الجواب الاجمالي:
لهوى المحرَّم المحذَّر منه في الحديث هو الذي يفضي إلى اتباع الباطل، وترك الواجبات، وفعل المحرمات، بل كل هذه الأمور إنما هي بدافع اتباع الهوى لا غير.
إن اتباع الهوى، يصد عن قبول الحق، ولا تفيد معه كل الوسائل، قال تعالى: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) [الفرقان:43].
إن كل من اتبع الباطل فقد اتبع هواه؛ لأن الباطل والهوى مقترنان، قال تعالى: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ)
الجواب التفصيلي:
الروح الإنسانیة تخضع إمّا لله تعالى أو للأهواء، حیثُ لا یمکن الجمع بین الإثنین، فعبادة الأهواء أساس الغفلة عن الله وعبادة الله; عبادة الهوى هی سبب الإبتعاد عن جمیع الاُصول الأخلاقیة; وأخیراً فإنَّ عبادة الهوى تُدْخل الإنسان فی ذاته وتبعده عن جمیع حقائق العالم.
إنَّ الإنسان الذی یعبد هواه لا یفکِّر إلاّ فی إشباع شهواته، ولا یوجد لدیه معنى للفتوّة والعفو والإیثار والتضحیة والشیم المعنویة الاُخرى.
وقد اوضحت الآیات محل البحث الربط والعلاقة بین الإثنین بشکل جلی فی قوله تعالى: (ولا تُطع مَن أغفلنا قلبه عن ذکرنا واتبع هواه وکان أمره فُرطا).
لقد طرحت الآیة أوّلا (الغفلة) عن الله تعالى، ثمّ ذکرت بعدها (إتباع الهوى)، والطریف أنّ نتیجة هذا الأمر هو الإفراط وبالشکل المطلق الذی ذکرته الآیة.
لماذا یکون عابد الهوى مُصاباً بالإفراط دائماً؟
قد یکون السبب أنَّ الطبیعة الإنسانیة تتجه فی الملذّات المادیة نحو الزیادة دوماً، فالذی کان یشعر بالنشوة بمقدار معیّن مِن المخدّرات، لا یکفیه نفس المقدار فی الیوم التالی لبلوغ نفس درجة النشوة، بل علیه زیادة الکمیة بالتدریج، والشخص الذی کان یکفیه فی السابق قصر واحد مجهَّز بجمیع الإمکانات وبمساحة عدة آلاف من الأمتار، یصبح الیوم إحساسه بهذا القصر عادیاً، فینشد الزیادة، وهکذا فی جمیع مصادیق الهوى والشهوة حیث إنّها دائماً تنشد الزیادة حتى تهلک الإنسان نفسه(1)
لا يوجد تعليق