الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
إن من المهم قبل دراسة الموقف الفکرى الغربى من النبى- صلّى اللّه علیه و سلم- أن نبین أن الغرب لیس کیانا واحدا فیما یتعلق بالسیاسات و طبائع الشعوب، و مواقف الدول من العالم العربى و الإسلامى. کما أن الغرب لیس کیانا واحدا أیضا فیما یتعلق باهتماماته الدینیة و مدى اقترابه أو ابتعاده عن دعوة و رسالة نبى اللّه عیسى- علیه السّلام-. فلیس کل الغرب متدینا و لیس کل الغرب علمانیا أیضا، و هناک فوارق کبیرة بین المدارس و المذاهب الدینیة المختلفة داخل المسیحیة فى الغرب.
لکن رغم کل هذا التباین و الاختلاف فى السیاسات و الطبائع و التوجهات، إلا أن الغرب یکاد یکون کیانا واحدا عند ما یتعلق الأمر بالجوانب الفکریة المتعلقة بعلاقاته مع الحضارات الآخرى و الدیانات التى تختلف عن دیانات الغرب. فرغم تعدد المدارس الفلسفیة و الفکریة فى الغرب، إلا أن هناک قدرا مشترکا و واضحا من المفاهیم الفکریة الأساسیة عندما یتعلق الأمر بالرؤى المقابلة حول مستقبل البشریة و هدف الإنسان من الحیاة على الأرض. لذلک فإن من الممکن أن یتم الحدیث عن الغرب بوصفه کیانا واحدا عندما یتعلق الأمر بالحیاة الفکریة الغربیة فى مقابل الحضارات الآخرى خصوصا فی مقابل الاسلام[1]
لوحظ فى السنوات الأخیرة ارتفاع نبرة الإساءة إلى الإسلام و الهجوم على رموزه فى الأوساط الثقافیة و الفکریة بل و السیاسیة فى الغرب. قد یظن کثیر من المسلمین أن العدوان الغربى على الإسلام و تشویه صورة الرسول محمد- علیه الصلاة و السلام- و اختراع صورة بشعة و معاکسة لحقیقة دین الإسلام و نبیه من طرف وسائل الإعلام فى الغرب، لا سیما فى أمریکا، من جانب رؤساء بعض الکنائس الإنجیلیة أمر جدید حدث بعد هجمات الحادى عشر من سبتمبر 2001 م و قیام الحرب الصلیبیة المقنّعة الجدیدة التى تقودها الولایات المتحدة ضد الإسلام و المسلمین تحت قناع «الحرب على الإرهاب و إزالة أسلحة الدمار الشامل».
و الحق أن هذا العدوان الإعلامى الشرس و تصویر الإسلام و نبیه علیه الصلاة و السلام فى صورة مغایرة بالغة البشاعة و معاکسة تماما، لیست جدیدة، بل هى: عقیدة غربیة موروثة تشکلت و نمت خلال ثمانیة قرون منذ القرن الأول و حتى نهایة القرن الثامن الهجرى.
و انتقلت هذه العقیدة کاملة متماسکة عبر القرون لتصل إلى القرون الحدیثة و المعاصرة. و أصبحت أشبه بالمستنقع الآسن العفن الذى تغرف منه وسائل الإعلام الغربیة و بعض رجال الدین الأنجیلیین فى أمریکا، و ینشرونها عبر وسائلهم المختلفة[2]
مع هذا وجد بعض من عرفوا الحق فأذاعه اللّه تعالى على ألسنتهم نذکر بعضهم:
1) کارل مارکس:
إن محمدا أعظم عظاماء العالم، و الدین الذى جاء به أکمل الأدیان.
هذا النبى افتتح برسالته عصرا للعلم والنور والمعرفة، حرى أن تدون أقواله و أفعاله بطریقة علمیة خاصة، و بما أن هذه التعالیم التى قام بها هى وحى فقد کان علیه أن یمحو ما کان متراکما من الرسالات السابقة من التبدیل والتحویر[3]
2) لیوتولستوى:
إنما محمد شهاب قد أضاء العالم، ذلک فضل اللّه یؤتیه من یشاء.ولا یوجد فى تاریخ الرسالات کتاب بقى بحروفه کاملا دون تحویر سوى القرآن الذى نقله محمد.
