الجواب الاجمالي:
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار قال: كتب الحسن بن العباس المعروفي إلى الرضا عليه السلام: جعلت فداك أخبرني ما الفرق بين الرسول والنبي والامام؟ قال: فكتب أو قال: الفرق بين الرسول والنبي والامام أن الرسول الذي ينزل عليه جبرئيل فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي وربما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم عليه السلام، والنبي ربما سمع الكلام وربما رأى الشخص ولم يسمع والامام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص.
الجواب التفصيلي:
انّ لفظ «النبی» مأخوذ من «النبأ» بمعنى الخبر الخطیر والعظیم ویکون معناه اللغوی: هو الحامل للخبر العظیم أو المخبر عنه[1]
لقد أُطلق لفظ «النبی» فی القرآن الکریم على الأشخاص الذین تلقّوا الوحی الإلهی من اللَّه سبحانه، وبطرق مختلفة، وهذه هی حقیقة «النبی»، وکلّ ما ذکر للنبی من صفات وخصائص وممیزات فی الکتب اللغویة أو التفسیریة أو الحدیثیة، فإنّها جمیعاً خارجة عن مفهوم «النبی»، ولا دخل لها فی حقیقته، ولا ینطبق علیها لفظ «النبی» وإنّما تستفاد تلک المعانی من قرائن خارجیة.
یقول الشیخ الطوسی فی تعریفه: «إنّه مؤد من اللَّه بلا واسطة من البشر»[2]
فـ«النبی» بمعنى متلقّی «النبأ» أو المخبر عن اللَّه سبحانه، وأمّا لفظ «الرسول»- إذا کانت رسالته من اللَّه لا من البشر[3] فحینئذٍ تکون رسالته فی إطار مفهوم النبوة- فیکون معنى «الرسول»: هو عبارة عمّن تحمّل رسالة من إبلاغ کلام أو تنفیذ عمل من جانب اللَّه سبحانه.
و بعبارة أُخرى: أنّ هذین المفهومین «النبوة» و«الرسالة» حینما یشیران إلى خصوصیة أو خصوصیات من تلقّى الوحی من الأنبیاء، فحینئذٍ إذا لوحظ خصوصیة حمل النبأ وتلقّی الوحی فقط فهذا هو النبی، وأمّا إذا لوحظت خصوصیة تبلیغ الوحی ونشره فحینئذٍ یطلق على صاحبها مفهوم الرسول.
هذا هو المعنى الحقیقی والواقعی لکلا المفهومین، وإنّ جمیع ما ذکر من الخصوصیات والممیزات فی کتب اللغة والتفسیر والکلام لهذین المفهومین لا علاقة له بالمعنى الحقیقی لهما.
«فالنبی» و«الرسول» وفقاً لهذه النظریة لیس لهما إلّا مهمة الإنذار والتحذیر والتبلیغ والإرشاد فقط لا الأمر والنهی وإصدار الأوامر والمقرّرات وإنّما وظیفتهم انعکاس الوحی الإلهی ونشر الأوامر والنواهی الإلهیة، ولقد وصف القرآن الکریم الأنبیاء والرسل وبصورة کلّیة حیث قال سبحانه: «... فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِیِّینَ مُبَشِّرینَ وَمُنْذِرِینَ ...»[4]
و قال تعالى فی خصوص النبی الأکرم صلى الله علیه وآله وسلم: «فَذَکِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَکِّرٌ* لَسْتَ عَلَیْهِمْ بِمُصَیْطِرٍ»[5]
فهاتان الآیتان وبالإضافة إلى قوله تعالى: «... فَإِنْ تَوَلَّیْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبینُ»[6]
تشیران- بالإضافة إلى ما قلنا سابقاً من أنّ النبی لا یأمر ولا ینهى من تلقاء نفسه- إلى حقیقة أُخرى وهی: انّ حقیقة دور الأنبیاء ودعوتهم هو الإرشاد والهدایة.
إنّ الأنبیاء الإلهیّین حینما یتحرکون فی دائرة النبوة والرسالة یسعون وبجد للهدایة وبیان الخطوط الحمراء للشریعة والنواهی والأوامر الإلهیة، وبیان طریق السعادة والفلاح للناس منطلقین فی ذلک کلّه من تلقّی الوحی والأوامر الإلهیة، ولیس لهم فی هذا المجال نظر ورأی بصورة مستقلّة عن الوحی وکلّ ما یقولونه ویفعلونه هو کلام اللَّه وأوامره، فهم فی الواقع ترجمان للوحی الإلهی.
