وقد ذکر له تعریفان:
أحدهما: «أنّه خبر جماعة یفید بنفسه العلم»(1) واستشکل علیه بأنّه لا یوجد خبر یفید بنفسه العلم، بل یدخل فی حصول العلم اُمور أربعة: نوع الخبر ـ أی المخبر به ـ حال المخبرین، حال المخبر له وکیفیة الإخبار، مثل کون الخبر مکتوباً فی کتاب معتبر.
ولذلک فسّر بعض من ذهب إلى هذا التعریف لفظة «بنفسه» بما یشمل القرائن الداخلیّة الملازمة للخبر وأراد بها هذه الاُمورالأربعة، فیکون المراد من القرائن الخارجیّة حینئذ شیئاً غیرها، کاعتضاد مضمون الخبر بخبر ظنّی آخر أو دلیل عقلی کذلک.
ثانیهما: «أنّه خبر جماعة یمتنع تواطؤهم على الکذب عادةً»(2) وقد اُورد على هذا التعریف أوّلا: بأنّه لا ینفی احتمال الخطأ، فلابدّ من تقیید ذیله بهذا القید: «ویحصل من قولهم العلم».
وثانیاً: بعدم فائدة فی أخذ قید التواطؤ، لإمکان کذب کلّ واحد من المخبرین مستقلاّ بدواع شتّى من غیر تواطؤ، أو کذبهم بداع واحد على نشر اُکذوبة خاصّة من غیر التواطؤ.
فالصحیح فی التعریف أن یقال: «إنّه خبر جماعة کثیرة یمتنع اجتماعهم على الکذب والخطأ فی النقل عادةً»، والتقیید بقید «کثیرة» إنّما هو لأنّه لو حصل القطع مثلا من اجتماع ثلاثة أفراد على خبر لا یقال إنّه متواتر فی مصطلحهم، بل إنّه خبر مستفیض قطعی، وإذا کان هذا هو معنى التواتر فإنّه یختلف بحسب الأشخاص، فیمکن أن یکون خبر متواتراً عند شخص وغیر متواتر عند شخص آخر، ویمکن أن یکون متواتراً عند الکلّ.