الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
نجد جواب هذا السؤال فی الآیة رقم 99 من سورة «الانعام» حیث یقول تعالى:
(انظروا إلى ثمره إذا أثمر وینعه إنّ فی ذلکم لآیات لقوم یؤمنون) ما نقرؤه الیوم فی علم النبات عن کیفیة طلوع الثمرة ونضجها یکشف لنا عن الأهمیّة الخاصّة التی یولیها القرآن للأثمار، إذ إنّ ظهور الثمرة فی عالم النبات أشبه بولادة الأبناء فی عالم الحیوان، فنطفة الذکر فی النبات تخرج من أکیاس خاصّة بطرق مختلفة (کالریاح أو الحیوانات) وتحط على القسم الاُنثوی فی النبات، وبعد التلقیح والترکیب تتشکل البیضة الملقحة الاُولى، وتحیط بها مواد غذائیة مشابهة لترکیبها، وهذه المواد الغذائیة تختلف من حیث الترکیب وکذلک من حیث الطعم والخواص الغذائیة والطبّیة. فقد تکون ثمرة (مثل العنب والرمان) فیها مئات من الحبّ، کل حبّة منها تعتبر جنیناً وبذرة لشجرة اُخرى، ولها ترکیب معقّد عجیب. و من الحسن أن نضرب مثلا بثمرة الرمان التی أشار إلیها القرآن على وجه الخصوص فی هذه الآیة.
إذا شققنا رمّانة وأخذنا إحدى حبّاتها ونظرنا خلالها بإتجاه الشمس أو مصدر ضوء آخر نجدها تتألف من أقسام أصغر، وکأنّها قواریر صغیرة مملوءة بماء الرّمان قد رصفت الواحدة إلى جنب الاُخرى. ففی حبّة الرمان الواحدة قد تکون المئات من هذه القواریر الصغیرة جدّاً، یجمع أطرافها غشاء رقیق هو غشاء حبّة الرمان الشفاف، ثمّ لکی یکون هذا التغلیف أکمل وأمتن وأبعد عن الخطر رکّب عدد من الحبّات على قاعدة فی نظام معیّن، ولفّت فی غلاف أبیض سمیک نسبیاً، وبعد ذلک یأتی القشر الخارجی للرمانة، یلفّ الجمیع لیحول دون نفوذ الهواء والجراثیم، ولمقاومة الضربات ولتقلیل تبخر ماء الرمان فی الحبات إلى أقل حدّ ممکن.
إنّ هذا الترتیب فی التغلیف لا یقتصر على الرمان، فهناک فواکه اُخرى ـ مثل البرتقال واللیمون ـ لها تغلیف مماثل، أمّا فی الأعناب والرمان فالتغلیف أدق وألطف.
ولعل الإنسان حذا حذو هذا التغلیف عندما أراد نقل السوائل من مکان إلى مکان، فهو یصف القنانی الصغیرة فی علبة ویضع بینها مادة لیّنة، ثمّ یضع العلب الصغیرة فی علب أکبر ویحمل مجموعها إلى حیث یرید.
وأعجب من ذلک استقرار حبّات الرمان على قواعدها الداخلیة وأخذ کلّ منها حصتها من الماء والغذاء وهذا کلّه ممّا نراه بالعین، ولو وضعنا ذرّات هذه الثمرة تحت المجهر لرأینا عالماً صاخباً وتراکیب عجیبة مدهشة محسوبة بأدقّ حساب.
فکیف یمکن لعین باحثة عن الحقیقة أن تنظر إلى هذه الثمرة ثمّ تقول: إنّ صانعها لا یملک علماً ولا معرفة!!(1)
لا يوجد تعليق