تخمين زمن المطالعة:1 الدقيقة
135/ ما المقصود بخلق السموات والأرض في ستّة أيام ؟
الخلاصة : الجواب :
إن هذا السؤال يتضمن شقّين : الشقّ الأول : تعيين المراد من الستة أيام ، في حين ليس ثمة وجود لليوم والليلة في بداية الخلقة ؟
والجواب عن هذا الشقّ من السؤال هو أن للفظ "يوم" معاني عدّة يتمّ تحديدها من خلال سياق الجملة الوارد فيها ، وعادةً ما يستعمل في معناه المشهور المقابل ﻟ "الليل" ، وهو ما ورد کثيراً في القرآن الکريم ؛ لکنّه يستعمل أحياناً بمعنى "العصر والعهد" أي مرحلة زمنية خاصة ، بحيث لو کان لشيءٍ ما مراحل زمنية متعددة يطلق على کل واحدة منها لفظ "يوم" .
فعلى سبيل المثال ، يقول الرجل المسنّ: "يوماً کنت طفلاً صغيراً ، ويوماً کنت شاباً يافعاً ، واليوم أنا شيخ کبير" ؛ فبما أن هذه المراحل الزمنية متسلسلة ومتصلة ببعضها البعض تسلسل حلقات السلسلة الواحدة يعبّر عن کل واحدة منها بلفظ "يوم" .
وقال الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام) : "الدهر يومان : يوم لک ويوم عليک" [نهج البلاغة: خ72 ] ، أي أن الانسان طيلة حياته يمرّ بمرحلتين مختلفتين : تارةً تسير الأمور لصالحه وأخرى على عکس ذلک .
وعلى هذا الأساس ، فالمراد من "ستة أيام" في الآية الشريفة التي خلق الله فيها السموات والأرض ستة عصور ومراحل زمنية مختلفة مرّت بها السموات والأرض الى أن وصلت الى شکلها الفعلي ؛ أي إن هذا الوضع الفعلي للأرض والأجرام السماوية ناتج عن سلسلة من التحولات المتسلسلة التي مرّت بها ، وفي المحصلة وبعد قطع هذه المراحل ظهرت بصورتها الراهنة . ثم إن کل من هذه المراحل ربما تستغرق عشرة ملاين سنة أو عشرة مليارات أو غير ذلک .
أما الشقّ الثاني من السؤال فهو : لماذا لم يخلق الله تعالى السموات والأرض في لحظةٍ واحدةٍ ، وجرى خلقها بشکل ٍ تدريجيٍّ ؟
والجواب على ذلک : إن العالم الذي نعيش فيه هو عالم المادة ، والتکامل التدريجي من الآثار الملازمة للوجود المادي ، والأمور المادية بطبيعتها تتحول من صورةٍ الى أخرى وتنتقل من مرحلةٍ الى أخرى بمرور الزمن وتعاقب العصور ، وبالتالي تظهر بشکل حالةٍ متکاملةٍ ؛ والسموات والأرض غير مستثناة من هذا القانون .
فاذا ما أخذتم أيّاً من الظواهر المادية بنظر الاعتبار فستلاحظون أنها تسلّقت سلّم التکامل تدريجياً ، فهذه النباتات والأشجار مثلاً تظهر بشکل أزهار وأشجار باسقة ومثمرة بعد مضيّ زمن ٍ معين ٍ ومرورها بمراحل عدّة ، وهکذا المعادن والثروات الطبيعية في باطن الأرض لا تظهر بشکلها النهائي إلا بعد حدوث تفاعلات کثيرة عليها ، وکذا الحيوان والانسان فما لم يقضيان مرحلة الجنين في رحم الأم لمدةٍ محددةٍ لا يستطيعان الوصول الى هذا العالم المترامي الأطراف . وهذا القانون سائد في جميع أرکان عالم المادة بلا استثناء .
السؤال :
قال تعالى في محکم کتابه الکريم : )إِنَّ رَبَّکُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ( [يونس:3] ، ما المقصود بالأيام الستة في حين لم يکن لليوم والليلة ثمة وجود آنذاک ؟ ثم لمَ لم يخلق الله السموات والأرض في لحظةٍ واحدةٍ ؟
لا يوجد تعليق