التوحید إلى ربوبیة وألوهیة ، والثانی : فی إبطال القسم الثالث وهو توحید الاسماء والصفات منبهین على المحاذیر والاخطار من هذا التقسیم فنقول : [29-56]

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
التندید بمن عدد التوحید
شرح الطحاویة الطبعة الثامنة بتخریج الالبانی وتوضیح الشاویش : [57-60]قال ابن تیمیة فی کتابه (التأسیس فی رد أساس التقدیس) (1 / 568) : [19-28]
التوحید إلى ربوبیة وألوهیة ، والثانی : فی إبطال القسم الثالث وهو توحید الاسماء والصفات منبهین على المحاذیر والاخطار من هذا التقسیم فنقول : [29-56]
_____________________________________ [الصفحة 30] _____________________________________
فصل فی إبطال تقسیم التوحید الى ربوبیة وألوهیة إعلم أن العبادة شرعا هی غایة الخضوع والتذلل لمن یعتقد الخاضع فیه أوصاف الربوبیة ، وأما فی اللغة فالعبادة هی الطاعة ، والعبودیة هی الخضوع والذل ، فالعبادة شرعا غیر العبادة لغة ، فلا یقال لمن خضع وذل لانسان إنه عبده شرعا وهذا شئ لا یختلف فیه إثنان ، فمن تذلل عند قبر نبی أو ولی وتوسل به لا یقال إنه عبده من دون الله تعالى ، لان مجرد النداء والاستغاثة والخوف والرجاء لا یسمى عبادة شرعا ولو سمی عبادة لغة ودلیل ذلک أمور منها : الصلاة ، فالصلاة فی اللغة هی التضرع والدعاء ، وأما شرعا واصطلاحا فهی أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتکبیر مختتمة بالتسلیم ، فلیس کل دعاء صلاة ، ولا یقال لمن دعا فلانا بمعنى أنه طلب من فلان شیئا أنه صلى له فکذلک العبادة . وأما الدعاء فلیس جمیعه عبادة إلا إذا دعونا من نعتقد فیه صفات الربوبیة أوصفة واحدة منها ، فقول النبی ص : (الدعاء هو العبادة) کما رواه
_____________________________________ [الصفحة 31] _____________________________________
الحاکم وغیره بأسانید صحیحة (15) لیس معناه أن کل دعاء عبادة ، کما سیتضح بعد قلیل إن شاء الله تعالى ، وإنما یکون الدعاء عبادة إذا کان لله أو لمن یعتقد الداعی ان للمدعو صفة من صفات الربوبیة ، وقال بعض العلماء کما نقل المناوی فی الفیض (3 / 540) : (إن معنى حدیث (الدعاء هو العبادة) أی أن الدعاء هو من أعظم العبادة ، فهو کخبر (الحج عرفة) أی رکنه الاکبر ، فالدعاء له عدة معان منها النداء ، والنداء لیس عبادة وهذا المعنى موجود بکثرة فی کلام العرب وفی القرآن الکریم فمن شواهده فی کلام العرب قول الشاعر وهو : دثار بن شیبان النمری : فقلت ادعی وأدعو ان أندى لصوت أن ینادی داعیان وهذا البیت من شواهد النحاة على نصب المضارع بعد الواو بعد الامر ، کما صرح به الاشمونی وغیره عند قول صاحب الالفیة : والواو کالفا إن تفد مفهوم مع کلا تکن جلدا وتظهر الجزع ومعنى قوله ادعی نادی فهو خطاب لانثى وهی حلیلة لدثار ومعنى أدعو أنادی أنا ، ومعنى إن أندى أی أن أبعد وأرفع للصوت أن ینادی داعیان أی
---
(15) رواه الامام أحمد (4 / 271) وابن أبی شیبة (7 / 23 الفکر) وأبو داود (2 / 77 برقم 1479) والترمذی
(5 / 375 برقم 3247) وقال : حسن صحیح . والنسائی فی الکبرى (6 / 450) وابن ماجه (2 / 1258) وأبو نعیم فی الحلیة (8 / 120) والطبرانی فی (معجمه الصغیر (2 / 208 الروض الدانی) والطبری فی تفسیره
