الجواب الاجمالي:
خفت صوت أبی هریرة على عهد أمیر المؤمنین. واحتبى برد الخمول وکاد أن یرجع الى سیرته الاولى. حیث کان هیان بن بیان، وصلعمة بن قلعمة، قعد عن نصرة أمیر المؤمنین فلم ینضوا الى لوائه، بل کان وجهه ونصیحته الى أعدائه.
الجواب التفصيلي:
خفت صوت أبی هریرة على عهد أمیر المؤمنین. واحتبى برد الخمول وکاد أن یرجع الى سیرته الاولى. حیث کان هیان بن بیان، وصلعمة بن قلعمة، قعد عن نصرة أمیر المؤمنین فلم ینضوا الى لوائه، بل کان وجهه ونصیحته الى أعدائه.
وقد أرسله معاویة، مع النعمان بن بشیر ـ وکانا عنده فی الشام ـ الى علي علیه السلام یسألانه أن یدفع قتلة عثمان الى معاویة لیقیدهم بعثمان، وقد أراد معاویة بهذا أن یرجعا من عند علی الى الشام وهما لمعاویة عاذران ولعلی لائمان؛ علماً من معاویة أن علیاً لا یدفع قتلة عثمان الیه، فأراد أن یکون النعمان وأبو هریرة شاهدین له عند أهل الشام بذلک، وأن یظهرا للناس عذر معاویة فی قتال علی.
فقال لهما إئتیا علیاً فانشداه الله لما دفع الینا قتلة عثمان، فانه قد آواهم، ثم لا حرب بیننا وبینه، فان ابی فکونوا شهداء الله علیه، واقبلا على الناس فاعلماهم بذلک. فأتیا علیاً فدخلا علیه، فقال له أبو هریرة: یا أبا حسن إن الله قد جعل لک فی الاسلام فضلا وشرفاً، فأنت إبن عم محمد رسول الله صلى الله علیه واله وقد بعثنا إلیک إبن عمک یسألک أمراً تسکن به هذه الحرب، ویصلح الله به ذات البین أن تدفع إلیه قتلة إبن عمه عثمان فیقتلهم به ویجمع الله تعالى أمرک وأمره ویصلح بینکم وتسلم هذه الأمة من الفتنة والفرقة، ثم تکلم النعمان بنحو من هذا؛ فقال لهما: دعا الکلام فی هذا؛ حدثنی عنک یا نعمان، هل أنت أهدى قومک سبیلا؟ ـ یعنی الانصار ـ قال: لا. قال فکل قومک قد اتبعنی إلا شذاذ منهم ثلاثة أو أربعة أفتکون أنت من الشذاذ؟ قال النعمان: أصلحک الله إنما جئت لأکون معک وألزمک، وقد کان معاویة سألنی أن أؤدى هذا الکلام، ورجوت ان یکون لی موقف اجتمع فیه معک. وطمعت ان یجری الله تعالى بینکما صلحا فاذا کان رایک غیر ذلک فأنا ملازمک وکائن معک.
قال حفظة الآثار: أما أبو هریرة فلم یکلمه أمیر المؤمنین، فانصرف إلى الشام، فاخبر معاویة بالخبر فأمره معاویة أن یعلم الناس ففعل ذلک وعمل أعمالا ترضی معاویة.
وأقام النعمان بعده عند علی ثم خرج فاراً إلى الشام فأخبر أهلها بما لقى إلى آخر ما کان من هذه الواقعة (1).
وحین جد الجد، وحمى وطیس الحرب، ورد على أبی هریرة من الهول ما هزم فؤاده وزلزل اقدامه، وکان فی أول تلک الفتنة لا یشک بأن العاقبة ستکون لعلی. فضرب الأرض بذقنه، قابعاً فی زاویا الخمول یثبط الناس عن نصرة أمیر المؤمنین بما یحدثهم به سراً وکان مما قاله یومئذ: سمعت رسول الله صلى الله علیه واله یقول: ستکون فتنة؛ القاعد فیها خیر من القائم والقائم خیر من الماشی والماشی خیر من الساعی؛ ومن وجد ملجاً أو معاذاً فلیعذبه (2).
ولم یزل کذلک حتى خرجت الخوارج على أمیر المؤمنین واختلف الناس علیه فی العراق واستفحل أمر معاویة باستیلائه على مصر وقتله محمد بن أبی بکر، وعیثه فی بلاد أمیر المؤمنین، وشنه الغارات علیها، وبعثه بسراً فی ثلاثة آلاف الى الحجاز والیمن عیثاً فی الأرض وفساداً، وتنکیلا بعباد الله وتقتیلا ، وتحریقاً لهم وتمزیقاً، وانتهاکا لحرمات الله، وهتکا لإمائه وسبیاً لذراری المؤمنین من عباده؛ وعبرة للناظرین، ومثلا وأحدوثة فی الغابرین.
وفی ختام هذه الفظائع أخذ البیعة لمعاویة من أهل الحجاز والیمن عامة (3) فعندها باح أبو هریرة بما فی صدره، واستراح الى بسر بن أرطاة بمکنون سره، فوجد بسرمنه اخلاصاً لمعاویة. ونصحاً فی أخذ البیعة له من الناس، فولاه على المدینة (4) حین انصرف عنها وامر أهلها بطاعته؛ ولم یزل بعدها یصلی بهم ویرى لنفسه الولایة علیهم، حتى جاءهم جاریة بن قدامة السعدی من قبل أمیر المؤمنین فی الفی فارس وأبو هریرة یصلی فی الناس، فهرب من وجهه، فقال جاریة: (5) لو وجدت أبا سنور لقتلته.
وبلغ جاریة ـ وهو فی الحجاز ـ استشهاد أمیر المؤمنین فی الکوفة فأخذ البیعة من أهل المدینة للامام السبط أبی محمد الحسن الزکی المجتبى علیه السلام، ثم عاد الى الکوفة فرجع أبو هریرة یصلی بالناس (6) واستفحل بعدها امره حیث انتهى الامر الى معاویة(7)
لا يوجد تعليق