الجواب الاجمالي:
إنّ أصل الخلق هو خطوة تکاملیة عظیمة، أی مجیء الشیء من العدم إلى الوجود، ومن الصفر إلى مرحلة العدد.
وبعد هذه الخطوة التکاملیة العظیمة تبدأ مراحل تکاملیة اُخرى... فجمیع المناهج الدینیة والإلهیّة تسلک بالإنسان فی هذا المسیر ! و یتّضح بهذه الجملة أنّ التکامل أو بتعبیر آخر «غایة الغایات» هو الهدف النهائی من خلق الإنسان
وبعد هذه الخطوة التکاملیة العظیمة تبدأ مراحل تکاملیة اُخرى... فجمیع المناهج الدینیة والإلهیّة تسلک بالإنسان فی هذا المسیر ! و یتّضح بهذه الجملة أنّ التکامل أو بتعبیر آخر «غایة الغایات» هو الهدف النهائی من خلق الإنسان
الجواب التفصيلي:
عندما یطرح هذا السؤال من قبل المادیین فالظاهر أنّهم لا جواب لهم علیه، لأنّ المادّة أو الطبیعة لیس لها عقل ولا شعور حتى یکون لها هدف لذلک، فقد أراحوا أنفسهم من هذا السؤال وهم یعتقدون بعبثیّة الخلق وأنّه لا هدف من ورائه! وکم هو مثیر ومقلق أن یتّخذ الإنسان لجزئیات حیاته سواءً أکانت للعمل أم الکسب أو الصحّة أو الریاضة أهدافاً منظّمة وأن یعتقد أنّ الحیاة بمجموعها ضرب من العبث واللغو!؟
لذلک فلا مجال للعجب أنّ جماعة من المادیین حینما یفکّرون فی هذه المسائل یترکون هذه الحیاة التی لا هدف ورائها ویقدمون على الإنتحار!
إلاّ أنّ هذا السؤال حین یلقیه معتقد بالله، فإنّه لا یواجه طریقاً مسدوداً، لأنّه یعلم أنّ خالق هذا العالم حکیم وقد خلق هذا العالم عن حکمة حتماً وإن جهلناها، هذا من جانب، ومن جانب آخر حین یرى أعضاءه عضواً عضواً یجد لکلٍّ فلسفة وحکمة وهدفاً، لیس الأعضاء المهمّة ظاهراً کالقلب واللسان والعروق والأعصاب فحسب، بل حتى الأظفار وخطوط الید والبنان وتقوّس القدم أو هیأة الید وفسلجتها کلٌّ له فلسفة یعرفها العلم الحدیث المعاصر!
فإلى أیّ درجة من السذاجة أن یُرى لجمیع هذه الأعضاء أهدافاً إلاّ أنّ المجموع یکون بلا هدف!!
وأی قضاء متهافت أن نجد لکلّ بناء فی المدینة فلسفة خاصّة ـ إلاّ أنّنا نقضی على المدینة بأنّها لا فلسفة فیها ولا هدف من ورائها!!
ترى هل من الممکن أن یبنی مهندس ما بناءً عظیماً فیه الغرف والأبواب والنوافذ والأحواض والحدائق و«الدیکورات» وکلّ من هذه الاُمور هو لأمر خاصّ ولهدف معیّن، إلاّ أنّ مجموع البناء لا هدف من ورائه؟!
هذه الاُمور هی التی تمنح المؤمن بالله والمعتقد به الاطمئنان بأنّ خلقه له هدف عظیم، وعلیه أن یسعى ویجدّ حتى یکتشفه بقوّة العقل والعلم.
والعجیب أنّ أصحاب نظریة العبث (فی الخلق) حین یردون أیّة زاویة من زوایا العلوم الطبیعیة یبحثون عن الهدف لتفسیر الظواهر المختلفة ولا یهدأون حتى یجدوا الهدف! حتى أنّهم لا یرتضون أن تبقى غدّة صغیرة فی بدن الإنسان دون عمل وغایة، ولربّما یقضون سنوات بالبحث عن الحکمة من وجود مثل هذه الغدّة... إلاّ أنّهم حین یبلغون أصل خلق الإنسان یقولون بصراحة: لا هدف من ورائه.
فما أعجب هذا التناقض!!
وعلى کلّ حال فالإیمان بحکمة الله تعالى من جانب، وملاحظة فلسفة أجزاء (وجود) الإنسان من جانب آخر، کلّ ذلک یدعونا إلى الإیمان أنّ وراء خلق الإنسان هدفاً کبیراً.