(مجلد 12 / جزء 24 / ص 78) وابن حبان فی صحیحه (2 / 124 دار الفکر) والحاکم فی (المستدرک) (1 / 491) وصححه وأقره الذهبی وهو کما قالا . (*)
_____________________________________ [الصفحة 32] _____________________________________
منادیان فظهر من هذا البیت أن الدعاء عند العرب یأتی بمعنى النداء . وأما فی القرآن فمنه قوله تعالى : *
(لا تجعلوا دعاء الرسول بینکم کدعاء بعضکم بعضا) * النور : 63 ، أی لا تجعلوا نداءه بینکم کما ینادی بعضکم بعضا ، باسمه الذی سماه به أبوه ، فلا تقولوا یا محمد ولکن قولوا یا نبی الله ، ویا رسول الله ، مع التوقیر والتعظیم والصوت المخفوض لقوله تعالى : * (ولا تجهروا له بالقول کجهر بعضکم لبعض أن تحبط أعمالکم وأنتم لا تشعرون) * الحجرات : 2 . ویأتی الدعاء بمعنى العبادة وهو موجود فی کلام العرب وفی القرآن الذی نزل بلغتهم الفصیحة ، ومنه قوله تعالى : * (والذین تدعون من دونه ما یملکون من قطمیر) * فاطر : 13 ، أی والذین تعبدون من دونه ، وکقوله تعالى أیضا : * (ولا تدع من دون الله ما لا ینفعک ولا یضرک) * یونس : 106 ، أی ولا تعبد من دون الله ما لا ینفعک ولا یضرک . وللدعاء معنى آخر أیضا وهو الاستعانة نحو قوله تعالى : * (وادعوا شهداءکم) * البقرة : 23 ، ومن معانیه أیضا السؤال کقوله تعالى : (أدعونی أستجب لکم) * غافر : 60 ، ومن معانیه أیضا الثناء کقوله تعالى : *
(ادعوا الله أو ادعوا الرحمن)*الاسراء : 110 ، ومن معانیه أیضا التسمیة کقوله تعالى : *
(ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها) * الاعراف : 180 ، أی سموه بها ، إلى غیر ذلک من المعانی . فاتضح أن مجرد النداء أو الاستغاثة أو الاستعانة أو الخوف أو الرجاء أو التوسل أو التذلل لا یسمى عبادة ، فقد یتذلل الولد لابیه والجندی لقائده ویخافه ویرجو منه أشیاء فلا یسمى ذلک عبادة له باتفاق العقلاء ، ولیس مجرد
_____________________________________ [الصفحة 33] _____________________________________
النداء عبادة ، ولو کان هذا النداء لاموات ، ففی الصحیحین : (أن النبی ص قال لاهل البئر واسمها القلیب ، التی ألقی فیها جماعة من الکفار فی بدر : (هل وجدتم ما وعدکم الله ورسوله حقا فإنی قد وجدت ما وعدنی الله حقا) ، خاطب النبی کفار قلیب بدر ، قال عمر : یا رسول الله کیف تکلم أجسادا لا أرواح فیها ، قال : ما أنتم بأسمع لما أقول منهم غیر أنهم لا یستطیعون أن یردوا على شیئا) رواه البخاری (7 / 301 فتح) ومسلم (4 / 2203) . ولیس التوسل عبادة للمتوسل به إلى الله ، فقد علم رسول الله ص الاعمى أن یقول :
(اللهم إنی أتوجه الیک بنبیک محمد نبی الرحمة ، یا محمد إنی أتوجه بک إلى ربی فی حاجتی لتقضى . .) الحدیث وهو صحیح مشهور بین أهل العلم ، رواه الترمذی (5 / 569) والبیهقی فی (دلائل النبوة) (6 / 166 - 168) والحاکم
