الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
تشیر الآیة الکریمة (إنّا کلّ شیء خلقناه بقدر) رغم إیجازها إلى حقیقة مهمّة کامنة فی جمیع الکون وحاکمة علیه، وهی دقّة الخلق والتقدیر فی جمیع الوجودات.
ومهما تطوّر العلم فانّ الإنسان یطّلع على مزید من هذه الحسابات والتقدیرات الإلهیّة الدقیقة فی عالم الوجود، والتی تشمل الکائنات المجهریة والأجرام السماویة العظیمة.
فمثلا: نسمع عن روّاد الفضاء أنّهم طبقاً للحسابات العلمیة الدقیقة التی اُنجزت بواسطة مئات الأفراد المتخصّصین المستخدمین العقول الإلکترونیة، أنّهم سیهبطون بسفنهم الفضائیة بنفس النقطة المحدّدة لهم على سطح القمر، مع العلم أنّ کلّ شیء سیتغیّر فی الفترة الزمنیة التی تسیر فیها السفینة الفضائیة بین الأرض والقمر، حیث یدور القمر حول نفسه وکذلک حول الأرض ویتغیّر مکانه بصورة کلیّة، وتدور الأرض حول نفسها، وکذلک حول الشمس وبسرعة فائقة، ولأنّ جمیع هذه التغییرات والحرکات محسوبة ومقدّرة بصورة مضبوطة ودقیقة بحیث لا تتخلّف عن هذه الأنظمة، یستطیع الفضائیون الهبوط فی النقطة المحدّدة لهم على سطح القمر نتیجة تلک الحسابات والتقدیرات الدقیقة.
ویستطیع المنجّمون کذلک من التنبّؤ بالخسوف والکسوف الجزئی والکلّی، وقبل عشرات السنین، وفی مختلف نقاط العالم، وتلک قرائن ودلائل على دقّة المقاییس فی هذا الوجود العظیم.
وفی الکائنات الصغیرة والدیدان الدقیقة نلاحظ دقّة المقاییس والحساب بصورة تدعو للظرافة والإعجاب والإنبهار عندما نشاهد طبیعة العروق والأعصاب والأجهزة المختلفة لهذه الکائنات.
وعندما ندقّق فی الکائنات المجهریة کالمکروبات والفیروسات والأمیبیات یبلغ إعجابنا أوجه لما نلاحظه من الدقّة فیها، رغم أن حجمها یبلغ نسبة الواحد على الألف من الملیم وأصغر من ذلک، والأعجب من ذلک حینما ندخل عالم الذرّة حیث تصل الدقّة فیها إلى حدّ لا یصدّق وخارج عن الحدود المتصوّرة.
إنّ هذه المقاییس لیست مختّصة بالمسائل الکمیّة فقط، بل إنّ الترکیبات الکیفیة أیضاً تتمتّع بنفس الخصوصیات الحسابیة، فالنظام المتحکّم على روح الإنسان ومیوله وغرائزه، وکذلک المقاییس الدقیقة فی مسیر المتطلّبات الفردیة والاجتماعیة للإنسان إذا طرأ علیها أی تغییر فإنّ النظام الحیاتی الفردی والاجتماعی سیتعرّض للتغیّر والإنهیار.
وفی عالم الطبیعة هنالک موجودات یتغذّى بعضها على البعض الآخر، وکلّ منها یوقف حالة النمو والتکاثر لکلّ منها، فالطیور الجارحة تتغذّى على لحوم الطیور الصغیرة، وتمنع تزایدها بصورة أکثر من اللازم حتى لا تضرّ المحاصیل الزراعیة، ولذا فإنّ الطیور الجارحة معمّرة، وهذه الطیور المعمّرة قلیلة البیض والفراخ، وعدد محدود من هذه الأفراخ یستطیع العیش، حیث یستدعی نموّها وبقاؤها ظروفاً خاصّة، ولو قدّر لهذه الطیور أن یکون لها فراخاً کثیرة وبهذا العمر الطویل لأدّى ذلک إلى إنقراض الطیور الصغیرة.
إنّ لهذه الحالة أمثلة عدیدة وواسعة فی عالم الحیوان والنبات، والمطالعات المختلفة فی هذا المجال تزیدنا وعیاً فی فهم الآیة الکریمة: (إنّا کلّ شیء خلقناه بقدر)(1)
لا يوجد تعليق