الجواب الاجمالي:
حسب الروايات المراد من الإمامة هو المعنى العام الشامل للمرجعية الدينية والسياسية كما ورد في الحديث المتفق عند الفريقين عن النبي(صلى الله عليه وآله): من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.
الجواب التفصيلي:
بعد مراجعة الروایات نقف على ان المراد من الامامة هو المعنى العام لها الذی یشمل المرجعیة الدینیة والمسائل السیاسیة وهنا نشیر الى بعض الروایات فی هذا الخصوص:
1 ـ فی الحدیث المشهور الذی یرویه ابناء السنة والشیعة عن النبی (صلى الله علیه وآله) جاء ان: «من مات ولم یعرف إمام زمانه مات میتة جاهلیة»(1)
ان هذا التعبیر قوی الدلالة حیث ان الناس فی زمن الجاهلیة کانوا مشرکین ولا یؤمنون بالتوحید والنبوة. ومن الواضح جداً ان معنى الامامة هنا بمعنى الولایة المعنویة حیث انها أحد ارکان الدین واصوله وعدم ایمان المرء بها یستوجب الموت على عهد الجاهلیة.
2 ـ جاء فی سیرة ابن هشام: «إن النبی (صلى الله علیه وآله) أتى بنی عامر بن صعصعة فدعاهم إلى الله عز وجل، وعرض علیهم نفسه، فقال له رجل منهم ویقال له بحیرة بن فراس قال : والله لو أنی أخذت هذا الفتى من قریش لأکلت به العرب، ثم قال : أرأیت إن نحن بایعناک على أمرک، ثم أظهرک الله على من خالفک أیکون لنا الأمر من بعدک ؟ قال : الأمر إلى الله یضعه حیث یشاء، فقال له : أفتهدف نحورنا للعرب دونک، فإذا أظهرک الله کان الأمر لغیرنا ! لا حاجة لنا بأمرک، فأبوا علیه»(2)
3 ـ فی حدیث عن الامام علی بن موسى الرضا (علیه السلام) لعبد العزیز بن مسلم: «... هل یعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فیجوز فیها اختیارهم، إن الإمامة أجل قدرا وأعظم شأنا وأعلا مکانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن یبلغها الناس بعقولهم، أو ینالوها بآرائهم، أو یقیموا إماما باختیارهم، إن الإمامة خص الله عز وجل بها إبراهیم الخلیل علیه السلام بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة، وفضیلة شرفه بها وأشاد بها ذکره، فقال : " إنی جاعلک للناس إماما " فقال الخلیل علیه السلام سرورا بها : " ومن ذریتی " قال الله تبارک وتعالى : " لا ینال عهدی الظالمین " . فأبطلت هذه الآیة إمامة کل ظالم إلى یوم القیامة وصارت فی الصفوة ثم أکرمه الله تعالى بأن جعلها فی ذریته أهل الصفوة والطهارة فقال : " ووهبنا له إسحاق و یعقوب نافلة وکلا جعلنا صالحین * وجعلناهم أئمة یهدون بأمرنا وأوحینا إلیهم فعل الخیرات وإقام الصلاة وإیتاء الزکاة وکانوا لنا عابدین " . فلم تزل فی ذریته یرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها الله تعالى النبی صلى الله علیه وآله، فقال جل وتعالى : " إن أولى الناس بإبراهیم للذین اتبعوه وهذا النبی والذین آمنوا والله ولی المؤمنین فمن ذا الذی یبلغ معرفة الامام، أو یمکنه اختیاره، هیهات هیهات، ضلت العقول، وتاهت الحلوم، وحارت الألباب، وخسئت العیون وتصاغرت العظماء، وتحیرت الحکماء، وتقاصرت الحلماء، وحصرت الخطباء، وجهلت الألباء، وکلت الشعراء، وعجزت الأدباء، وعییت البلغاء، عن وصف شأن من شأنه، أو فضیلة من فضائله، وأقرت بالعجز والتقصیر، وکیف یوصف بکله، أو ینعت بکنهه، أو یفهم شئ من أمره، أو یوجد من یقوم مقامه ویغنی غناه، لا کیف وأنى ؟ وهو بحیث النجم من ید المتناولین، ووصف الواصفین، فأین الاختیار من هذا ؟ وأین العقول عن هذا ؟ وأین یوجد مثل هذا ؟».»(3)
لا يوجد تعليق