(1 / 313) وصححه على شرطهما وأقره الذهبی وغیرهم بأسانید صحیحة . کما أن الاستغاثة أیضا بمخلوق لیست عبادة له کما ثبت فی الصحیحین (أن الشمس تدنو یوم القیامة حتى یبلغ العرق نصف الاذن فبینا هم کذلک استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد ص فیشفع لیقضى بین الخلق) انظر فتح الباری (3 / 338) ، فما زعمه الجهلة أن کل نداء للمیت عبادة له فهو من التخبط فی الجهل القبیح . وملخص ما مر أن العبادة فی اللغة هی مطلق الطاعة والخضوع لای أحد کان بخلاف العبادة فی اصطلاح الشرع فهی غایة التذلل والخضوع لمن یعتقد الخاضع له بعض صفات الربوبیة ، فإذا فهمت ذلک علمت یقینا أن من أطاع أحدا وخضع له لا لاعتقاده أن له بعض صفات الربوبیة لا یسمى
_____________________________________ [الصفحة 34] _____________________________________
عابدا له شرعا وإن کان الخضوع والتذلل لغیر الله تعالى قد یحرم فی بعض صوره کما إذا کان لغنی لاجل غناه ، لکنه لا یسمى عبادة شرعا ، ولا یکون صاحبه مشرکا ، کما أفاد ذلک العلامة محمد حبیب الله الشنقیطی فی زاد المسلم . ویوضح ذلک أیضا أن نقول : إن العبادة شرعا معناها الاتیان بأقصى الخضوع قلبا وقالبا ، فهی إذن نوعان قلبیة وقالبیة ،(فالقلبیة) : هی اعتقاد الربوبیة أو خصیصة من خصائصها کالاستقلال بالنفع أو الضر ونفوذ المشیئة لمن اعتقد فیه ذلک ،(والقالبیة) : هی الاتیان بأنواع الخضوع الظاهریة من قیام ورکوع وسجود وغیرها مع ذلک الاعتقاد القلبی ، فإن أتى بواحد منها بدون ذلک الاعتقاد لم یکن ذلک الخضوع عبادة شرعا ولو کان سجودا ، وإنما قال العلماء بکفر من سجد للصنم لانه أمارة وعلامة على ذلک الاعتقاد ، لا لانه کفر من حیث ذاته ، إذ لو کان کفرا لذاته - السجود - لما حل فی شریعة قط ، وقد حل کما هو معلوم فی آیات کثیرة ، فکیف حل وهو کفر ، والله لا یأمر بالفحشاء ، قال تعالى : * (إن الله لا یأمر بالفحشاء) * الاعراف : 27 . فقد کان کما هو معلوم السجود لغیر الله عزوجل على وجه التحیة والتکریم مشروعا فی الشرائع السابقة وإنما حرم فی هذه الشریعة ، فمن فعله لاحد تحیة وإعظاما من غیر أن یعتقد فیه ربوبیة کان آثما بذلک السجود ، ولا یکون به کافرا إلا إذا قارنه اعتقاد الربوبیة للمسجود له ، ویرشدک الى ذلک قوله عز وجل فی سیدنا یعقوب نبی الله علیه وعلى نبینا الصلاة والسلام وامرأته وبنیه حین دخلوا على سیدنا یوسف * (وخروا له سجدا) * یوسف : 100 ، قال ابن کثیر فی تفسیرها :
_____________________________________ [الصفحة 35] _____________________________________
(أی سجد له أبواه وإخوته الباقون وکانوا أحد عشر رجلا ، وقد کان هذا سائغا فی شرائعهم ، إذا سلموا على الکبیر یسجدون له ، لم یزل هذا جائزا من لدن آدم إلى شریعة عیسى علیه الصلاة والسلام ، فحرم هذا فی هذه الملة) ا ه‍ المقصود منه . ویوضح ذلک أیضا أمره عزوجل الملائکة بالسجود لادم ، فکان سجودهم له علیه الصلاة والسلام عبادة للامر عزوجل ، وإکراما لآدم علیه الصلاة والسلام . ومن هنا نعلم أن تعظیم الکعبة بالطواف حولها وتعظیم الحجر الاسود باستلامه وتقبیله والسجود علیه لیس عبادة شرعا للبیت ولا للحجر ، وإنما هو عبادة للامر بذلک سبحانه وتعالى ، الذی اعتقد الطائف بالبیت ربوبیته سبحانه ، فلیس کل تعظیم لشئ عبادة له شرعا ، حتى یکون شرکا ، بل منه ما یکون واجبا أو مندوبا إذا کان مأمورا به أو مرغبا فیه ، ومنه ما یکون مکروها أو محرما ، ومنه ما یکون مباحا ، ولا یکون التعظیم لشئ شرکا حتى یقترن معه اعتقاد ربوبیة ذلک الشئ ، أو خصیصة من خصائصها ، فکل من عظم شیئا فلا یعتبر فی الشرع عابدا له إلا إذا اعتقد فیه ذلک الاعتقاد ، وقد استقر فی عقول بنی آدم ما داموا على سلامة الفطرة أن من ثبتت له الربوبیة فهو للعبادة مستحق ، ومن انتفت عنه الربوبیة فهو غیر مستحق للعبادة ، فثبوت الربوبیة واستحقاق العبادة متلازمان فیما شرع الله فی شرائعه وفیما وضع فی عقول الناس ، وعلى أساس اعتقاد الشرکة فی الربوبیة بنى المشرکون استحقاق العبادة لمن اعتقدوهم أربابا من دون الله تعالى ، ومتى انهدم هذا الاساس من نفوسهم تبعه ما بنی علیه من استحقاق غیر الله للعبادة ، ولا
_____________________________________ [الصفحة 36] _____________________________________
یسلم المشرک بانفراد الله تعالى باستحقاق العبادة حتى یسلم بانفراده عزوجل بالربوبیة ، وما دام فی نفسه اعتقاد الربوبیة لغیره عزوجل استتبع ذلک الاعتقاد فی هذا الغیر الاستحقاق للعبادة ولذلک کان من الواضح عند أولی الالباب أن توحید الربوبیة وتوحید الالوهیة شئ واحد ولا فرق بینهما وهما متلازمان لا ینفک أحدهما عن الاخر فی الوجود وفی الاعتقاد ، وتقسیم التوحید الى توحید ألوهیة وربوبیة باطل ، کما سیتبین الان إن شاء الله تعالى ، فمن اعترف أنه لا رب إلا الله کان معترفا بأنه لا یستحق العبادة غیره ، ومن أقر بأنه لا یستحق العبادة غیره کان مذعنا بأنه لا رب سواه ، وهذا هو معنى لا إله إلا الله فی قلوب جمیع المسلمین ، ولذلک نرى القرآن فی کثیر من المواضع یکتفی بأحدهما عن الاخر ، ویرتب اللوازم المستحیلة على انتفاء أی واحد منهما لیستدل بانتفائها على ثبوته فانظر إلى قوله تعالى : *
(لو کان فیهما آلهة إلا الله لفسدتا) * الانبیاء : 22 ، وقوله تعالى : * (وما کان معه من إله إذا لذهب کل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض) * المؤمنون : 91 ، حیث عبر بالاله ولم یعبر بالرب . وکذلک فی المیثاق الاول ، قال سبحانه : (ألست بربکم)*الاعراف : 172 ، ولم یقل بالهکم ، واستفاض عن رسول الله ص : أن الملکین یقولان للمیت فی قبره : (من ریک ؟) ویکتفیان بالسؤال عن توحید الربوبیة ، ویکون جوابه بقوله : (الله ربی) ، کافیا ، ولا یقولان له إنما عرفت توحید الربوبیة واعترفت به فقط ولم تعترف بتوحید الالوهیة ، ولا یقولان له لیس توحید الربوبیة کافیا فی الایمان . وهذا خلیل الله سیدنا إبراهیم علیه الصلاة والسلام یقول لذلک الجبار :
_____________________________________ [الصفحة 37] _____________________________________
(ربى الذی یحیى ویمیت) * البقرة : 258 ، فیجادله بأنه کذلک یحیی ویمیت ، الى أن حاجه خلیل الله بما یکذب دعوى ربوبیته فتندحض دعوى استحقاقه للعبادة . ویثبت أنه لا فرق بین توحید الالوهیة والربوبیة أیضا أن الله تعالى حکى عن فرعون أنه قال مرة : * (ما علمت لکم من إله غیری) * القصص : 38 ، ومرة أخرى : *(أنا ربکم الاعلى)*النازعات : 24 ، فاتضح أن الاله هو الرب ، والرب هو الاله ولا فرق . وبالجملة فقد أومأ القرآن الکریم والسنة المستفیضة الى تلازم توحید الربوبیة