الجواب الاجمالي:
ان اللبنة الاولى فی بناء کیان الانسان هی انعقاد «النطفة»، و لذلک تواترت الروایات التی توصی بضرورة سلامة هذه اللبنة و صحة تکوینها. وأنّ فاطمة سلام الله علیها حوراء انسیة و سیدة نساء اهل الجنّة. و الحوراءً لأنسیة بالمواصفات الخلقیة والطبیعیة لاهل الجنة لابد وأن تکون نطفتها من عصارة فاکهة الجنة، وهذه ما امتازت به هذه السیدة على سائر نساء العالمین.
الجواب التفصيلي:
ان اللبنة الاولى فی بناء کیان الانسان هی انعقاد «النطفة»، لأنها على أیة حالٍ تحمل قسماً مهماً من قیمه الوجودیة. و لذلک تواترت الروایات التی توصی بضرورة سلامة هذه اللبنة و صحة تکوینها. وأنّ فاطمة سلام الله علیها حوراء انسیة و سیدة نساء اهل الجنّة.
وعند ما نطالع تأریخ حیاة سیدة النساء نرى أنها قد امتازت فی هذا المجال عن جمیع شخصیات العالم رجالًا و نساءً.
و من الأفضل أن نسمع هذا الحدیث من فم رسول اللَّه:
عن ابن عباس قال: کان النبىّ یکثر تقبیل فاطمة،
فقالت له عائشة: انک تکثر تقبیل فاطمة.
فقال: انّ جبرئیل لیلة أسرى بی أدخلنی الجنة فأطعمنی من جمیع ثمارها فصار ماءً فی صلبی فحملت خدیجة بفاطمة «فاذا اشتقت لتک الثمار قبلت فاطمة فأصبت من رائحتها جمیع تلک الثمار التی أکلتها»[1]
و قال النسفی و غیره: لمّا دخل النبیّ صلّى اللّه علیه وآله و سلّم الجنّة لیلة المعراج و رأى قصر خدیجة المتقدم ذکره أخذ جبریل تفاحة من شجر القصر و قال: یا محمّد کل هذه التفاحة فانّ اللّه تعالى یخلق منها بنتا تحمل بها خدیجة، ففعل فلما حملت خدیجة بفاطمة وجدت رائحة الجنّة تسعة أشهر، فلمّا وضعتها انتقلت الرائحة إلیها، فکان النبیّ صلّى اللّه علیه و سلّم إذا اشتقاق إلى الجنّة قبّل فاطمة، فلمّا کبرت قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و سلّم: یا ترى لمن هذه الحوراء؟ فجاءه جبرئیل و قال: إنّ اللّه یقرئک السلام و یقول لک: الیوم کان عقد فاطمة فی موطنها فی قصر امّها فی الجنّة الخاطب إسرافیل، و جبرئیل و میکائیل الشهود و الولی ربّ العزّة، و الزوج علیّ رضی اللّه عنه[2]
و جدیر بالذکر أنّ بعض الروایات قد نصت على فاکهة «التفاح»، کما هو فی کتاب «ذخائر العقبى» حیث ینقل «الطبری» حدیثاً للرسول عن جمع من الصحابة أنه قال: «لما أسرى بى أدخلنى جبریل الجنة فناولنى تفاحةً فأکلتها فصارت نطفةً فی ظهری فلما نزلت من السماء واقعت خدیجة. ففاطمة من تلک النطقة»[3]
و قد نقل فی حدیث آخر أن الرسول قد تناول فاکهة «السفرجل» عند مروره بالجنة لیلة المعراج. جاء ذلک فی «مستدرک الصحیحین» نقلًا عن «سعد بن مالک»[4]
و جاء فی حدیثٍ آخر أن الفاکهة التی تناولها الرسول کانت غیر معروفةٍ لأهل الدنیا، کما أنها کانت لذیذةً و عطرة النکهة حیث نقل «السیوطی» فی «الدرّ المنثور» عن الرسول أنه قال:
«لما أسرى بی الى السماء أدخلت الجنة فوقفت على شجرةٍ من أشجار الجنة لم أر فی الجنة أحسن منها و لا أبیض ورقاً و لا أطیب ثمرةً، فتناولت من ثمرتها، فأکلتها فصارت نطفة فی صلبی، فلما هبطت الى الارض واقعت خدیجة، فحملت بفاطمة، فاذا أنا اشتقت الى ریح الجنة شممت ریح فاطمة»[5]
و فی الواقع فانّ الحدیث الأول فی هذا الفصل یحوی و یفسر مجموع هذه الاحادیث، فطبقاً لما جاء فیه فان الرسول قد تناول من جمیع فواکه الجنة و أنَّ نطفة فاطمة قد انعقدت من عصارة تلک الثمار. هذا مع الاخذ بنظر الاعتبار أن الدنیا التی نعیشها تختلف عن عالم الجنة بقدرٍ تعجز معه ألفاظنا عن تبیان حقائقها، و ما نذکره عنها ما هو الّا اشارات مختصرة لما تتمتع بها.
على کلِّ حال فان حوراءً أنسیة بالمواصفات الخلقیة و الطبیعیة لاهل الجنة لابد و أن تکون نطفتها من عصارة فاکهة الجنة، و هذه ما امتازت به هذه السیدة على سائر نساء العالمین.
وایضا روایات کثیرة اخری دلّت علی هذا المقام من فاطمة الزهراء سلام الله علیها:
منها قول أبیها صلى الله علیه و آله و سلم: «فاطمة حوراء إنسیّة، کلّما اشتقتُ إلى الجنّة قبّلتها»[6]
أو قوله صلى الله علیه و آله و سلم: «ابنتی فاطمة حوراء آدمیّة»[7]
و قوله صلى الله علیه و آله و سلم: ان ابنتی فاطمة حوراء آدمیة لم تحض و لم تطمث، انما سماها فاطمة لان اللّه فطمها و محبیها عن النار[8]
أو قول أمّ أنس بن مالک: کانت فاطمة کالقمر لیلة البدر أو الشمس کفر غماماً- إذا خرج من السحاب- بیضاء مشربة حمرة، لها شعر أسود، من أشدّ الناس برسول اللَّه صلى الله علیه و سلم شبهاً[9] و لقبها الزهراء المتسالم علیه یکشف عن جلیّة الحال.
فهل کان فی تاریخ البشریة مثل هذا الوسام المشرف لغیر هذه السیدة؟
انها کانت من نساء الجنة، نفسها و خلقتها، قلبها و روحها، لونها و هیئتها، قولها و حدیثها، و غیر ذلک من صفات و میزات أهل الجنة، و خلاصة القول أنها سلام الله علیها من الجنة من رأسها الى أخمص قدمیها[10]
لا يوجد تعليق