الجواب الاجمالي:
لم يكن المختار إلاّ رجلا أبلى في سبيل قضيّته أحسن البلاء ، فعمل اعداؤه على محاربته من خلال وضع التهم والاكاذيب عليه ، ولما كان خصومه هم الغالبون ، وقد امتد نفوذهم بعده ، فمن الطبيعي ان تصاغ هذه الاكاذيب في روايات مسندة ، لتدخل التاريخ بوجه مشروع حين يكون منهج المؤرخ هو جمع الاخبار ، دون التحقيق والتمحيص فيها ، أو بوجه غير مشروع حين تلتقي مع هوى المؤرخ ، او تعينه على نصرة الاتجاه الذي يميل اليه ، او التنكيل بالاتجاه الذي يميل عنه .
الجواب التفصيلي:
الرّوایات الذّامة فهی کما يلی:
1. محمد بن الحسن، وعثمان بن حامد قالا: حدثنا محمد بن یزداد الرازی، عن محمد بن الحسین بن أبی الخطاب، عن عبد الله المزخرف، عن حبیب الخثعمی عن
أبی عبد الله (ع) قال: «کان المختار یکذب على علی بن الحسین (ع)»(1)
2. جبرئیل بن أحمد حدثنی العبیدی قال: حدثنی محمد بن عمرو، عن یونس بن یعقوب، عن أبی جعفر (ع) قال: کتب المختار بن أبی عبیدة إلى علی بن الحسین (ع )و بعث إلیه بهدایا من العراق، فلما وقفوا على باب علی بن الحسین دخل الآذن یستأذن لهم فخرج إلیهم رسوله فقال: «أمیطوا عن بابی فإنی لا أقبل هدایا الکذابین، ولا أقرأ کتبهم»، فمحوا العنوان وکتبوا المهدی (إلیه) محمد بن علی فقال أبو جعفر(ع): والله لقد کتب إلیه بکتاب ما أعطاه فیه شیئا إنما کتب إلیه یا بن خیر من طشى ومشى.
فقال أبو بصیر لأبی جعفر (ع) أمّا المشی فأنا أعرفه فأی شیء الطشی؟ فقال أبو جعفر: الحیاة(2)
3. محمد بن مسعود قال: حدثنی ابن أبی علی الخزاعی قال: (حدثنی) خالد بن یزید العمری، عن الحسن بن زید، عن عمر بن علی: أن المختار أرسل إلى علی بن الحسین (ع) بعشرین ألف دینار فقبلها، وبنى بها دار عقیل بن أبی طالب ودارهم التی هدمت.
قال: ثم إنه بعث إلیه بأربعین ألف دینار بعد ما أظهر الکلام الذی أظهره، فردها ولم یقبلها، والمختار هو الذی دعا الناس إلى محمد بن علی بن أبی طالب بن الحنفیة وسموا الکیسانیة، وهم المختاریة وکان لقبه کیسان ولقب بکیسان لصاحب شرطته المکنى أبا عمرة، وکان اسمه کیسان(3)
و هذه الروایات ضعیفة الأسناد جدا، على أن الثانیة منهما فیها تهافت وتناقض ولو صحت فهی لا تزید على الروایات الذامة الواردة فی حق زرارة ومحمد بن مسلم وبرید وأضرابهم.
4. وروى الصدوق (قدس سره) مرسلا أن الحسن (س) لما صار فی مظلم ساباط، ضربه أحدهم بخنجر مسموم، فعمل فیه الخنجر، فأمر(ع) أن یعدل به إلى بطن جریحی، وعلیها عم المختار بن أبی عبیدة مسعود بن قیلة فقال المختار لعمه: تعال حتى نأخذ الحسن ونسلمه إلى معاویة فیجعل لنا العراق فنظر بذلک الشیعة من قول المختار لعمه، فهموا بقتل المختار فتلطف عمه لمسألة الشیعة بالعفو عن المختار ففعلوا(4)
و هذه الروایة لإرسالها غیر قابلة للاعتماد علیها، على أن لو صحت لأمکن أن یقال إن طلب المختار هذا لم یکن طلبا جدیا وإنما أراد بذلک أن یستکشف رأی عمه، فإن علم أن عمه یرید ذلک لقام باستخلاص الحسن ع، فکان قوله هذا شفقة منه على الحسن (ع).
و قد ذکر بعض الأفاضل أنه وجد روایة بذلک عن المعصوم (ع).
5. نعم رویت روایة صحیحة وفیها کان أبو عبد الله الحسین بن علی (علیهما السلام ) قد ابتلی بالمختار وقد ذکر فی تلک الروایة رسول الله (ص) والأئمة الأطهار (س) وأن کلا منهم کان مبتلى بکذاب یکذب علیه.