والالوهیة وأن ذلک مما قرره رب العالمین ، واکتفى سبحانه من عبده بأحدهما عن صاحبه ، لوجود هذا التلازم ، وکذلک اکتفى به الملائکة المقربون عند السؤال ، وفهم الناس هذا التلازم حتى الفراعنة الکافرون بداهة ، ولم یقل أحد من السلف ولا من الصحابة ولا من التابعین بالفرق ، وأن هناک توحید ألوهیة یغایر توحید الربوبیة ، ولم ینقل ذلک التفریق عن واحد منهم فضلا عن نقله من الکتاب أو السنة ، حتى ابتدع وتکلم بذلک بعض أهل القرن الثامن الهجری ، ولا عبرة بذلک قطعا ، فما هذا الهذیان بهذا التقسیم الذى یفتریه أولئک المبتدعة الخراصون ، فیرمون المسلمین بأنهم قائلون بتوحید الربوبیة دون توحید العبادة - أی الالوهیة - وأنه لا یکفی المسلمین توحید الربوبیة فی إخراجهم من الکفر وإدخالهم فی الاسلام . وینبغی لفت النظر أیضا الى قوله تعالى : * (إن الذین قالوا ربنا الله ثم استقاموا . .) * فصلت : 30 ، وهى فی موضعین من کتاب الله تعالى ، ولم یقل إلهنا بل قال - ربنا الله - ، وقول رسول الله ص لمن سأله عن وصیة جامعة : (قل ربى الله ثم استقم)
_____________________________________ [الصفحة 38] _____________________________________
ولم یقل له : قل إلهی الله ثم استقم ، فاکتفى بتوحید الربوبیة فی النجاة والفوز لاستلزامه وعدم تغایره لتوحید الالوهیة ، وهذا بشهادة الله ورسوله کما ترى ، فمن رافقه التوفیق وفارقه الخذلان ونظر فی المسألة نظر الباحث المنصف علم یقینا علما لا تخالطه ریبة أن مسمى العبادة شرعا لا یدخل فیه شئ مما عداه ، کالتوسل والاستغاثة وغیرهما ، بل لا یشتبه بالعبادة أصلا ، فإن کل ما یدل على التعظیم لا یکون من العبادة إلا إذا اقترن به اعتقاد الربوبیة لذلک المعظم أو صفة من صفاتها الخاصة بها . ألا ترى الجندی یقوم بین یدی رئیسه ساعة وساعات إحتراما له وتأدبا معه ، فلا یکون هذا القیام عبادة لرئیسه لا شرعا ولا لغة ، ویقوم المصلى بین یدی ربه فی صلاته بضع دقائق قدر قراءة الفاتحة ونحوها ، فیکون هذا القیام عبادة شرعا ، وسر ذلک أن هذا القیام وإن قلت مسافته مقترنا باعتقاد القائم ربوبیة من قام له . ولم یأت عن واحد من الائمة الاربعة أو غیرهم من أئمة السلف ، ولا عن أتباع التابعین ، ولا عن التابعین ولا عن الصحابة ، ولا عن رسول الله ص فی سنته الواسعة فی الصحاح والسنن والمسانید والمعاجم وغیرها أن التوحید ینقسم الى توحید ربوبیة والى توحید الوهیة ، وأن من لم یعرف توحید الالوهیة لا یعتد بمعرفته لتوحید الربوبیة . وأما قوله تعالى : *
(ولئن سألتهم من خلق السموات والارض لیقولن الله) * الزمر : 38 وقوله تعالى : *
(قل من رب السموات السبع ورب العرش العظیم سیقولون الله) المؤفون:86 - 87 ، معناه أنهم یقولون ذلک إذا سألتهم عند ظهور الحجج القاطعات علیهم والایات البینات،وذلک مجرد