والآن ینبغی علینا أن نبحث عن هذا الهدف وأن نحدّده ما بوسعنا ـ وأن نسیر فی منهاجه اللاحب.
إنّ ملاحظة عدّة مقدّمات ـ یمکن لها ـ أن تسلّط الأضواء على هدفنا للکشف عن هذا المجهول المظلم.
1ـ نحن دائماً نقصد فی أعمالنا إلى هدف ما، وعادةً یکون هذا الهدف إشباع حاجة ورفعها وإتمام النواقص، وحتى الخدمة للآخرین أو إنقاذ مبتلى من بلائه... أو إذا قمنا بعمل إنسانی وآثرنا سوانا على أنفسنا فذلک أیضاً نوع من الحاجات المقدّسة، وبرفعها نزداد معنویة وکمالا!
ولمّا کنّا نقیس أحیاناً صفات الله مع أنفسنا فقد یخطر مثل هذا التصوّر وهو ما هی الحاجة عند الله حتى ترتفع بخلقنا؟ أو إذا کانت الآیات الآنفة تقول (وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ لیعبدونی)فنقول ما هی حاجته إلى العبادة؟!
مع أنّ هذه التصوّرات ناشئة من المقایسة بین صفات الخالق والمخلوق والواجب والممکن؟!
وبما أنّ وجودنا محدود فإنّنا نسعى وراء إشباع حاجاتنا، وأعمالنا جمیعها تقع فی هذا المسیر... إلاّ أنّ هذا غیر وارد فی وجود مطلق، فینبغی البحث عن هدف أفعاله فی غیر وجوده، فهو عین فیّاضة ومبدأ النعمة الذی یکتنف الموجودات فی کنف حمایته ورعایته وإنمائه والسلوک بها إلى الکمال، وهذا هو الهدف الواقعی لعبودیتنا... وهذه فلسفة عباداتنا وإبتهالاتنا، فهی جمیعاً دروس تربویة لتکاملنا.
وأساساً فإنّ أصل الخلق هو خطوة تکاملیة عظیمة، أی مجیء الشیء من العدم إلى الوجود، ومن الصفر إلى مرحلة العدد.
وبعد هذه الخطوة التکاملیة العظیمة تبدأ مراحل تکاملیة اُخرى... فجمیع المناهج الدینیة والإلهیّة تسلک بالإنسان فی هذا المسیر!
ما الهدف من هذا التکامل؟!
والجواب: یتّضح بهذه الجملة أیضاً وهو أنّ التکامل هو الهدف النهائی أو بتعبیر آخر «غایة الغایات».
وتوضیح ذلک: لو سألنا طالب المدرسة علام تدرس أو لم تدرس؟! فیجیب حتى أدخل الجامعة!
ولو سألناه ثانیة ما تستفید من الجامعة؟ فیقول مثلا سأکون طبیباً أو مهندساً جدیراً!
فتقول له ما تصنع بشهادة «الدکتوراه» أو الهندسة؟ فیقول: لأبرز نشاطاتی وفعالیّاتی الإیجابیة المثبتة ولکی یکون ربحی وفیر!
فنقول له ما تصنع بالربح الوفیر؟ فیقول: لتکون حیاتی منعمة وأعیش مکرماً ومرفّهاً.
وأخیراً نوجّه إلیه هذا السؤال... لِمَ ترید الحیاة المنعمة؟
وهنا نراه یجیب بلحن آخر فیقول: حَسَنٌ لتکون حیاتی منعمة وأعیش مکرم(1)ومرفّهاً. أی إنّه یکرّر جواب السؤال السابق!
وهذا دلیل على أنّ ذاک هو الجواب النهائی، وکما یصطلح علیه بأنّه «غایة الغایات» لعمله، ولیس وراءه جواب آخر! وإنّه هو الهدف النهائی... کلّ هذا هو فی المسائل المادیّة وهکذا الحال فی الحیاة المعنویة، فحین یسأل علام مجیىء الأنبیاء ونزول الکتب من السماء، ولِمَ هذه التکالیف الشرعیة والمناهج التربویة؟ فنجیب: للتکامل الإنسانی والقرب من الله!.
