة بن أبی سفیان. وعند الرجوع الى الأحادیث النبویة التی تنبأت بخروج هذه الطائفة و وصفت حال أصحابها و أباحت سفک دمائهم لأنهم من أخطر الفتن التی سیعرفها تاریخ الإسلام وجاء فی الحدیث إنهم کلاب أهل النار، و انهم یقتلون أهل الإسلام...؛. أقول انطلاقا من تلک المواصفات التی جاءت فی الأحادیث المدونة، توصل علماء الشیعة و أهل السنة الى أن الحرکة الوهابیة إنما هی حرکة خارجیة شکلا ومضمونا.
وقد ذکر السید محسن الأمین مجمل نقاط الالتقاء بینهم وبین الخوارج کما ذکرها غیره من العلماء متفرقة فی کتبهم التی ردوا بها على هذه الفرقة نذکر منها:
1- إن الخوارج قد رفعوا فی حربهم للمسلمین شعار (لا حکم إلا لله) و هی کلمة حق یراد بها باطل. کذلک الوهابیون شعارهم لا دعاء الا لله لا شفاعة الا لله، لا توسل الا بالله، لا استغاثة إلا بالله و نحو ذلک، کلمات حق یراد بها باطل. کلمات حق لأن المدعو و المتوسل به حقیقة لدفع الضر و جلب النفع و المغیث الحقیقی و ما لک أمر الشفاعة هو الله. یراد بها باطل و هو منع تعظیم من عظمه الله بدعائه و التوسل به لیشفع عند الله تعالى و یدعوه لنا، و عدم جواز التشفع و الاستغاثة و التوسل بمن جعله الله شافعا مغیثا و جعل له الوسیلة[1]
2- إن الخوارج کانوا متصلبین فی الدین مواظبین على الصلوات و تلاوة القرآن و البعد عن المحرمات المذکورة فی القرآن. کذلک الوهابیون متصلبون فی الدین یؤدون الصلاة لأوقاتها و یواظبون على العبادة و یطلبون الحق و ان أخطئوه و یتورعون عن المحرمات حتى بلغ من تورعهم أنهم توقفوا فی استعمال التلغراف.
3- إن الخوارج قد کفروا من عاداهم من المسلمین و استحلوا دماءهم و أموالهم و قالوا إن دار الإسلام تصیر بظهور الکبائر فیها دار کفر؟ کذلک الوهابیون حکموا بشرک من خالفهم معتقدهم من المسلمین و استحلوا ماله و دمه و جعلوا دار الإسلام دار حرب و دارهم دار إیمان تجب الهجرة إلیها. و حکموا بقتال تارک الفرض و إن لم یکن مستحلا کما فی الرسالة الثانیة من رسائل الهدیة السنیة و نقلوه فیها أیضا عن ابن تیمیة.
4- استند الخوارج فی شبهتهم على ظواهر بعض الآیات و الأدلة التی زعموها دالة على أن کل کبیرة کفر. کذلک الوهابیون استندوا فی هذه الشبهة الى ظواهر بعض الآیات و الأدلة التی توهموها دالة على أن الاستغاثة و الاستعانة بغیر الله شرک و على غیر ذلک من معتقداتهم کما یظهر من استشهاداتهم بالآیات التی لا دلالة فیها على معتقداتهم.
5- إن الخوارج لا یبالون بالموت و یقدمون على الحرب لأنهم رائحون بزعمهم الى الجنة حتى إن بعضهم طعن برمح فمشى و الرمح فیه الى طاعنه فقتله و هو یتلو وَ عَجِلْتُ إِلَیْکَ رَبِّ لِتَرْضى. کذلک الوهابیون یظهرون بسالة و اقداما و لا یبالون بالموت لأنهم بزعمهم رائحون الى الجنة و یقولون فی حروبهم مع المسلمین.