_____________________________________ [الصفحة 39] _____________________________________
قول بألسنتهم ولیس ذلک فی قلوبهم ، لانهم ما کانوا یقرون بوجود الخالق خلافا لمن زعم أنهم کانوا موحدین توحید ربوبیة وخلافا لمن زعم أن الرسل لم یبعثوا إلا لتوحید الالوهیة ، وهو إفراد الله بالعبادة وأن توحید الربوبیة یعرفه المشرکون والمسلمون مستدلا بقوله تعالى : * (ولئن سألتهم من خلق السموات والارض لیقولن الله) * لقمان : 25 ، فهذا الزعم لا شک أنه باطل لان هذا الزاعم لبس على البسطاء معنى الایة أو لم یفهمها هو ! ! وقد بینا معناها ، : أنهم أقروا بألسنتهم فقط ، لذلک قال الله تعالى : * (ولئن سألتهم من خلق السموات والارض وسخر الشمس والقمر لیقولن الله فأنى یؤفکون) * العنکبوت : 61 ، معناه کما قال القرطبی فی التفسیر (13 / 161) :
(أی کیف یکفرون بتوحیدی وینقلبون عن عبادتی ، معناه : أنهم یقولون ذلک بألسنتهم فقط عند إقامة الحجج علیهم وهم فی الحقیقة لا یقولون بذلک) . وأیضا قال الله تعالى : * (ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحیا به الارض بعد موتها) * العنکبوت : 63 ، قال الامام القرطبی : أی جدبها وقحط أهلها * (لیقولن الله) * أی فإذا أقررتم بذلک فلم تشرکون به وتنکرون الاعادة * (قل الحمد لله) * أی على ما أوضح من الحجج والبراهین على قدرته * (بل أکثرهم لا یعقلون) * انتهى من القرطبی . فإذا تنبهت لمعنى هذه الایات وأمثالها عرفت بأنها لیست دلیلا على أنهم کانوا یقرون بتوحید الربوبیة کما یتوهم بعض الناس ، لان القرآن وواقع هؤلاء الکفار یبین أنهم کانوا ینکرون الخالق وینکرون السجود له ، کما سیأتی الان إن شاء الله تعالى فی ذکر الایات الموضحة لذلک ، وکانوا ینکرون البعث
_____________________________________ [الصفحة 40] _____________________________________
ویعتقدون التأثیر والتدبیر لغیر الله فیقولون : (أمطرنا بنوء کذا ونوء کذا) ولو کانوا یقرون بتوحید الربوبیة کما زعم الخراصون لما قال لهم المولى سبحانه : * (یا أیها الناس أعبدوا ربکم الذی خلقکم والذین من قبلکم) * البقرة : 21 ، بل کان اللازم أن یقول لهم : - أعبدوا الهکم - ، وقال تعالى : * (ألم تر إلى الذی حاج إبراهیم فی ربه) * . . الایة البقرة : 258،وکان اللازم على زعم من قال : إن النمرود کان یعرف توحید الربوبیة ویجهل توحید الالوهیة ،أن یقول الله تعالى - ألم تر الى الذی حاج إبراهیم فی إلهه - وکان اللازم على زعمهم أن یقول الله تعالى بدل قوله : *
(ثم الذین کفروا بربهم یعدلون) * الانعام : 1 ، أن یقول : - بالههم یعدلون - ولکن ذلک فاسد لانهم لم یکونوا مقرین ، ودلیل ذلک قوله تعالى : *
(وضرب لنا مثلا ونسی خلقه قال من یحیی العظام وهى رمیم ، قل یحییها الذی أنشأها أول مرة) * یس 78 - 79 ، وقوله تعالى : * (ألا یسجدوا لله الذی یخرج الخبأ فی السموات والارض) * النمل : 25 ، وقوله تعالى : *
(وهم یکفرون بالرحمن قل هو ربى) * الرعد : 30 ، فأما هم فلم یجعلوه ربا ، وقال تعالى : *
(ءأرباب متفرقون خیر أم الله الواحد القهار) * یوسف : 39 ، وقال تعالى :*(ولا تسبوا الذین یدعون)* - أی یعبدون - * (من دون الله فیسبوا الله عدوا بغیر علم) * الانعام : 108 ، وقد اشتهر إنکارهم للبعث أشد الانکار ، وأنهم ما یهلکهم إلا الدهر ، وقد اشتهر ذلک فی أقوالهم وأشعارهم ، حتى قال أحدهم : أشاب الصغیر وأفنى الکبیر کر الغداة ومر العشی واشتهر عنهم أنهم کانوا یقولون : ما هی إلا أرحام تدفع وأرض تبلع ،