و فی الحقیقة انّه لا یوجد فی هذه الساحة إلّا هاد ومرشد واحد وقائد متفرّد وهو اللَّه سبحانه وتعالى، وانّ سلسلة الأنبیاء والرسل مأمورون له سبحانه، وانّ من ینقاد فی هذه الأُمّة ویؤمن فإنّما ینقاد له سبحانه ویؤمن به، وکذلک من یعصی ویتمرد ویکفر فإنّما یکفر باللَّه سبحانه ویتمرّد علیه سبحانه ولیس للأنبیاء طاعة ولا عصیان خاص بهم بصورة مستقلة، وقد عبّر القرآن عن هذه الحقیقة بقوله: «مَنْ یُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ ...»[7]
و ذلک لأنّ الآمر الحقیقی هو اللَّه، والرسول متلقٍّ لکلامه سبحانه ومترجم لوحیه.
و أمّا قوله سبحانه: «وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلّا لِیُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ...»[8]
فلا یعنی أنّ للنبی أو للرسول إطاعة وعصیاناً مستقلًا عن إطاعة اللَّه ومعصیته سبحانه، بل أنّ جملة «بِإِذْنِ اللَّهِ» تشیر إلى أنّ الرسول لیس هو المطاع الواقعی، بل المطاع الواقعی هو اللَّه سبحانه وتعالى، وإطاعة الرسول تبعاً لإطاعة اللَّه.
و إذا أردنا أن نعبّر عن هذه الحقیقة بمصطلح علمی لابدّ من القول: إنّ إطاعة اللَّه سبحانه لها موضوعیة، وأمّا إطاعة الرسول فمأخوذة على نحو الطریقیة، ونحن إنّما نطیع الرسول لأنّ إطاعته هی عین إطاعة اللَّه سبحانه وطریق إلیها لا أنّها شیء آخر.
إلى هنا تبین لنا المعنى الحقیقی للفظ النبی والرسول، وقد حان الوقت لبیان المقام المعنوی الآخر الذی ینتظر هاتین الطائفتین، فکلّما أُدخل النبی والرسول بوتقة الاختبار وتعرض لسلسلة من الاختبارات والابتلاءات الصعبة بحیث استطاع أن یرتقی بکمالاته واستعداداته من مرحلة القوة إلى الفعلیة، ویصل فی مجال العشق الإلهی إلى مرحلة الذوبان والوله، بدرجة یهیمن العشق الإلهی على قلبه وأحاسیسه ومشاعره ویفرغ قلبه من کلّ شیء إلّا اللَّه سبحانه، فحینما یصل إلى هذه المرحلة من العشق والذوبان المطلق فی الذات الإلهیة یجتبیه اللَّه سبحانه وینصبه لمقام إدارة أُمور الأُمّة بالإضافة إلى مقامی تلقی الوحی والتبلیغ والتبشیر والإنذار، وهذا المقام هو مقام الإمامة الذی یمتلک من خلاله حق الأمر والنهی والتکلیف والردع وإدارة المجتمع بالصورة الصحیحة لیوصله إلى حدّ الکمال.
کذلک لیس لأیّ إنسان (مهما کانت درجة کماله) حق الولایة على الآخرین، بل الولایة حق للَّه سبحانه وتعالى وحده. نعم یمکن أن یمنح اللَّه- ولمصالح معینة واعتماداً على ولایته المطلقة- هذا الحق للإنسان الکامل الذی اجتاز الاختبار وتقلّبات الحیاة بنجاح ویمنحه مقام الإمامة والولایة والطاعة والقیادة بحیث یمتلک حق الأمر والنهی والتکلیف وتکون له طاعة مستقلة.
و لا شکّ أنّ هذا المقام غیر مقام النبوة والرسالة الذی یتلخّص فی تلقّی الوحی وتبلیغ الأحکام والأوامر الإلهیة، فإذا وصل إلى مقام الإمامة فحینئذٍ یرتقی إلى منزلة ومرتبة أُخرى، وهی تحمّل مسؤولیة وقیادة الأُمّة وتنظیم المجتمع وإدارة شؤونهم کما قلنا.