سعد بن عبد الله، قال حدثنی محمد بن خالد الطیالسی، عن عبد الرحمن بن أبی نجران، عن ابن سنان، قال، قال أبو عبد الله (ع): « إنا أهل بیت صادقون لا نخلو من کذاب یکذب علینا فیسقط صدقنا بکذبه علینا عند الناس، کان رسول الله (ص) أصدق البریة لهجة وکان مسیلمة یکذب علیه، وکان أمیر المؤمنین (ع) أصدق من برأ الله من بعد رسول الله (ص)، وکان الذی یکذب علیه ویعمل فی تکذیب صدقه بما یفتری علیه من الکذب عبد الله بن سبإ لعنه الله، وکان أبو عبد الله الحسین بن علی (ع) قد ابتلى بالمختار، ثم ذکر أبو عبد الله الحارث الشامی وبیان، فقال، کانا یکذبان على علی بن الحسین (ع) ثم ذکر المغیرة بن سعید وبزیعا والسری وأبا الخطاب ومعمرا وبشارا الأشعری وحمزة البربری وصائد النهدی، فقال لعنهم الله إنا لا نخلو من کذاب أو عاجز الرأی، کفانا الله مؤنة کل کذاب وأذاقهم الله حر الحدید»(5)
و لکن هذه الروایة لعل فیها تحریفا، فإن المختار بن أبی عبیدة کان فی الکوفة، والحسین بن علی (ع) کان بالمدینة ولم ینقل ولا بخبر ضعیف کذب من المختار بالنسبة إلى الحسین(ع) وغیر بعید أن المختار الذی کان یکذب على الحسین (ع) أن یکون رجلا آخر غیر المختار بن أبی عبیدة.
و قال المجلسی (قدس سره): قال جعفر بن نما (جعفر ابن نما الحلی م 680 ): اعلم أن کثیرا من العلماء لا یحصل لهم التوفیق بفطنة توقفهم على معانی الأخبار ولا رؤیة تنقلهم من رقدة الغفلة إلى الاستیقاظ ولو تدبروا أقوال الأئمة فی مدح المختار لعلموا أنه من السابقین المجاهدین الذین مدحهم الله تعالى جل جلاله فی کتابه المبین ودعاء زین العابدین (ع) للمختار دلیل واضح وبرهان لائح، على أنه عنده من المصطفین الأخیار ولو کان على غیر الطریقة المشکورة ویعلم أنه مخالف له فی اعتقاده لما کان یدعو له دعاء لا یستجاب ویقول فیه قولا لا یستطاب وکان دعاؤه (ع) له عبثا والإمام منزه عن ذلک وقد أسلفنا من أقوال الأئمة فی مطاوی الکتاب ( ذوب النضار فی شرح آخذ الثار) تکرار مدحهم له ونهیهم عن ذمة ما فیه غنیة لذوی الأبصار وبغیة لذوی الاعتبار وإنما أعداؤه عملوا له مثالب لیباعدوه عن قلوب الشیعة، کما عمل أعداء أمیر المؤمنین (ع) له مساوی وهلک بها کثیر ممن حاد عن محبته وحال عن طاعته، فالولی له (ع) لم تغیره الأوهام ولإباحته تلک الأحلام بل کشفت له عن فضله المکنون وعلمه المصون.
فعمل فی قضیة المختار ما عمل مع أبی الأئمة الأطهار...(6).(7)
1. محمد بن الحسن، وعثمان بن حامد قالا: حدثنا محمد بن یزداد الرازی، عن محمد بن الحسین بن أبی الخطاب، عن عبد الله المزخرف، عن حبیب الخثعمی عن
أبی عبد الله (ع) قال: «کان المختار یکذب على علی بن الحسین (ع)»(1)
2. جبرئیل بن أحمد حدثنی العبیدی قال: حدثنی محمد بن عمرو، عن یونس بن یعقوب، عن أبی جعفر (ع) قال: کتب المختار بن أبی عبیدة إلى علی بن الحسین (ع )و بعث إلیه بهدایا من العراق، فلما وقفوا على باب علی بن الحسین دخل الآذن یستأذن لهم فخرج إلیهم رسوله فقال: «أمیطوا عن بابی فإنی لا أقبل هدایا الکذابین، ولا أقرأ کتبهم»، فمحوا العنوان وکتبوا المهدی (إلیه) محمد بن علی فقال أبو جعفر(ع): والله لقد کتب إلیه بکتاب ما أعطاه فیه شیئا إنما کتب إلیه یا بن خیر من طشى ومشى.
فقال أبو بصیر لأبی جعفر (ع) أمّا المشی فأنا أعرفه فأی شیء الطشی؟ فقال أبو جعفر: الحیاة(2)
3. محمد بن مسعود قال: حدثنی ابن أبی علی الخزاعی قال: (حدثنی) خالد بن یزید العمری، عن الحسن بن زید، عن عمر بن علی: أن المختار أرسل إلى علی بن الحسین (ع) بعشرین ألف دینار فقبلها، وبنى بها دار عقیل بن أبی طالب ودارهم التی هدمت.
قال: ثم إنه بعث إلیه بأربعین ألف دینار بعد ما أظهر الکلام الذی أظهره، فردها ولم یقبلها، والمختار هو الذی دعا الناس إلى محمد بن علی بن أبی طالب بن الحنفیة وسموا الکیسانیة، وهم المختاریة وکان لقبه کیسان ولقب بکیسان لصاحب شرطته المکنى أبا عمرة، وکان اسمه کیسان(3)
و هذه الروایات ضعیفة الأسناد جدا، على أن الثانیة منهما فیها تهافت وتناقض ولو صحت فهی لا تزید على الروایات الذامة الواردة فی حق زرارة ومحمد بن مسلم وبرید وأضرابهم.