_____________________________________ [الصفحة 41] _____________________________________
فهل یقول عاقل فی هؤلاء مع هذا الکفر الصریح أنهم موحدون توحید الربوبیة ؟ ! ولو کانوا یقرون بتوحید الربوبیة عند إقامة الحجة علیهم ، فإن مجرد الاقرار به لا یسمى توحیدا عند علماء المسلمین ، ولو کان الاقرار بالربوبیة توحیدا کما زعم الخراصون لکان تصدیق عتاة قریش النبی ص وتکذیبهم بآیات الله تعالى توحیدا ، ولا یقول بهذا عاقل ، قال تعالى : (فإنهم لا یکذبونک ولکن الظالمین بآیات الله یجحدون) * الانعام : 33 ، ولو کان الاقرار بالربوبیة توحیدا کما زعموا لکان علم عاد بالخالق مع تکذیبهم آیاته ورسوله هودا علیه السلام لما هددهم بالعذاب توحیدا زاجرا لهم عن قولهم ، کما أخبر الله عنهم : * (من أشد منا قوة أولم یروا أن الله الذی خلقهم هو أشد منهم قوة وکانوا بآیاتنا یجحدون) * فصلت : 15 ، ولا یقول بهذا عاقل ، أیقول عاقل فی فرعون الذی قال * (أنا ربکم الاعلى) * النازعات : 24 ، وقال *
(یا أیها الملا ما علمت لکم من اله غیری) * القصص : 38 ، وقوله * (لئن اتخذت إله غیری لاجعلنک من المسجونین) * الشعراء : 29 ، مع قوله : * (إن رسولکم الذی أرسل الیکم لمجنون) * الشعراء : 27 ، لما أجابه سیدنا موسى علیه الصلاة والسلام عن سؤاله عن حقیقة رب العالمین قائلا له : * (قال رب السموات والارض وما بینهما إن کنتم موقنین) * الشعراء : 24 ، وقوله له أیضا : * (ربکم ورب آبائکم الاولین) * الشعراء : 26 ، فهل یقال بعد هذا : إن فرعون کان یعرف توحید الربوبیة ویجهل توحید الالوهیة ؟ ! فهذا التقسیم للتوحید باطل غیر صحیح ، وکل من قال به مخطئ .
_____________________________________ [الصفحة 42] _____________________________________
وأما معنى قوله تعالى : * (وما یؤمن أکثرهم بالله إلا وهم مشرکون) * یوسف : 106 ، فمعناه وما یؤمن أکثرهم بالله فی إقرارهم بوجود الخالق عند إقامة الحجة والبراهین علیهم تکذبه قلوبهم ویکذبه واقعهم ، فإیمانهم أمامکم عند إقامة الحجة والبرهان على وجود الله تعالى بألسنتهم غیر معتبر ولا مقبول عند الله تعالى * (یرضونکم بأفواههم وتأبى قلوبهم)*التوبة : 8 ، فهم کاذبون باتخاذهم آلهة یعبدونها غیر الله ، أو باتخاذهم الاحبار والرهبان أربابا ، أو اعتقادهم الولد له سبحانه والتعبیر فی هذه الآیة فی جانب شرکهم بالجملة الاسمیة الدالة على الثبوت والدوام الواقعة حالا لازمة ، والتعبیر فی جانب إیمانهم أی إقرارهم بالجملة الفعلیة الدالة على التجدد دلیل لغوی على أن شرکهم دائم مستمر ، وأن إقرارهم بوجود الخالق الرازق المحی الممیت مع ارتکابهم ما ینافی ذلک الاقرار من أقوالهم وأفعالهم وعبادتهم لغیر الله تعالى کما قال تعالى : * (واتخذوا من دون الله آلهة) * یس : 74 ، لا یکون توحیدا ولا إیمانا لغة ولا شرعا ، لان الایمان فی اللغة هو التصدیق بالقلب مطلقا ، وفی الشرع تصدیق النبی ص فیما علم مجیئه به بالضرورة ، فقولهم عند إقامة الحجة علیهم : *
(ما نعبدهم إلا لیقربونا إلى الله زلفى) * الزمر : 3 ، کذب منهم لیبرئوا أنفسهم ، والله تعالى بین أنهم کاذبون إذ قال کما فی آخر هذه الآیة : * (إن الله لا یهدی من هو کاذب کفار) * الزمر : 3 .