وإذا سألوا: ما المراد من التکامل الإنسانی والقرب من الله؟ نقول: هو القرب من الله، أیّ أنّ هذا هو الهدف النهائی، وبتعبیر آخر أنّنا نرید کلّ شیء للتکامل والقرب من الله... وأمّا القرب من الله فلنفسه (أی للقرب من الله).
3ـ وبملاحظة ما ذکرناه آنفاً فإنّنا نقترب من النتائج فنقول: إنّ عبادة الله والعبودیة له یعینان السیر فی ما یرتضیه وأن نستودعه أرواحنا ونعشقه بقلوبنا وأن نتخلّق بأخلاقه!.
وإذا کانت الآیات المتقدّمة قد ذکرت «العبادة» على أنّها الهدف النهائی فمفهومها هو هذا، أی أنّه بتعبیر آخر هو «التکامل الإنسانی»!.
أجل إنّ «الإنسان الکامل» هو العبد المخلص لله(2)
لذلک فلا مجال للعجب أنّ جماعة من المادیین حینما یفکّرون فی هذه المسائل یترکون هذه الحیاة التی لا هدف ورائها ویقدمون على الإنتحار!
إلاّ أنّ هذا السؤال حین یلقیه معتقد بالله، فإنّه لا یواجه طریقاً مسدوداً، لأنّه یعلم أنّ خالق هذا العالم حکیم وقد خلق هذا العالم عن حکمة حتماً وإن جهلناها، هذا من جانب، ومن جانب آخر حین یرى أعضاءه عضواً عضواً یجد لکلٍّ فلسفة وحکمة وهدفاً، لیس الأعضاء المهمّة ظاهراً کالقلب واللسان والعروق والأعصاب فحسب، بل حتى الأظفار وخطوط الید والبنان وتقوّس القدم أو هیأة الید وفسلجتها کلٌّ له فلسفة یعرفها العلم الحدیث المعاصر!
فإلى أیّ درجة من السذاجة أن یُرى لجمیع هذه الأعضاء أهدافاً إلاّ أنّ المجموع یکون بلا هدف!!
وأی قضاء متهافت أن نجد لکلّ بناء فی المدینة فلسفة خاصّة ـ إلاّ أنّنا نقضی على المدینة بأنّها لا فلسفة فیها ولا هدف من ورائها!!
ترى هل من الممکن أن یبنی مهندس ما بناءً عظیماً فیه الغرف والأبواب والنوافذ والأحواض والحدائق و«الدیکورات» وکلّ من هذه الاُمور هو لأمر خاصّ ولهدف معیّن، إلاّ أنّ مجموع البناء لا هدف من ورائه؟!
هذه الاُمور هی التی تمنح المؤمن بالله والمعتقد به الاطمئنان بأنّ خلقه له هدف عظیم، وعلیه أن یسعى ویجدّ حتى یکتشفه بقوّة العقل والعلم.
والعجیب أنّ أصحاب نظریة العبث (فی الخلق) حین یردون أیّة زاویة من زوایا العلوم الطبیعیة یبحثون عن الهدف لتفسیر الظواهر المختلفة ولا یهدأون حتى یجدوا الهدف! حتى أنّهم لا یرتضون أن تبقى غدّة صغیرة فی بدن الإنسان دون عمل وغایة، ولربّما یقضون سنوات بالبحث عن الحکمة من وجود مثل هذه الغدّة... إلاّ أنّهم حین یبلغون أصل خلق الإنسان یقولون بصراحة: لا هدف من ورائه.
فما أعجب هذا التناقض!!
وعلى کلّ حال فالإیمان بحکمة الله تعالى من جانب، وملاحظة فلسفة أجزاء (وجود) الإنسان من جانب آخر، کلّ ذلک یدعونا إلى الإیمان أنّ وراء خلق الإنسان هدفاً کبیراً.
والآن ینبغی علینا أن نبحث عن هذا الهدف وأن نحدّده ما بوسعنا ـ وأن نسیر فی منهاجه اللاحب.
إنّ ملاحظة عدّة مقدّمات ـ یمکن لها ـ أن تسلّط الأضواء على هدفنا للکشف عن هذا المجهول المظلم.
1ـ نحن دائماً نقصد فی أعمالنا إلى هدف ما، وعادةً یکون هذا الهدف إشباع حاجة ورفعها وإتمام النواقص، وحتى الخدمة للآخرین أو إنقاذ مبتلى من بلائه... أو إذا قمنا بعمل إنسانی وآثرنا سوانا على أنفسنا فذلک أیضاً نوع من الحاجات المقدّسة، وبرفعها نزداد معنویة وکمالا!