هبت هبوب الجنة
وین انت یا باغیها
6- کان الخوارج على جانب من الجمود و الغباوة فبینما هم یتورعون عن أکل ثمرة ملقاة فی الطریق و یرون قتل الخنزیر الشارد فی البر فسادا فی الأرض، تراهم یرون قتل الصحابی الصائم و فی عنقه القرآن طاعة لله تعالى و یکفرون جمیع المسلمین و یرون کل کبیرة کفرا.
کذلک وقع للوهابیین مثل ذلک عند ما دخلوا الطائف و قتلوا أهلها و سلبوهم أموالهم و قتلوا مفتی الشافعیة الشیخ الزواوی و أبناء الشیبی، فقد نجا من الإخوان بحیلة طریفة؛ فقد أجهش بالبکاء عند ما وقع فی أیدیهم فلما سلوا السیف عند رأسه سأله بعضهم لما ذا تبکی أیها الکافر؟ فأجاب الشیخ: أبکی و الله من شدة الفرح أبکی یا إخوان لأنی قضیت حیاتی کلها فی الشرک و الکفر، و لم یشأ الله إلا أن أموت مؤمنا موحدا. الله أکبر، لا إله إلا الله .. و قد أثر هذا الکلام فی الاخوان فبکوا لبکاء الشیخ، ثم طفقوا یقبلونه و یهنئونه بالإسلام[2] والوهابیون الذین یحرمون الترحیم و التذکیر لأنه بزعمهم بدعة و یتوقفون فی التلغراف لعدم وقوفهم على نص فیه، تراهم بدون دلیل و عن ظنّهم یکفرون المسلمین و یشرکونهم و یستحلون أموالهم و دماءهم و یقاتلونهم بالبنادق و المدافع لطلبهم الشفاعة ممن جعل الله له الشفاعة و توسلهم بمن له عند الله الوسیلة.
7- کما ان الخوارج قال بمقالتهم جماعة ممن ینسب الى العلم لظهورهم بمظهر مقاومة الضلال و رفع الظلم الذی لا شک أنه کان موجودا. کذلک الوهابیون قال بمقالتهم جماعة ممن تنسب الى العلم لظهورهم بمظهر رفع البدع التی لا شک فی وجودها فی الجملة. لکن بعض أهل العلم غیر رأیه فیهم بعد ما تبین له حقیقة أمرهم، مثل الأمیر الیمنی الصنعانی الذی نظم قصیدة فی الإشادة بالحرکة الوهابیة لما وصله خبرها بأنها تحارب البدع یقول فی مطلعها:
سلام على نجد و من حل فی نجد
و إن کان تسلیمی على البعد لا یجدی
لکنه لما تحقق من أعمال و افعال هذه الحرکة. أنشد قائلا:
رجعت عن القول الذی قلت فی النجدی
فقد صح لی عنه خلاف الذی عندی
8- إن الخوارج یمرقون من الدین کما یمرق السهم من الرمیة کما وصفهم الرسول (ص)، و فی روایة یتعمقون فی الدین حتى یخرجون منه کما یخرج السهم من الرمیة، کذلک الوهابیون أشار إلیهم رسول الله (ص) فیما رواه الإمام أحمد بن حنبل فی مسنده باسناده عن ابن عمر: أن النبی (ص) قال: اللهم بارک لنا فی شامنا اللهم بارک لنا فی یمننا قالوا وفی نجدنا قال: هنالک الزلازل و الفتن منها، أو قال بها یطلع قرن الشیطان. وأخرج البخاری فی کتاب الفتن عن ابن عمر ذکر النبی (ص) اللهم بارک لنا فی شامنا اللهم بارک لنا فی یمننا قالوا یا رسول الله فی نجدنا فأظنه قال فی الثالثة هناک الزلازل والفتن وبها یطلع قرن الشیطان. وقد أخرج أصحاب المسانید عدة أحادیث بهذا المعنى وفیها إشارة واضحة على ظهور الفتن من بلاد نجد. وبالفعل فقد خرج منها مسیلمة الکذاب و القرامطة و... وقد أطال الشیخ سلیمان فی رده على أخیه محمد بن عبد الوهاب «زعیم الوهابیة» فی الاستشهاد بهذه الأحادیث و غیرها مبینا أنها تنطبق على حرکتهم و تصف فتنتهم. و إذا کان أغلب رؤساء الخوارج من بنی تمیم کشبث بن ربعی ومسعر بن فدکی، وذی الخویصرة فإن ابن عبد الوهاب یلتقی معهم فی هذا الأصل فقد أجمع المؤرخون على انه کان من قبیلة تمیم.
