الجواب الاجمالي:
هناك أمور أوصى بها الشارع المقدس والسنة الشريفة لها تأثير مباشر على مقدرات العباد كالصدقة والاستغفار والدعاء وصلة الرحم، کما أنّ للأعمال الصالحة أثراً فی المصیر وحسن العاقبة، وشمول الرحمة وزیادة العمر وسعة الرزق، کذلک الأعمال الطالحة والسیّئات لها من التأثیر المعاکس الذی لا یخفى على أحد فی مسیرة حیاة الإنسان. عن رسول الله صلى الله علیه وآله: «لا تزال أُمّتی بخیر ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنکر و تعاونوا على البرّ، فإذا لم یفعلوا ذلک نزعت منهم البرکات، وسلّط بعضهم على بعض، و لم یکن لهم ناصر فی الأرض و لا فی السماء»
الجواب التفصيلي:
الأحادیث التی تدلّ على هذا المطلب فکثیرة جدّاً مبعثرة فی کتب الحدیث تحت مواضیع مختلفة مثل الصدقة والاستغفار والدعاء وصلة الرحم، وما أشبه ذلک، وسنذکر فیما یلی نماذج مختلفة من الأحادیث الدالّة على هذه المطالب :
ألف- الصدقة و أثرها فی دفع البلاء :
روى الصدوق فی الخصال عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله علیه و آله: «أکثر من صدقة السرِّ؛ فإنّها تُطفئ غضب الربِّ جلّ جلاله».
وروى فی عیون الأخبار عن الرضا عن آبائه علیهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله علیه و آله: «باکروا بالصدقة، فمن باکر بها لم یتخطّاها البلاء».
وروى الشیخ الطوسی فی أمالیه عن الباقر علیه السلام قال: «قال أمیرالمؤمنین علیه السلام: أفضل ما توسّل به المتوسّلون الإیمان بالله، و صدقة السرِّ؛ فإنّها تذهب الخطیئة، وتطفئ غضب الرب، وصنائعُ المعروف؛ فإنّها تدفع میتة السوء، وتقی مصارع الهوان».
وروى الصدوق فی ثواب الأعمال عن الصادق علیه السلام: قال: «الصدقة بالید تدفع میتة السوء، و تدفع سبعین نوعاً من أنواع البلاء».
إلى غیر ذلک من الروایات المتعدّدة و التی یضیق المجال بذکرها، و للمستزید الرجوع إلى کتاب بحار الأنوار للعلّامة المجلسی ضمن أبواب الزکاة و الصدقة وغیرها(1)
ب- أثر الاستغفار فی الرزق:
روى الصدوق فی الخصال عن أمیر المؤمنین علیه السلام قال: «الاستغفار یزید فی الرزق».
وروى أیضاً عن أمیر المؤمنین علیه السلام: «أکثروا الاستغفار؛ تجلبوا الرزق»(2)
ج- الدعاء و آثاره:
روى الحمیری فی قرب الإسناد عن الصادق علیه السلام: «إنّ الدعاء یردّ القضاء، و إنّ المؤمن لیأتی الذنب فیحرم به الرزق»(3)
وروى أیضاً عنه علیه السلام: قال: قال رسول الله صلى الله علیه و آله: «داووا مرضاکم بالصدقة، وادفعوا أبواب البلاء بالدعاء».
وروى الصدوق عن أمیر المؤمنین علیه السلام: «ادفعوا أمواج البلاء عنکم بالدعاء قبل ورود البلاء»(4)
قد عقد الکلینی فی الکافی باباً أسماه «إنّ الدعاء یردّ البلاء و القضاء» و من جملة أحادیث هذا الباب: روی عن حمّاد بن عثمان قال: سمعته یقول: «إنّ الدعاء یردّ القضاء؛ ینقضه کما ینقض السلک وقد أُبرم إبراماً»(5)
وروى عن أبی الحسن موسى علیه السلام: «علیکم بالدعاء؛ فإنّ الدعاء للَّهو الطلب إلى الله یردّ البلاء و قد قدّر وقضى و لم یبق إلّاإمضاؤه، فإذا دعی الله عزّ وجلّ وسئل، صرف البلاء صرفة»(6)
ومن طرق العامّة:
فقد أخرج الحاکم عن ابن عباس- رضی الله عنه- قال: «لا ینفع الحذر عن القدر، ولکن الله یمحو بالدعاء ما یشاء من القدر».