3) غوته
یخاطب الشاعر غوته أستاذه الروحى الشاعر الکبیر حافظ شیرازى فیقول: «یا حافظ إن أغانیک لتبعث السکون ... إننى مهاجر إلیک بأجناس البشریة المحطمة، بهم جمیعا أرجوک أن تأخذنا فى طریق الهجرة إلى المهاجر الأعظم محمد بن عبد اللّه».
لما بلغ غوته السبعین من عمره، أعلن على الملأ أنه یعتزم أن یحتفل فى خشوع بتلک اللیلة المقدسة التى أنزل فیها القرآن الکریم على النبى محمد- صلّى اللّه علیه و سلم.
قال ایضا: أنا واحد من المبهورین بالنبى محمد الذى اختاره اللّه الواحد لتکون آخر الرسالات على یدیه، و لیکون هو أیضا آخر الأنبیاء.
4) لامارتین:
محمد نبى حقیقى بمعنى الکلمة، و لا یمکننا بعد إنکار أن محمدا هو المرشد القائد إلى طریق النجاة.
5) عالم اللاهوت السویسرى د. هانز کونج:
بحثت فى التاریخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان، فوجدته فى النبى العربى محمد- صلّى اللّه علیه و سلم-.
6) الشاعر الفرنسى لامارتین:
أى رجل أدرک من العظمة الإنسانیة مثلما أدرک محمد، و أى إنسان بلغ من مراتب الکمال مثل ما بلغ، لقد هدم الرسول المعتقدات الباطلة التى تتخذ واسطة بین الخالق و المخلوق.
محمد نبى حقیقى بمعنى الکلمة، و لا یمکننا بعد إنکار أن محمدا هو المرشد القائد إلى طریق النجاة.
7) الدکتور إیرنبرج أستاذ فى جامعة أوسلو:
لا أجد صعوبة فى قبول أن القرآن کلام اللّه، فإن أوصاف الجنین فى القرآن لا یمکن بناؤها على المعرفة العلمیة للقرن السابع، الاستنتاج الوحید المعقول هو أن هذه الأوصاف قد أوحیت إلى محمد من اللّه.
8) البروفیسور یوشیودى کوزان- مدیر مرصد طوکیو:
أعظم حدث فى حیاتى هو أننى درست حیاة رسول اللّه محمد دراسة وافیة، و أدرکت ما فیها من عظمة و خلود.
باطلاعنا على ما قیل فى النبى- صلّى اللّه علیه و سلم- من طرف المفکرین و المستشرقین و الفلاسفة الغربیین المنصفین نجد أن هؤلاء یمثلون کبار مفکرى الغرب و أعمدة الفکر و الفلسفة فیه، و قد حاولوا الوقوف على عظمة الرسول الکریم- صلّى اللّه علیه و سلم-، منبهرین بشخصیته العظیمة و نبل أخلاقه و طهارة حیاته و خلوها من کل ما یثلم أخلاقه القرآنیة، و البعض منهم اکتفى بوضع شخصیة نبى الإسلام فى إطارها الحقیقى الذى یعرفه المسلمون أجمع، دون أن یلمس الإسلام و دعوته شغاف قلوبهم، و البعض الآخر ممن ظلوا بعیدین عن الإسلام تعرضوا للشخصیة العامة للنبى کواحد من الأبطال و العباقرة الذین أثروا فى مسیرة التاریخ، لکن فئة من هؤلاء کان اطلاعهم على خصائص شخصیة الرسول- صلّى اللّه علیه و سلم- و فضائلها مدخلا إلى البحث فى الإسلام، و من ثم إلى إعلان إسلامهم على الملأ[4]
لا يوجد تعليق