9- إن الخوارج قدعمدوا الى الآیات الواردة فی الکفار والمشرکین فجعلوها فی المسلمین، وکان ابن عمر یرى الخوارج شرار الخلق، قال انهم عمدوا فی آیات نزلت فی الکفار فجعلوها فی المسلمین[3] کذلک الوهابیون جعلوا الآیات النازلة فی المشرکین منطبقة على المسلمین[4]
10- کان الخوارج سیماهم التحلیق أو التسبید. وعن «النهایة» فی حدیث الخوارج، التسبید فیهم فاش هو الحلق واستئصال الشعر. وقد جاء فی أخبار کثیرة ذکر قوم سیماهم التحلیق کقوله (ص) «إن أناسا من أمتی سیماهم التحلیق یقرءون القرآن لا یجاوز حلاقیمهم یمرقون من الدین کما یمرق السهم من الرمیة »؛ و«یخرج ناس من قبل المشرق یقرءون القرآن لا یجاوز تراقیهم یمرقون من الدین کما یمرق السهم من الرمیة ثم لا یعودون فیه حتى یعود السهم الى قوسه. قیل ما سیماهم قال سیماهم التحلیق » رواهما البخاری[5] وفی خلاصة الکلام، قوله (ص) سیماهم التحلیق تنصیص على هؤلاء الخارجین من المشرق(ای شرق المدینة مثل النجد)[6] التابعین لابن عبد الوهاب لأنهم کانوا یأمرون من اتبعهم أن یحلق رأسه، لا یترکونه یفارق مجلسهم إذا تبعهم حتى یحلقوا رأسه.
یقول السید أحمد بن زینی دحلان: «کان السید عبد الرحمن الأهدل مفتی زبید یقول لاحاجة الى التألیف فی الرد على الوهابیة بل یکفی فی الرد علیهم قوله صلى الله علیه (وآله) وسلم «سیماهم التحلیق» فإنه لم یفعله أحد من المبتدعة غیرهم[7]
11- کان الخوارج یقتلون أهل الإسلام ویدعون أهل الأوثان کما أخبر النبی (ص) عنهم کما جاء فی السیرة الحلبیة. والوهابیون یقتلون أهل الإسلام ویدعون أهل الأوثان و لم ینقل عنهم أنهم حاربوا أحدا سوى المسلمین أو قتلوا أحدا من أهل الأوثان، کما تری فی قتلهم أهل الطائف وقتلهم أهل کربلاء، وغزوهم بلاد الإسلام المجاورة لهم کالعراق والحجاز والیمن وغیرها و قتلهم ألف رجل من الیمانیین جاءوا لحج بیت الله الحرام (سنة 1340ه)؛ وعدم غزوهم لأهل الأوثان وقد امتلأت الأرض کفرا والحادا[8]
12- کان الخوارج کلما قطع منهم قرن نجم قرن کما أخبر عنهم أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب؛ و کذلک الوهابیون[9]
وقول ابن تیمیة: «الخَوارِجُ مَعَ مُرُوقِهِمْ مِنَ الدِّینِ فَهُمْ أصْدَقُ النَّاس» دلیل علی میلهم بالمشابهة[10]
لا يوجد تعليق