4. وروى الصدوق (قدس سره) مرسلا أن الحسن (س) لما صار فی مظلم ساباط، ضربه أحدهم بخنجر مسموم، فعمل فیه الخنجر، فأمر(ع) أن یعدل به إلى بطن جریحی، وعلیها عم المختار بن أبی عبیدة مسعود بن قیلة فقال المختار لعمه: تعال حتى نأخذ الحسن ونسلمه إلى معاویة فیجعل لنا العراق فنظر بذلک الشیعة من قول المختار لعمه، فهموا بقتل المختار فتلطف عمه لمسألة الشیعة بالعفو عن المختار ففعلوا(4)
و هذه الروایة لإرسالها غیر قابلة للاعتماد علیها، على أن لو صحت لأمکن أن یقال إن طلب المختار هذا لم یکن طلبا جدیا وإنما أراد بذلک أن یستکشف رأی عمه، فإن علم أن عمه یرید ذلک لقام باستخلاص الحسن ع، فکان قوله هذا شفقة منه على الحسن (ع).
و قد ذکر بعض الأفاضل أنه وجد روایة بذلک عن المعصوم (ع).
5. نعم رویت روایة صحیحة وفیها کان أبو عبد الله الحسین بن علی (علیهما السلام ) قد ابتلی بالمختار وقد ذکر فی تلک الروایة رسول الله (ص) والأئمة الأطهار (س) وأن کلا منهم کان مبتلى بکذاب یکذب علیه.
سعد بن عبد الله، قال حدثنی محمد بن خالد الطیالسی، عن عبد الرحمن بن أبی نجران، عن ابن سنان، قال، قال أبو عبد الله (ع): « إنا أهل بیت صادقون لا نخلو من کذاب یکذب علینا فیسقط صدقنا بکذبه علینا عند الناس، کان رسول الله (ص) أصدق البریة لهجة وکان مسیلمة یکذب علیه، وکان أمیر المؤمنین (ع) أصدق من برأ الله من بعد رسول الله (ص)، وکان الذی یکذب علیه ویعمل فی تکذیب صدقه بما یفتری علیه من الکذب عبد الله بن سبإ لعنه الله، وکان أبو عبد الله الحسین بن علی (ع) قد ابتلى بالمختار، ثم ذکر أبو عبد الله الحارث الشامی وبیان، فقال، کانا یکذبان على علی بن الحسین (ع) ثم ذکر المغیرة بن سعید وبزیعا والسری وأبا الخطاب ومعمرا وبشارا الأشعری وحمزة البربری وصائد النهدی، فقال لعنهم الله إنا لا نخلو من کذاب أو عاجز الرأی، کفانا الله مؤنة کل کذاب وأذاقهم الله حر الحدید»(5)
و لکن هذه الروایة لعل فیها تحریفا، فإن المختار بن أبی عبیدة کان فی الکوفة، والحسین بن علی (ع) کان بالمدینة ولم ینقل ولا بخبر ضعیف کذب من المختار بالنسبة إلى الحسین(ع) وغیر بعید أن المختار الذی کان یکذب على الحسین (ع) أن یکون رجلا آخر غیر المختار بن أبی عبیدة.
و قال المجلسی (قدس سره): قال جعفر بن نما (جعفر ابن نما الحلی م 680 ): اعلم أن کثیرا من العلماء لا یحصل لهم التوفیق بفطنة توقفهم على معانی الأخبار ولا رؤیة تنقلهم من رقدة الغفلة إلى الاستیقاظ ولو تدبروا أقوال الأئمة فی مدح المختار لعلموا أنه من السابقین المجاهدین الذین مدحهم الله تعالى جل جلاله فی کتابه المبین ودعاء زین العابدین (ع) للمختار دلیل واضح وبرهان لائح، على أنه عنده من المصطفین الأخیار ولو کان على غیر الطریقة المشکورة ویعلم أنه مخالف له فی اعتقاده لما کان یدعو له دعاء لا یستجاب ویقول فیه قولا لا یستطاب وکان دعاؤه (ع) له عبثا والإمام منزه عن ذلک وقد أسلفنا من أقوال الأئمة فی مطاوی الکتاب ( ذوب النضار فی شرح آخذ الثار) تکرار مدحهم له ونهیهم عن ذمة ما فیه غنیة لذوی الأبصار وبغیة لذوی الاعتبار وإنما أعداؤه عملوا له مثالب لیباعدوه عن قلوب الشیعة، کما عمل أعداء أمیر المؤمنین (ع) له مساوی وهلک بها کثیر ممن حاد عن محبته وحال عن طاعته، فالولی له (ع) لم تغیره الأوهام ولإباحته تلک الأحلام بل کشفت له عن فضله المکنون وعلمه المصون.
فعمل فی قضیة المختار ما عمل مع أبی الأئمة الأطهار...(6).(7)
لا يوجد تعليق