الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
أشار الأستاذ أبو زهرة في مقام التمجيد بسجايا الإمام الصادق (عليه السلام) الأخلاقية إلى جملة من مكارمه (عليه السلام) في كتابه «الإمام الصادق (علیه السلام)» ونحن هنا نشير إلى بعضها:
اخلاص الإمام الصادق (علیه السلام):
وقد كتب أبو زهرة في هذا الخصوص: «قد اتصف الإمام الصادق التقي بنبل المقصد، وسمو الغاية، والتجرد في طلب الحقيقة عن كل هوى، أو عرض من أعراض الدنيا، فما طلب أمراً دنيوياً، وما طلب أمراً تتأشبه الشهوات، أو تحفّ به الشهوات، بل طلب الحقائق النيرة الواضحة، وطلب الحق لذات الحق لا يبغي به بديلاً، لا تلبس عليه الأمور، وإذا ورد أمر فيه شبهة هداه اخلاصه إلى لبّه....
وإن الإخلاص من مثل الصادق هو من معدنه، لأنه من شجرة النبوة، فأصل الإخلاص في ذلك البيت الطاهر ثابت،... فقد توارثوه خلفاً عن سلف، وفرعاً عن أصل، فكانوا يحبون الشيء لا يحبونه إلا لله، ويعتبرون ذلك من أصل الإيمان وظواهر اليقين، فقد قال النبي (صلى الله علیه وآله): «لا یؤمن أحدکم حتّى یحبّ الشيء الاّ لله...»(1).
سخاء الإمام الصادق (علیه السلام)
قال أبو زهرة في هذا الجانب: «قال كثيرون من المفسرين في قوله تعالى: (وَیُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْکِیناً وَیَتِیماً وَأَسِیراً)(2) إنها نزلت في علي بن ابي طالب (علیه السلام)،... وإنه من المؤكد أن علي بن أبي طالب(عليه السلام) كان من أسخى الصحابة بل كان من أسخى العرب، وقد كان أحفاده كذلك من بعده. فعلي زين العابدين (عليه السلام) كان يحمل الطعام ليلاً ليوزعه على بيوت ما عرفت خصاصتها....
ولم يكن غريباً أن يكون الإمام الصادق (عليه السلام) النابت في ذلك المنبت المكرم سخياً جواداً، فكان يعطي من يستحق العطاء، وكان يأمر بعض أتباعه بأن يمنع الخصومات بين الناس بتحمل ما يكون فيها من الخسائر، وكان عليه السلام يقول: «لا یتمّ المعروف الاّ بثلاثة: بتعجیله، وتصغیره وستره».
ولهذا كان يسرّ العطاء في أكثر الأحيان، وكان يفعل ما كان يفعله جده علي زين العابدين (عليه السلام). فكان إذا جاء الغلس يحمل جراباً فيه خبز ولحم ودراهم فيحمله على عاتقه، ثم يذهب إلى ذوي الحاجة من أهل المدينة ويعطيهم، وهم لا يعلمون من المعطي حتى مات، وتكشف ما كان مستوراً،... وجاء في حلية الأولياء: كان جعفر بن محمد يعطي حتى لا يبقي لعياله شيئاً»(3).
حلم وسماحة الإمام الصادق (علیه السلام)
وقال أبو زهرة في هذا الخصوص: «ولقد كان (عليه السلام) سمحاً كريماً لا يقابل الإساءة بمثلها، بل يقابلها بالتي هي أحسن عملاً بقوله تعالى: (اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذی بَیْنَکَ وَبَیْنَهُ عَداوَةٌ کَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِیمٌ)(4). وكان يقول: «اذا بلغک عن أخیک شيء یسؤک، فلا تغتم; فان کنت کما یقول القائل، کانت عقوبة قد عجلت، وان کنت على غیر ما یقول، کانت حسنة لم تعملها».
وكان رقيقاً مع كل من يعامله من عشراء وخدم ويروى في ذلك: أنه بعث غلاماً له في حاجة، فأبطأ، فخرج يبحث عنه، فوجده نائماً فجلس عند رأسه، وأخذ يروّح له حتى انتبه، فقال له: ما ذلك لك، تنام الليل والنهار، لك الليل ولنا النهار.
ويروى كذلك أنه كان إذا بلغه شتم له في غيبته يقوم ويتهيأ للصلاة ويصلي طويلاً، ثم يدعو ربه الا يؤاخذ الجاني، لأن الحق حقه، وقد وهبه للجاني... .
وروي عنه كذلك: «ما نقص مال من صدقة، وما زاد عبد بالعفو الاّ عزّا، ومن تواضع لله رفعه الله».
إن الحلم والتسامح خلق قادة الفكر، والدعاة إلى الحق، كما قال تعالى: (اُدْعُ إِلى سَبِیلِ رَبِّکَ بِالْحِکْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِي أَحْسَنُ)(5) وكما قال آمر نبيه وكل هاد: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِینَ)(6)(7).
لا يوجد تعليق