إذا ورد أمر عقیب الحظر أو عقیب توهّم الحظر فهل یدلّ على الإباحة أو على الوجوب؟ کقوله تعالى: (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) مع ما ورد فی قوله تعالى: (...غَیْرَ مُحِلِّی الصَّیْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ)(1) فهل الأمر یدلّ على وجوب الصید بعد الاستحلال أو یدلّ على جوازه فقط؟ وقوله تعالى: (یَسْألُونَکَ عَنْ المحِیضِ قُلْ هُوَ أَذىً فاعْتَزِلُوا النِّساءَ فی المحیضِ ولا تَقْرَبوهُنَّ حَتَّى یَطْهُرْنَ فإِذا تَطَهَّرْنَ فَأتُوهُنَّ مِنْ حَیْثُ أَمَرَکُمْ الله)(2) فما هو مقتضى القاعدة عند الشکّ فیما إذا دار الأمر بین الإباحة والوجوب مع فقدان القرینة على أحد الأمرین؟
فیه أقوال:
1. دلالته على الإباحة، وهو منسوب إلى المشهور(3).
2. دلالته على الوجوب کسائر الموارد، وهو المنقول عن بعض العامّة(4).
3. دلالته على رجوع الحکم السابق من الوجوب والندب والإباحة(5).
4. عدم دلالته على شیء إلاّ رفع الحظر فمع عدم وجود القرینة على الوجوب أو الإباحة فالمرجع هو الاُصول العملیّة.
والصحیح هو الأخیر کما ذهب إلیه جمع من المحقّقین(6) لما قرّر فی محلّه من أنّه إذا کان الکلام محفوفاً بما یحتمل القرینیّة فهو یوجب الإجمال(7)، وما نحن فیه من هذا القبیل، لأنّ فیه أمر وهو قوله تعالى «فآتوهنّ» مثلا وفی جنبه یوجد ما یحتمل القرینیة وهو المنع والحظر السابق، فیحتمل أن یکون قرینة على مطلق الجواز والإباحة، أی یوجب عدم انعقاد ظهور للأمر فی الوجوب.
هذا إذا کان الأمر والحظر فی کلام واحد کالمثال المذکور، وأمّا إذا کانا فی کلامین مثل الأمر بالصید والحظر عنه الواردین فی آیتین مختلفتین فیمکن أن یقال أیضاً بأنّ العرف بعد ملاحظة النهی لا یرى ظهوراً للأمر فی الوجوب، فیکون کالقرینة المنفصلة على عدم الوجوب فقط.