الجواب الاجمالي:
يمكن القول أن: «اتباع الهوى أبغض أنواع عبادة الأصنام»، وذلک ان الاصنام العادیة موجودات غیر فاعلة، فی حین ان اصنام الهوى والهوس، تغوی الانسان وتدفعه نحو ارتکاب کافة اشکال الذنوب والانحرافات.
الجواب التفصيلي:
لا مبالغة فی القول الذی یقول: «اتباع الهوى أبغض أنواع عبادة الأصنام»، وذلک ان الاصنام العادیة موجودات غیر فاعلة، فی حین ان اصنام الهوى والهوس، تغوی الانسان وتدفعه نحو ارتکاب کافة اشکال الذنوب والانحرافات.
ویمکن القول بشکل عام: إن لهذا النوع من الاصنام خصوصیة یستحق علیها أن یوصف "بأبغض الأصنام". وهذه الخصوصیة لها أسباب، هی:
1ـ أفضل طریق لنفوذ الشیطان هو اتباع الهوى
فما دام الشیطان لا یمتلک قاعدة وأساساً یستند إلیه فی داخل الإنسان، فلا قدرة له على الوسوسة ودفع الإنسان إلى الانحراف والمعصیة، وما تلک القاعدة والأساس إلاّ اتّباع الهوى، وهو ذات الشیء الذی أسقط الشیطان وأرداه، وطرده من صف الملائکة، وأبعده عن مقام القرب من الله.
2ـ إنّ اتباع الهوى یسلب الإنسان أهم وسائل الهدایة
وهی الإدراک الصحیح للحقائق، ویلقی الحجب على عقل الإنسان وعینه، وقد أشارت هذه الآیات إلى هذا الموضوع بصراحة بعد ذکر مسألة اتباع الهوى واتخاذه إلهاً، وآیات القرآن الاُخرى شاهدة على هذه الحقیقة أیضاً.
3ـ إنّ اتباع الهوى یوصل الإنسان إلى مرحلة محاربة الله
کما ابتلی بها إمام عباد الهوى ـ أی الشیطان الرجیم ـ فاعترض على حکمة الله سبحانه لمّا أمره بالسجود لآدم، واعتبره أمراً عاریاً عن الحکمة!
4ـ عواقب اتباع الهوى مشؤومة وألیمة
بحیث أنّ لحظة من لحظات اتباع الهوى قد یصاحبها عمر من الندامة والأسف والحسرة، ولحظة ـ یُتبع فیها الهوى ـ قد تجعل کلّ حسنات الإنسان وأعماله الصالحة التی عملها طوال عمره هباءً منثوراً، ولذلک ورد التأکید على الحیطة والیقظة فی هذا الأمر والتحذیر الشدید منه فی آیات القرآن والرّوایات الإسلامیة.
فقد ورد فی الحدیث المعروف عن النّبی(صلى الله علیه وآله): «إن أخوف ما أخاف على أمتی (اتّباع) الهوى وطول الأمل، أما الهوى فإنّه یصد عن الحق، وأمّا طول الأمل فینسی الآخرة»(1).
وفی حدیث آخر عن أمیر المؤمنین علی(علیه السلام) أنّه سئل: أی سلطان أغلب وأقوى؟ قال: «الهوى»(2).
وجاء فی حدیث آخر عن الإمام زین العابدین(علیه السلام): «إن الله تعالى یقول: وعزتی وعظمتی، وجلالی وبهائی، وعلوی وارتفاع مکانی، لا یؤثر عبد هوای على هواه إلاّ جعلت همه فی آخرته، وغناه فی قلبه، وکففت عنه ضیعته، وضمنت السماوات والأرض رزقه، وأتته الدنیا وهی راغمة»(3).
وورد فی حدیث عن الإمام الصادق(علیه السلام): «احذروا أهواءکم کما تحذرون أعداءکم، فلیس شیء أعدى للرجال من اتباع أهوائهم وحصائد ألسنتهم»(4).
وأخیراً ورد فی حدیث آخر عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: «إنی لأرجو النجاة لهذه الأمة لمن عرف حقنا منهم إلاّ لأحد ثلاثة: صاحب سلطان جائر، وصاحب هوى، والفاسق المعلن»(5).
وفی هذا الباب آیات وروایات کثیرة غنیة المضمون(6)
لا يوجد تعليق