ولمّا کنّا نقیس أحیاناً صفات الله مع أنفسنا فقد یخطر مثل هذا التصوّر وهو ما هی الحاجة عند الله حتى ترتفع بخلقنا؟ أو إذا کانت الآیات الآنفة تقول (وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ لیعبدونی)فنقول ما هی حاجته إلى العبادة؟!
مع أنّ هذه التصوّرات ناشئة من المقایسة بین صفات الخالق والمخلوق والواجب والممکن؟!
وبما أنّ وجودنا محدود فإنّنا نسعى وراء إشباع حاجاتنا، وأعمالنا جمیعها تقع فی هذا المسیر... إلاّ أنّ هذا غیر وارد فی وجود مطلق، فینبغی البحث عن هدف أفعاله فی غیر وجوده، فهو عین فیّاضة ومبدأ النعمة الذی یکتنف الموجودات فی کنف حمایته ورعایته وإنمائه والسلوک بها إلى الکمال، وهذا هو الهدف الواقعی لعبودیتنا... وهذه فلسفة عباداتنا وإبتهالاتنا، فهی جمیعاً دروس تربویة لتکاملنا.
وأساساً فإنّ أصل الخلق هو خطوة تکاملیة عظیمة، أی مجیء الشیء من العدم إلى الوجود، ومن الصفر إلى مرحلة العدد.
وبعد هذه الخطوة التکاملیة العظیمة تبدأ مراحل تکاملیة اُخرى... فجمیع المناهج الدینیة والإلهیّة تسلک بالإنسان فی هذا المسیر!
ما الهدف من هذا التکامل؟!
والجواب: یتّضح بهذه الجملة أیضاً وهو أنّ التکامل هو الهدف النهائی أو بتعبیر آخر «غایة الغایات».
وتوضیح ذلک: لو سألنا طالب المدرسة علام تدرس أو لم تدرس؟! فیجیب حتى أدخل الجامعة!
ولو سألناه ثانیة ما تستفید من الجامعة؟ فیقول مثلا سأکون طبیباً أو مهندساً جدیراً!
فتقول له ما تصنع بشهادة «الدکتوراه» أو الهندسة؟ فیقول: لأبرز نشاطاتی وفعالیّاتی الإیجابیة المثبتة ولکی یکون ربحی وفیر!
فنقول له ما تصنع بالربح الوفیر؟ فیقول: لتکون حیاتی منعمة وأعیش مکرماً ومرفّهاً.
وأخیراً نوجّه إلیه هذا السؤال... لِمَ ترید الحیاة المنعمة؟
وهنا نراه یجیب بلحن آخر فیقول: حَسَنٌ لتکون حیاتی منعمة وأعیش مکرم(1)ومرفّهاً. أی إنّه یکرّر جواب السؤال السابق!
وهذا دلیل على أنّ ذاک هو الجواب النهائی، وکما یصطلح علیه بأنّه «غایة الغایات» لعمله، ولیس وراءه جواب آخر! وإنّه هو الهدف النهائی... کلّ هذا هو فی المسائل المادیّة وهکذا الحال فی الحیاة المعنویة، فحین یسأل علام مجیىء الأنبیاء ونزول الکتب من السماء، ولِمَ هذه التکالیف الشرعیة والمناهج التربویة؟ فنجیب: للتکامل الإنسانی والقرب من الله!.
وإذا سألوا: ما المراد من التکامل الإنسانی والقرب من الله؟ نقول: هو القرب من الله، أیّ أنّ هذا هو الهدف النهائی، وبتعبیر آخر أنّنا نرید کلّ شیء للتکامل والقرب من الله... وأمّا القرب من الله فلنفسه (أی للقرب من الله).
3ـ وبملاحظة ما ذکرناه آنفاً فإنّنا نقترب من النتائج فنقول: إنّ عبادة الله والعبودیة له یعینان السیر فی ما یرتضیه وأن نستودعه أرواحنا ونعشقه بقلوبنا وأن نتخلّق بأخلاقه!.
وإذا کانت الآیات المتقدّمة قد ذکرت «العبادة» على أنّها الهدف النهائی فمفهومها هو هذا، أی أنّه بتعبیر آخر هو «التکامل الإنسانی»!.
أجل إنّ «الإنسان الکامل» هو العبد المخلص لله(2)
لا يوجد تعليق