قد یقال: إنّ هذه الأخبار معارضة مع أخبار التخییر الّتی مرّ تفصیلها فی المقام الأوّل، فلا یمکن الأخذ بها.
ویجاب عنه: بحمل المطلق على المقیّد، حیث إنّ تلک الروایات مطلقة تعمّ موارد وجود المرجّحات وعدمها فتقیّد بهذه الروایات وتحمل على موارد تساوی الخبرین.
کما أنّه قد یورد علیها: بأنّ نفس هذه الطوائف تعارض بعضها مع بعض، فإنّ بعضها یدلّ على ثلاث مرجّحات أو أربعة، وبعضها على اثنین، وبعضها الآخر على أنّها واحدة، والّتی تدلّ على مرجّح واحد أیضاً مختلفة.
وهذا الإشکال أیضاً یندفع بحمل المطلق منها على المقیّد، فإنّ ما تدلّ على مرجّح واحد مثلا تکون مطلقة بالنسبة إلى ما یدلّ على تعدّدها.
وهناک إیراد آخر: وهو وجود الاختلاف فی ترتیب المرجّحات فی هذه الأخبار، ولعلّه شاهد على الحمل على مراتب الاستحباب والفضل، کما أفتى به جمع من الأصحاب بالنسبة إلى الروایات المختلفة الواردة فی باب منزوحات البئر.
وهذا أیضاً یرتفع بعد التأمّل فی الأخبار والنسبة الموجودة بینها، فإنّ المهمّ من الطائفة الاُولى إنّما هی المقبولة، والمرجّحات الواردة فیها عبارة عن الشهرة وموافقة الکتاب ومخالفة العامّة، ولا إشکال فی أنّ الطائفة الثانیة وهی ما تدلّ على اثنین من هذه الثلاثة مطلقة بالنسبة إلى المرجّح الأوّل منها، وهکذا کلّ من الطوائف الدالّة على مرجّح واحد من الثلاثة، مطلقة بالنسبة إلى مرجّحین آخرین فیجمع بینها بالتقیید.
فتحصّل من جمیع ذلک أنّ العمدة فی المرجّحات ثلاثة: الشهرة وموافقة الکتاب ومخالفة العامّة.