قال: وأخرج ابن أبی شیبة فی المصنّف، و ابن أبی الدنیا فی الدعاء عن ابن مسعود- رضی الله عنه- قال: ما دعا عبد بهذه الدعوات إلّاوسّع الله له فی معیشته : «یا ذا المنّ و لا یمنّ علیه، یا ذا الجلال و الإکرام، یاذا الطول، لا إله إلّا أنت ظهر اللّاجین وجار المستجیرین، و مأمن الخائفین، إن کنت کتبتنی عندک فی أُمّ الکتاب شقیاً فامح عنّی اسم الشقاء و أثبتنی عندک سعیداً، و إن کنت کتبتنی عندک فی أُمّ الکتاب محروماً، مقتّراً على رزقی، فامح حرمانی، و یسّر رزقی، وأثبتنی عندک سعیداً موفّقاً للخیر، فإنّک تقول فی کتابک الذی أنزلت: یمحوا الله ما یشاء و یثبت و عنده أُمّ الکتاب(7)
وروى أیضاً فی الدر المنثور فی تفسیر قوله تعالى: یسألُهُ من فی السموات ما یقرب من هذا، فلاحظ(8)
د- أثر صلة الرحم:
روى الکلینی عن أبی الحسن الرضا قال: «یکون الرجل یصل رحمه فیکون قد بقی من عمره ثلاث سنین، فیصیّرها الله ثلاثین سنة، و یفعل الله ما یشاء»(9)
وروى أیضاً عن أبی جعفر قال: «صلة الأرحام تزکّی الأعمال، و تنمی الأموال و تدفع البلوى ، و تیسّر الحساب، و تنسئ فی الآجال»(10)
ومن طرق العامّة :
وردت روایات متعدّدة فی هذا المنحى، نکتفی منها بما رواه السیوطی فی الدر المنثور عن علیّ رضى الله عنه: أنّه سأل رسول الله صلى الله علیه و آله عن هذه الآیة: یَمْحُوا الله ، فقال له: «لأقرّن عینیک بتفسیرها، و لأقرّنَّ عین أُمّتی بعدی بتفسیرها: الصدقة على وجهها، و برّ الوالدین، و اصطناع المعروف یحوّل الشقاء سعادة، و یزید فی العمر، و یقی مصارع السوء»(11)
و کما أنّ للأعمال الصالحة أثراً فی المصیر وحسن العاقبة، وشمول الرحمة وزیادة العمر وسعة الرزق، کذلک الأعمال الطالحة والسیّئات لها من التأثیر المعاکس الذی لا یخفى على أحد فی مسیرة حیاة الإنسان.
و یدلّ على ذلک من الآیات قوله سبحانه:
و ضَرَبَ الله مَثَلًا قَرْیَةً کَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً یَأْتِیها رِزْقُها رَغَداً مِن کُلِّ مَکَانٍ فَکَفَرتْ بِأَنْعُمِ الله فَأَذَاقَها الله لِباسَ الجُوعِ و الخَوفِ بِمَا کانُوا یَصْنَعُونَ(12)
و قال سبحانه: ذَلِکَ بِأَنَّ الله لَمْ یَکُ مُغَیِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى یُغَیِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ و انَّ الله سَمِیعٌ عَلِیمٌ(13)
و قال سبحانه: وَ لَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِینَ وَ نَقْصٍ مِنَ الَّثمَراتِ لَعَلَّهُمْ یَذَّکَّرُونَ(14)
أمّا الروایات فی ذلک فحدّث عنها و لاحرج منها ما روی عن أمیر المؤمنین علیّ علیه السلام عندما قال فی خطبة له: «أعوذ بالله من الذنوب التی تعجّل الفناء» فقام إلیه عبد الله بن الکوّاء الیشکری، فقال: یا أمیر المؤمنین أوَ تکون ذنوب تعجّل الفناء؟
فقال: «نعم ویلک! قطیعة الرحم». و قال أیضاً: «إذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال فی أیدی الأشرار»(15)
وقد وردت فی الآثار الوضعیة للأعمال روایات یطول الکلام بنقلها فلاحظ ما ورد فی الزنا من أنّ فیه ستّ خصال ثلاث منها فی الدنیا و ثلاث منها فی الآخرة، أمّا التی فی الدنیا فیذهب بالبهاء و یعجّل الفناء و یقطع الرزق(16)
وأیضاً ما ورد فی ترک الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، مثل ما روی عن أبی الحسن الرضا علیه السلام من أنّه قال: «لتأمرُنّ بالمعروف و لتنهنّ عن المنکر، أو لتستعملنّ علیکم شرارکم، فیدعو خیارکم فلا یستجاب لهم»(17)
وعن أمیر المؤمنین علیه السلام قال: «إنّهم لمّا تمادوا فی المعاصی و لم ینههم الربّانیون و الأحبار نزلت بهم العقوبات»(18)
ورد عن رسول الله صلى الله علیه وآله: «لا تزال أُمّتی بخیر ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنکر و تعاونوا على البرّ، فإذا لم یفعلوا ذلک نزعت منهم البرکات، وسلّط بعضهم على بعض، و لم یکن لهم ناصر فی الأرض و لا فی السماء»(19)
إلى غیر ذلک من درر الکلمات التی نقلت عن معادنها.
فقد تحصّل ممّا ذکرنا: أنّ لأفعال العباد تأثیراً فی حسن العاقبة وسوئها، و نزول الرحمة و البرکة، أو العقاب و النقمة(20)
لا يوجد تعليق