ففی النبوة والرسالة المجردتین عن الإمامة تکون إطاعة الرسول هی عین إطاعة اللَّه سبحانه، ولا یوجد- أبداً- نوعان من الطاعة، ولکن حینما یرتقی الرسول إلى مقام الإمامة وینال وسام النصب الإلهی لمنصب الإمامة، یکون حینئذٍ له حقّ الأمر والنهی، وتکون له طاعة مستقلة[9].[10]
لقد أُطلق لفظ «النبی» فی القرآن الکریم على الأشخاص الذین تلقّوا الوحی الإلهی من اللَّه سبحانه، وبطرق مختلفة، وهذه هی حقیقة «النبی»، وکلّ ما ذکر للنبی من صفات وخصائص وممیزات فی الکتب اللغویة أو التفسیریة أو الحدیثیة، فإنّها جمیعاً خارجة عن مفهوم «النبی»، ولا دخل لها فی حقیقته، ولا ینطبق علیها لفظ «النبی» وإنّما تستفاد تلک المعانی من قرائن خارجیة.
یقول الشیخ الطوسی فی تعریفه: «إنّه مؤد من اللَّه بلا واسطة من البشر»[2]
فـ«النبی» بمعنى متلقّی «النبأ» أو المخبر عن اللَّه سبحانه، وأمّا لفظ «الرسول»- إذا کانت رسالته من اللَّه لا من البشر[3] فحینئذٍ تکون رسالته فی إطار مفهوم النبوة- فیکون معنى «الرسول»: هو عبارة عمّن تحمّل رسالة من إبلاغ کلام أو تنفیذ عمل من جانب اللَّه سبحانه.
و بعبارة أُخرى: أنّ هذین المفهومین «النبوة» و«الرسالة» حینما یشیران إلى خصوصیة أو خصوصیات من تلقّى الوحی من الأنبیاء، فحینئذٍ إذا لوحظ خصوصیة حمل النبأ وتلقّی الوحی فقط فهذا هو النبی، وأمّا إذا لوحظت خصوصیة تبلیغ الوحی ونشره فحینئذٍ یطلق على صاحبها مفهوم الرسول.
هذا هو المعنى الحقیقی والواقعی لکلا المفهومین، وإنّ جمیع ما ذکر من الخصوصیات والممیزات فی کتب اللغة والتفسیر والکلام لهذین المفهومین لا علاقة له بالمعنى الحقیقی لهما.
«فالنبی» و«الرسول» وفقاً لهذه النظریة لیس لهما إلّا مهمة الإنذار والتحذیر والتبلیغ والإرشاد فقط لا الأمر والنهی وإصدار الأوامر والمقرّرات وإنّما وظیفتهم انعکاس الوحی الإلهی ونشر الأوامر والنواهی الإلهیة، ولقد وصف القرآن الکریم الأنبیاء والرسل وبصورة کلّیة حیث قال سبحانه: «... فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِیِّینَ مُبَشِّرینَ وَمُنْذِرِینَ ...»[4]
و قال تعالى فی خصوص النبی الأکرم صلى الله علیه وآله وسلم: «فَذَکِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَکِّرٌ* لَسْتَ عَلَیْهِمْ بِمُصَیْطِرٍ»[5]
فهاتان الآیتان وبالإضافة إلى قوله تعالى: «... فَإِنْ تَوَلَّیْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبینُ»[6]
تشیران- بالإضافة إلى ما قلنا سابقاً من أنّ النبی لا یأمر ولا ینهى من تلقاء نفسه- إلى حقیقة أُخرى وهی: انّ حقیقة دور الأنبیاء ودعوتهم هو الإرشاد والهدایة.
إنّ الأنبیاء الإلهیّین حینما یتحرکون فی دائرة النبوة والرسالة یسعون وبجد للهدایة وبیان الخطوط الحمراء للشریعة والنواهی والأوامر الإلهیة، وبیان طریق السعادة والفلاح للناس منطلقین فی ذلک کلّه من تلقّی الوحی والأوامر الإلهیة، ولیس لهم فی هذا المجال نظر ورأی بصورة مستقلّة عن الوحی وکلّ ما یقولونه ویفعلونه هو کلام اللَّه وأوامره، فهم فی الواقع ترجمان للوحی الإلهی.
