الجواب الاجمالي:
ان القرآن المجید یشیر الى مسألة التوحید فی الآیة رقم 27 ـ 28 من سورة «الفاطر، هذه الصفحة المشرقة من کتاب الخلق العظیم تلفت الانظار إلى تنوّع الجمادات والمظاهر المختلفة والجمیلة للحیاة فی عالم النبات والحیوان والإنسان، وکیف جعل الله سبحانه من الماء العدیم اللون الآلاف من الکائنات الملوّنة، وکیف خلق من عناصر معیّنة ومحدودة موجودات متنوّعة أحدها أجمل من الآخر!!
الجواب التفصيلي:
ان القرآن المجید یشیر الى مسألة التوحید فی الآیة رقم 27 ـ 28 من سورة «الفاطر، ویفتح صفحة جدیدة من کتاب التکوین أمام ذوی البصائر من الناس، لکی ترد بعنف على المشرکین المعاندین ومنکری التوحید المتعصّبین.
هذه الصفحة المشرقة من کتاب الخلق العظیم تلفت الانظار إلى تنوّع الجمادات والمظاهر المختلفة والجمیلة للحیاة فی عالم النبات والحیوان والإنسان، وکیف جعل الله سبحانه من الماء العدیم اللون الآلاف من الکائنات الملوّنة، وکیف خلق من عناصر معیّنة ومحدودة موجودات متنوّعة أحدها أجمل من الآخر!!
فهذا النقّاش الحاذق أبدع بقلم واحد وحبر واحد أنواع الرسوم والأشکال التی تجذب الناظرین وتحیّرهم وتدهشهم.
أوّلا تقول الآیة الکریمة: (ألم تر أنّ الله أنزل من السماء ماءً فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها).
شروع هذه الجملة بالإستفهام التقریری، وبتحریک حسّ التساؤل لدى البشر، إشارة إلى أنّ هذا الموضوع جلی إلى درجة أنّ أی شخص إذا نظر من موقع طلب الحقیقة أبصرها، نعم، یبصر هذه الفواکه والزهور الجمیلة والأوراق والبراعم المختلفة بأشکال مختلفة تتولّد من ماء وتراب واحد.
«ألوان»: قد یکون المراد «الألوان الظاهریة للفواکه» والتی تتفاوت حتى فی نوع الفاکهة الواحد کالتفّاح الذی یتلوّن بألوان متنوعة ناهیک عن الفواکه المختلفة. وقد یکون کنایة عن التفاوت فی المذاق والترکیب والخواص المتنوّعة لها، إلى حدّ أنّه حتى فی النوع الواحد من الفاکهة توجد أصناف متفاوتة، کما فی العنب مثلا حیث إنّه أکثر من 50 نوعاً، والتمر أکثر من سبعین نوعاً.
ثمّ تُشیر الآیة إلى تنوّع أشکال الجبال والطرق الملوّنة التی تمرّ من خلالها وتؤدّی إلى تشخیصها وتفریقها الواحدة عن الاُخرى. فتقول: (ومن الجبال جدد بیض وحمر مختلف ألوانها وغرابیب سود)(1)
هذا التفاوت اللونی یضفی على الجبال جمالا خاصّاً من جهة، ومن جهة اُخرى، یکون سبباً لتشخیص الطرق وعدم الضیاع فیما بین طرقها الملیئة بالإلتواءات والإنحدارات، وأخیراً فهو دلیل على أنّ الله على کلّ شیء قدیر.
وفی الآیة التالیة تطرح مسألة تنوّع الألوان فی البشر والأحیاء الاُخرى، فیقول تعالى: (ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه).
أجل، فالبشر مع کونهم جمیعاً لأب واحد واُمّ واحدة، إلاّ أنّهم عناصر وألوان متفاوتة تماماً، فالبعض أبیض البشرة کالوفر، والبعض الآخر أسود کالحبر، وحتى فی العنصر الواحد فإنّ التفاوت فی اللون شدید أیضاً، بل إنّ التوأمین الذین یطویان المراحل الجنینیة معاً، واللذین یحتضن أحدهما الآخر منذ البدء، إذا دقّقنا النظر نجدهما لیسا من لون واحد، مع أنّهما من نفس الأبوین، وتمّ إنعقاد نطفتیهما فی وقت واحد، وتغذّیا من غذاء واحد.
ناهیک عن التفاوت والإختلاف الکامل فی بواطنهم عدا أشکالهم الظاهریة، وفی خلقهم ورغباتهم وخصوصیات شخصیاتهم وإستعداداتهم وذوقهم، بحیث یتکوّن بذلک کیان مستقل منسجم بکلّ إحتیاجاته الخاصّة.
فی عالم الکائنات الحیّة أیضاً یوجد آلاف الآلاف من أنواع الحشرات، الطیور، الزواحف، الحیوانات البحریة، الوحوش الصحراویة، بکلّ خصائصها النوعیة وعجائب خلقتها، کدلالة على قدرة وعظمة وعلم خالقها(2)
لا يوجد تعليق