حیث إنّ الوضع یحتاج إلى تصوّر اللفظ والمعنى ینقسم الوضع إلى أقسام بلحاظ اختلاف المعنى من حیث الکلیّة والجزئیّة، وباعتبار أنّ المعنى الموضوع له تارةً یتّحد مع ما یتصوّره الواضع، واُخرى یختلف، فالأقسام الحاصلة أربعة.
الأوّل: أن یکون المعنى المتصوّر مفهوماً عامّاً، أی معنىً کلّیاً، ویوضع اللفظ بإزاء نفس ذلک المفهوم، فیکون الوضع ـ أی المعنى المتصوّر ـ عامّاً والموضوع له أیضاً عامّاً.
الثانی: أن یکون الوضع والموضوع له کلاهما خاصّین.
الثالث: أن یتصوّر معنىً عامّاً ویضع اللفظ لمصادیقه، فیکون الوضع عامّاً والموضوع له خاصّاً.
ولا کلام فی إمکان هذه الأقسام الثلاثة، کما لا إشکال فی وقوع القسم الأوّل والثانی فی الخارج، فمن القسم الأوّل أسماء الأجناس، ومن الثانی الأعلام الشخصیّة، وأمّا القسم الثالث فالمشهور وقوعه خارجاً، وعدّوا من مصادیقه المعانی الحرفیّة وما شابهها، وسیأتی تحقیقه.
الرابع: أن یتصوّر معنىً جزئیاً ویضع اللفظ لکلّیه، کأن یتصوّر زیداً مثلاً ویضع اللفظ للإنسان، فیکون الوضع عامّاً والموضوع له خاصّاً.
والمشهور استحالة هذا القسم وهو الصحیح; لأنّ الخاصّ من حیث کونه خاصّاً لا یکون مرآة للعامّ وعنواناً له بخلاف العکس، فإنّ العامّ شامل لأفراده ووجه لها.