یمکن لهذه الأسرة أن تکون لوحة حیّة معبّرة عن تعالیم الإسلام الحیویة بفضل تمتعها بالخصائص التالیة :
1 ـ یتمتع طرفا هذه الأسرة برابطة حمیمة بنبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) : فاطمة الزهراء (علیها السلام) بنته التی حفظت نسل النبی (صلى الله علیه وآله) وعلی (علیه السلام) ابن عم النبی (صلى الله علیه وآله) صاحبه الحمیم منذ بزغت شمس الإسلام حتّى آخر لحظات عمره الشریف.
2 ـ ولدت الزهراء (علیها السلام) فی الإسلام وکان لعلی (علیه السلام) عشر سنوات حین بعث النبی (صلى الله علیه وآله)فترعرعا فی أحضان الإسلام وتربیا على آدابه وتعالیمه.
3 ـ خضعت الخطبة والعقد ومراسم الزفاف وتربیة الأبناء لإشراف شخص النبی (صلى الله علیه وآله)وتعالیمه. وعلیه فالزواج المذکور کان إسلامیاً بمعنى الکلمة وتجلّت فیه جمیع المثل والقیم الإسلامیّة النبیلة.
وإننا ننوی بطرح هذه المسألة مواکبة القارئ العزیز فی طی مختلف مراحل تکوین هذه الأسرة النموذجیة والوقوف على عصارة التعالیم الإسلامیّة والمفهوم الصحیح للحیاة الأسریة، ثمّ نحکم ضمائرنا ونتأمل قلیلاً لنرى : ما الإسلام الأصیل والواقعی ؟ ومن نحن ؟ ما رسالة التربیة الإسلامیة وکیف تربیتنا الیوم ؟
للأسف اقتصر البعض من الإسلام على سلسلة من الآداب السطحیة ویأتی بالصلاة والصوم والحجّ الصوری الفاقد للروح والمضمون والقرآن الخالی من التدبّر والدعاء الذی یفتقر لحضور القلب والزیارة بهدف السیاحة دون أن یکون للإسلام فی أعماقهم من جذور.
حقّاً إنّ قضیة تکوین الأسرة والقیم التی تحکمها یمکن أن تکون محکاً حسناً لمعرفة المسلم الحقیقی من المسلم السطحی.
فأولئک الذین یتحدّثون عن الحجّ والصوم والصلاه إنّما یصرون حین تزویجهم لبناتهم على المهور الملیونیة وبغیة الاحتیاط وحالة التضخم التی یمکن أن تحدث فی المستقبل یستبدلون مبلغ المهر من الأموال المتداولة بالذهب الخالص، وإذا ما تحدّثوا عن التکالیف ومقدار المصوغات الذهبیة تنتفخ أوداجهم وکأنّ کیانهم تعرض للخطر ! وهم لا ینفکون عن الکلام عن شغل الزوج وما لدیه من ثروة وإمکانات ویتناسون الله بالمرّة ویفقدون التوکل على الله فی حیاتهم.
فسرعان ما یبادرون إلى السؤال عن ملکیة الزوج لبیت فی حین أغلب الشبّان ممّن یتسلمون مرتبات شهریة ولو جمعوا مرتباتهم لثلاثین سنة لما أصبحت قیمة دار بسیط إلاّ بمشقّة.
من جانب آخر فإنّ الذین یتقدمون لخطبة بنت، همُّهم مفروشات البیت والزینة ومیراثها المحتمل فی المستقبل وقدرتها على إعداد مسائل کمالیة تعرف بـ «الجهاز» بحیث ربّما لا یحتاجها طیلة عمره لأکثر من مرّة.
وهنا یستذکر الإنسان إن لم یکن فی ذلک تجاوز وإن شاء الله لیس کذلک ما ورد عن أبی الأحرار فی العالم الإمام الحسین(علیه السلام) بشأن فئة من الناس :
«إنّ الناس عبید الدنیا والدّین لَعِق على ألسنتهم».(1)
أو  ما ورد فی الحدیث النبوی الشریف بخصوص طائفة من الناس :
«یقرأون القرآن ولا یجوز تراقیهم»(2).
ولکن ینبغی الالتفات إلى أنّ لهذا التعامل مع حقائق القرآن وتعالیم الإسلام عواقب وخیمة ویستوجب العقوبة الإلهیّة.
ففی الحدیث النبوی الشریف :
«من قرأ القرآن ثمّ شرب علیه حراماً، أو آثر حبّاً للدنیا وزینتها، استوجب علیه سخط الله، إلاّ أن یتوب»(3).
على کلّ حال هدفنا أن نجعل إن شاء الله هذه الأسرة النموذجیة فی الإسلام أسمى قدوة فی بناء الحیاة الأسریة وأن نسأل الله بحقّهم أن یوفقنا لاتباع ما ترکوه لنا من سنن حسنة. «آمین یا ربّ العالمین».

(1). بحارالانوار، ج 75، ص 116 .
(2). اُصول الکافی ، ج 2، ص 450، ح 3. کتاب القرآن ، الباب 9 ترتیل القرآن بالصوت الحسن.
(3). بحار الأنوار ، ج 92، ص 180، ح 13.