و فی الحقیقة انّه لا یوجد فی هذه الساحة إلّا هاد ومرشد واحد وقائد متفرّد وهو اللَّه سبحانه وتعالى، وانّ سلسلة الأنبیاء والرسل مأمورون له سبحانه، وانّ من ینقاد فی هذه الأُمّة ویؤمن فإنّما ینقاد له سبحانه ویؤمن به، وکذلک من یعصی ویتمرد ویکفر فإنّما یکفر باللَّه سبحانه ویتمرّد علیه سبحانه ولیس للأنبیاء طاعة ولا عصیان خاص بهم بصورة مستقلة، وقد عبّر القرآن عن هذه الحقیقة بقوله: «مَنْ یُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ ...»[7]
و ذلک لأنّ الآمر الحقیقی هو اللَّه، والرسول متلقٍّ لکلامه سبحانه ومترجم لوحیه.
و أمّا قوله سبحانه: «وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلّا لِیُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ...»[8]
فلا یعنی أنّ للنبی أو للرسول إطاعة وعصیاناً مستقلًا عن إطاعة اللَّه ومعصیته سبحانه، بل أنّ جملة «بِإِذْنِ اللَّهِ» تشیر إلى أنّ الرسول لیس هو المطاع الواقعی، بل المطاع الواقعی هو اللَّه سبحانه وتعالى، وإطاعة الرسول تبعاً لإطاعة اللَّه.
و إذا أردنا أن نعبّر عن هذه الحقیقة بمصطلح علمی لابدّ من القول: إنّ إطاعة اللَّه سبحانه لها موضوعیة، وأمّا إطاعة الرسول فمأخوذة على نحو الطریقیة، ونحن إنّما نطیع الرسول لأنّ إطاعته هی عین إطاعة اللَّه سبحانه وطریق إلیها لا أنّها شیء آخر.
إلى هنا تبین لنا المعنى الحقیقی للفظ النبی والرسول، وقد حان الوقت لبیان المقام المعنوی الآخر الذی ینتظر هاتین الطائفتین، فکلّما أُدخل النبی والرسول بوتقة الاختبار وتعرض لسلسلة من الاختبارات والابتلاءات الصعبة بحیث استطاع أن یرتقی بکمالاته واستعداداته من مرحلة القوة إلى الفعلیة، ویصل فی مجال العشق الإلهی إلى مرحلة الذوبان والوله، بدرجة یهیمن العشق الإلهی على قلبه وأحاسیسه ومشاعره ویفرغ قلبه من کلّ شیء إلّا اللَّه سبحانه، فحینما یصل إلى هذه المرحلة من العشق والذوبان المطلق فی الذات الإلهیة یجتبیه اللَّه سبحانه وینصبه لمقام إدارة أُمور الأُمّة بالإضافة إلى مقامی تلقی الوحی والتبلیغ والتبشیر والإنذار، وهذا المقام هو مقام الإمامة الذی یمتلک من خلاله حق الأمر والنهی والتکلیف والردع وإدارة المجتمع بالصورة الصحیحة لیوصله إلى حدّ الکمال.
کذلک لیس لأیّ إنسان (مهما کانت درجة کماله) حق الولایة على الآخرین، بل الولایة حق للَّه سبحانه وتعالى وحده. نعم یمکن أن یمنح اللَّه- ولمصالح معینة واعتماداً على ولایته المطلقة- هذا الحق للإنسان الکامل الذی اجتاز الاختبار وتقلّبات الحیاة بنجاح ویمنحه مقام الإمامة والولایة والطاعة والقیادة بحیث یمتلک حق الأمر والنهی والتکلیف وتکون له طاعة مستقلة.
و لا شکّ أنّ هذا المقام غیر مقام النبوة والرسالة الذی یتلخّص فی تلقّی الوحی وتبلیغ الأحکام والأوامر الإلهیة، فإذا وصل إلى مقام الإمامة فحینئذٍ یرتقی إلى منزلة ومرتبة أُخرى، وهی تحمّل مسؤولیة وقیادة الأُمّة وتنظیم المجتمع وإدارة شؤونهم کما قلنا.
ففی النبوة والرسالة المجردتین عن الإمامة تکون إطاعة الرسول هی عین إطاعة اللَّه سبحانه، ولا یوجد- أبداً- نوعان من الطاعة، ولکن حینما یرتقی الرسول إلى مقام الإمامة وینال وسام النصب الإلهی لمنصب الإمامة، یکون حینئذٍ له حقّ الأمر والنهی، وتکون له طاعة مستقلة[9].[10]
لا يوجد تعليق