الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
يقول أبو الفضل الأدفوي(1): «... قال أبو سليمان أحمد الخطّابي: كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنّف في حكم الدين كتاب مثله، وقد رزق من الناس القبول كافّة، فصار حكما بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، وكتاب السنن أحسن وضعا وأكثر فقها من كتب البخاري ومسلم.
وقال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي: سمعت الإمام أبا الفضل عبد اللّه بن محمد الأنصاري بهراة يقول- و قد جرى بين يديه ذكر أبي عيسى الترمذي و كتابه فقال-: كتابه عندي أنفع من كتاب البخاري و مسلم. ...
وقال أبو زرعة الرازي لمّا عرض عليه ابن ماجة السنن كتابه: أظنّ إن وقع هذا في أيدي الناس تعطّلت هذه الجوامع كلّها، أو قال: أكثرها.
ووراء هذا بحث آخر و هو: أنّ قول الشيخ أبي عمرو ابن الصلاح: إنّ الامّة تلقّت الكتابين بالقبول، إن أراد كلّ الامّة فلا يخفى فساد ذلك، إذ الكتابان إنّما صنّفا في المائة الثالثة بعد عصر الصحابة و التابعين وتابعي التابعين، وأئمّة المذاهب الأربعة، ورؤوس حفّاظ الأخبار ونقّاد الآثار المتكلّمين في الطرق والرجال، المميّزين بين الصحيح و السقيم.
وإن أراد بالامّة الّذين وجدوا بعد الكتابين فهم بعض الامّة، فلا يستقيم له دليله الذي قرّره من تلقّي الامّة و ثبوت العصمة لهم، والظاهرية إنّما يعتنون بإجماع الصحابة خاصة، والشيعة لا تعتدّ بالكتابين و طعنت فيهما، وقد اختلف في اعتبار قولهم في الإجماع والانعقاد. ثم إن أراد كلّ حديث فيهما تلقّي بالقبول من الناس كافّة فغير مستقيم، فقد تكلّم جماعة من الحفّاظ في أحاديث فيهما، فتكلّم الدار قطني في أحاديث و علّلها، و تكلّم ابن حزم في أحاديث كحديث شريك في الإسراء، قال: إنّه خلط، و وقع في الصحيحين أحاديث متعارضة لا يمكن الجمع بينها، و القطع لا يقع التعارض فيه.
وقد اتّفق البخاري ومسلم على إخراج حديث «محمد بن بشّار بندار» وأكثرا من الاحتجاج بحديثه، وتكلّم فيه غير واحد من الحفّاظ، أئمّة الجرح والتعديل، ونسب إلى الكذب، وحلف عمرو بن علي الفلاس شيخ البخاري أنّ بندار يكذب في حديثه عن يحيى، وتكلّم فيه أبو موسى، وقال علي بن المديني في الحديث الذي رواه في السجود: هذا كذب، و كان يحيى لا يعبأ به و يستضعفه، و كان القواريري لا يرضاه. و أكثرا من حديث «عبد الرزّاق» و الاحتجاج به، و تكلّم فيه و نسب إلى الكذب. و أخرج مسلم عن «أسباط بن نصر»، و تكلّم فيه أبو زرعة و غيره ... و كان أبو زرعة يذمّ وضع كتاب مسلم و يقول: كيف تسمّيه الصحيح و فيه فلان و فلان ... و ذكر جماعة. و أمثال ذلك يستغرق أوراقا، فتلك الأحاديث عندهما و لم يتلقّوهما بالقبول... ».(2)
لا يوجد تعليق