لله نوعان من الأولياء: الولیّ المعروف الذی یعرفه الناس، والولیّ المجهول الذی لا یعرفه الناس، وإن عاش معهم، واطلع على أحوالهم واخبارهم.
الامام المهدی (علیه السلام) کصاحب موسى، ولیّ الهي مجهول بنظر الناس، وان کان فی الوقت نفسه منشأ آثار کثیرة للأمة، وبعبارة أخرى ان لا أحد من الناس یعرفه وان انتفعوا بوجوده المبارک.
إن فلسفة الغيبة فلسفة متكاملة وعميقة على مستوى النظرية والتطبيق معاً، ولا يفهم هذه الفلسفة حق فهمها إلا المؤمنون السائرون على نهج أهل البيت(ع) في سلوكهم وفي فكرهم على حد سواء ، ومن أهم مفاصل هذه الفلسفة هو التمحيص وتحدث العملية التمحيصية باستعمال غربال خاص أشير إليه في روايات أهل البيت (ع): عن جعفر بن محمد قال: (والله لتمحصن، والله لتغربلن كما يغربل الزؤان من القمح) وهكذا شأن الناس في الغيبة فكلما طال أمد الغيبة أو أمتد زمانها كلما وقع من الغربال الزؤان من الناس، حتى يحصل الامتياز التام بين الخبيث والطيب ومثل الغربال في الغيبة هو الفتن، وهي امتحانات من الله تعالى للناس، إن المراحل التي تمر بها عملية الغربلة عبر العصور لابد أن تتمخض عن جماعة صالحة من المؤمنين الذين هم الحصيلة التاريخية التي تفرزها جولة الباطل في الدنيا ليكونوا قادة دولة الحق إلى قيام الساعة. وهنا نلحظ مفصل آخر من مفاصل فلسفة الغيبة إلا وهو انتظار الفرج، لأن انتظار الفرج هو من أبرز مقومات النجاح في التمحيص.
من الممكن إدراك سرّ الغيبة هذه في حدود فكرِنا البشريَّ وهذا السِرّ هو ما يلي: حيث
إنّ آخرَ حُجَّةٍ من حَجَج الله وآخر إمامٍ من أئِمة أهلِ البيت قد أرادَ اللهُ تعالى أن يُحقّق به الاَُمنيةَ الكبرى (وهي بسط العدل والقسط ورفع راية التوحيد على كل ربوع الاَرض) وهذا الهدف العظيم لا يمكن أن يَتحقق إلاّ بعد مرور ردح من الزمان، وإلاّ بعد تكاملِ العقلِ البَشَريّ وتهيّؤهِ الروحيِّ والنفسِيّ لذلك
كان باستطاعة خواص الشيعة أن يطرحوا أسئلتهم على الإمام الغائب ويحصلون على الأجوبة من خلال سفرائه الأربعة؛ وهم: عثمان بن سعيد العمري، ومحمد بن عثمان بن سعيد، وحسين بن روح، وعلي بن محمد السمري، ثم انتهت السفارة بوفاة السفير الرابع
إنّ وجود المهدي عليه السّلام عين خير ولطف من واهب العطيّة (فإن وجوده لطف و تصرفه لطف آخر)، والمؤمنون منتفعون به في الدارين معا و إن كان غائبا، کما فی حديث جابر عن النبي(ص) قال: (يا رسول اللّه فهل ينتفع الشيعة به في غيبته؟ فقال: أي والذي بعثني بالنبوة إنهم لينتفعون به ويستضيئون بنور ولايته كانتفاع الناس بالشمس؛ و إن جلله السحاب)