الجواب الاجمالي:
کل إنسان منصف لا یتردد أن یجیب: أنّ هذه الحیاة موهوبة للإنسان من لدن عالم قادر... عالم برموز الحیاة وقوانینها المعقّدة... وقادر على تنظیمها، إذن کیف یکفر هذا الإنسان بمن أحیاه بعد موته؟!
الجواب التفصيلي:
یلفت القرآن الکریم فی الآیة 28 من سورة «البقرة» ومن خلال ذکر إحدى الظواهر العجیبة الانسان الى وجود الله تعالى، وفی الحقیقة والواقع فإن القرآن یبدأ فی أدلّته من نقطة لا تقبل الإنکار، ویرکز على مسألة (الحیاة) بکل ما فیها من تعقید وغموض، ویقول: (کیف تکفرون بالله وکنتم أمواتاً فأحیاکم).
وفی هذه العبارة تذکیر للإنسان بما کان علیه قبل الحیاة... لقد کان میتاً تماماً مثل الأحجار والأخشاب ولم یکن فیه أی أثر للحیاة، لکنه الآن یتمتع بنعمة الحیاة، وبنعمة الشعور والإدراک.
من الذی منح الإنسان نعمة الحیاة؟ هل أنّ الکائن البشری هو الذی منح نفسه الحیاة؟! کل إنسان منصف لا یتردد أن یجیب: أنّ هذه الحیاة موهوبة للإنسان من لدن عالم قادر... عالم برموز الحیاة وقوانینها المعقّدة... وقادر على تنظیمها، إذن کیف یکفر هذا الإنسان بمن أحیاه بعد موته؟!
أجمعت العلماء الیوم أنّ مسألة الحیاة أعقد مسألة فی عالمنا هذا، لأن لغز الحیاة لم ینحل حتى الیوم على الرغم من کل ما حققه البشر من تقدّم هائل فی حقل العلم والمعرفة. قد یستطیع العلم فی المستقبل أن یکتشف بعض أسرار الحیاة... لکن السؤال یبقى قائماً بحاله: کیف یکفر الإنسان بالله وینسب هذه الحیاة بتعقیداتها وغموضها وأسرارها إلى صنع الطبیعة العمیاء الصّماء الفاقدة لکل شعور وإدراک؟!
من هنا نقول إن ظاهرة الحیاة فی عالم الطبیعة أعظم سند لإثبات وجود الله تعالى. والقرآن یرکّز فی الآیة المذکورة على هذه المسألة بالذات، وهی مسألة تحتاج إلى مزید من الدراسة والتعمق، لکننا نکتفی هنا بهذه الإشارة.
بعد التذکیر بهذه النعمة، تؤکد الآیة على دلیل واضح آخر وهو «الموت» (ثم یمیتکم).
ظاهرة «الموت» یراها الإنسان فی حیاته الیومیة، من خلال وفاة من یعرفهم ومن لا یعرفهم، وهذه الظاهرة تبعث أیضاً على التفکیر، من الذی قبض أرواحهم؟ ألا یدلّ سلبُ الحیاة منهم على أنّ هناک من منحهم هذه الحیاة؟
نعم... إنّ خالق الحیاة هو خالق الموت أیضاً، وإلى ذلک تشیر الآیة 2 سوره ملک : (الَّذی
لا يوجد تعليق