الجواب الاجمالي:
إنّ للحوادث والمصائب آثاراً تربوية في حياة البشر المادّية تارة، وفي إزاحة الغرور والغفلة عن الضمائر والعقول ثانية، ولأجل هذه الفوائد صحّ إيجادها سواء قلنا بأنّ الشرّ موجود بالذات أو موجود بالعرض.
فإنّ البلايا والمصائب خير وسيلة لتفجير الطاقات وتقدّم العلوم ورقي الحياة البشرية، كما أنّ التمتّع بالمواهب المادّية والاستغراق في اللذائذ والشهوات يوجب غفلة كبرى عن القيم الأخلاقية، وكلّما ازداد الإنسان توغّلاً في اللذائذ والنعم ازداد ابتعاداً عن الجوانب المعنوية، فلابدّ لانتباه الإنسان من هذه الغفلة من هزّة وجرس إنذار يذكّره ويوقظ فطرته، ثم أنّ بقاء الحياة على نمط واحد يوجب أن لا تتجلّى الحياة لذيذة محبوبة، وهذا بخلاف ما إذا تراوحت بين المرّ والحلو، والجميل والقبيح، فلا يمكن معرفة السلامة إلاّ بالوقوف على العيب، ولا على الصحّة إلاّ بلمس المرض، ولا على العافية إلاّ عند نزول البلاء
الجواب التفصيلي:
نقف على جواب هذا السؤال من خلال الرجوع الى الآیة 30 من سورة «الشورى»، یقول الله تعالى: (وما أصابکم من مصیبة فبما کسبت أیدیکم) ثم إنّ هذا الجزاء لیس جزاءً على جمیع أعمالکم القبیحة، لأنّه (ویعفو عن کثیر). تبیّن هذه الآیة وبوضوح أنّ المصائب التی تصیب الإنسان هی نوع من التحذیر والعقاب الإلهی (بالرغم من وجود بعض الاستثناءات التی سنشیر إلیها فیما بعد).
وبهذا الترتیب سیتوضح لنا جانب من فلسفة الحوادث المؤلمة والمشاکل الحیاتیة.
والطریف فی الأمر أنّنا نقرأ فی حدیث عن الإمام علی(علیه السلام) أنّه نقل عن الرّسول(صلى الله علیه وآله) قوله: «خیر آیة فی کتاب الله هذه الآیة، یا علی ما من خدش عود، ولا نکبة قدم إلا بذنب، وما عفى الله عنه فی الدنیا فهو أکرم من أن یعود فیه، وما عاقب علیه فی الدنیا فهو أعدل من أن یثنی على عبده»(1).
وهکذا فإنّ هذه المصائب إضافة إلى أنّها تقلل من حمل الإنسان، فإنّها تجعله یتّزن فی المستقبل.
2ـ بالرغم من عمومیة الآیة وشمولها کلّ المصائب، لکن توجد استثناءات لکل عام، مثل المصائب والمشاکل التی أصابت الأنبیاء والأئمة المعصومین(علیهم السلام) بهدف الإختبار أو رفع مقامهم.
وأیضاً المصائب بهدف الاختبار التی تشمل غیر المعصومین. أو المصائب التی تحدث بسبب الجهل أو عدم الدقة فی الاُمور وعدم الإستشارة والتساهل والتی هی آثار تکوینیة لأعمال الإنسان نفسه.
وبعبارة اُخرى فإنّ الجمع بین الآیات القرآنیة المختلفة ـ والأحادیث ـ یقتضی التخصیص فی بعض الموارد بالنسبة لهذه الآیة العامة، ولیس هذا موضوعاً جدیداً لیکون محل نقاش بعض المفسّرین.
وخلاصة القول فإنّ هناک غایات مختلفة للمصائب والمشاکل فالملکات تنمو وتتکامل تحت ضغط المصائب، ویکون هناک حذر بالنسبة للمستقبل، ویقظة من الغرور والغفلة وکفارة للذنب و...
وبما أنّ أغلب أعمال الأفراد لها طبیعة جزائیة وتکفیریة، لذا فإنّ الآیة تطرح ذلک بشکل عام(2)
لا يوجد تعليق