_____________________________________ [الصفحة 43] _____________________________________
فصل فی إبطال القسم الثالث من التقسیم المزعوم وهو توحید الاسماء والصفات إعلم یرحمک الله تعالى أن أهل السنة والجماعة بما فیهم الاشاعرة والماتریدیة یثبتون لله من الصفات ما أثبت لنفسه ، وما یشوشه المجسمة علیهم من أنهم معطلة وجهمیة تشویش فارغ لا قیمة له بعد التمحیص العلمی والتدقیق (16) . فأهل السنة یثبتون لله العلم والقدرة والارداة والمشیئة والرحمة والحیاة والسمع والبصر والکلام وغیر ذلک من الصفات ، وینزهون الله سبحانه عما لا یلیق به ، ولا یطلقون بعض الالفاظ والاضافات الواردة فی الکتاب والسنة والتی لا یراد منها حقیقتها صفات لله تعالى ، لان نفس القواعد التی أسستها آیات القرآن المحکمة وأحادیث النبی ص ترفض ذلک ، فمثلا لا یثبتون صفة النسیان مع أن لفظ النسیان ورد مضافا لله تعالى فی القرآن ، قال تعالى :
---
(16) والمؤمن لا ینغر بالشعارات ولا بالاشاعات ، وانما یتثبت من کل أمر یسمعه ویمحص ویبحث بنفسه ، وأسأل الله أن لا ینطبق فینا نحن الامة الاسلامیة قول أحد أعدائنا فینا : هذه أمة تسمع ولا تقرأ ! (*)
_____________________________________ [الصفحة 44] _____________________________________
(نسوا الله فنسیهم) * التوبة : 67 ، فلم یصفوا الله بذلک-أعنی النسیان- لان الله تعالى یقول أیضا :*(وما کان ربک نسیا) * مریم : 64 ، وکذلک لفظ الهرولة والضحک والمرض والجوع وردت فی أحادیث لا یجوز لای عاقل أن یطلقها صفات على الله سبحانه ، فالحدیث الصحیح الذی فیه : (ومن أتانی ماشیا أتیته هرولة) لا نثبت به صفة الهرولة لله سبحانه التی معناها الحقیقی فی اللغة المشی السریع ، بل یعرف جمیع العقلاء ویدرکون بأن المراد بذلک هو المعنى المجازی فی اللغة وهو : (من أطاعنی وتقرب إلى تقربت إلیه بإکرامه والانعام علیه أکثر وأسرع) . وکذلک ما جاء فی الحدیث القدسی الصحیح : (عبدی مرضت فلم تعدنی . .) الحدیث رواه مسلم (4 / 1990 برقم 2569) ، لا نقول أن الله أثبت لنفسه مرضا وأضافه إلیه فنحن نثبت له صفة المرض ، بل لا یقول بهذا عاقل ، وقد أرشد الحدیث أن الصفة هی للعبد ، وإنما صرفنا تلک الصفة من أن نعدها من صفات الله ، قواعد التنزیه المأخوذة من الکتاب والسنة الناصة على أنه سبحانه * (لیس کمثله شئ) * . والضحک کذلک لا یلیق أن یطلق حقیقة على الله وإنما یطلق على سبیل المجاز ، وتأویله عند أهل العلم الرضا أو الرحمة ، فإذا ورد فی حدیث أن الله یضحک الى فلان فالمراد به أنه یرضى عنه ویرحمه وهکذا ، فهناک قواعد وأصول لا بد أن نرجع إلیها ضبطها أهل العلم من الائمة الراسخین الربانیین وقد عرضناها وبیناها فی التعلیق على (دفع شبه التشبیه) . روى الامام البیهقی فی کتاب (الاسماء والصفات) (ص 298) (17) أن الامام
---
(17) بتحقیق الامام المحدث الکوثری علیه الرحمة والرضوان ، طبعة دار إحیاء = (*)
_____________________________________ [الصفحة 45] _____________________________________
البخاری رحمه الله تعالى أول الضحک بالرحمة ، وهذا هو نهج السلف والمحدثین والبخاری بلا شک من أئمة المحدثین ومن أهل القرون الثلاث ، قرون السلف المشهود لها بالخیریة .
---
التراث . (تنبیه) : لقد طبع کتاب (الاسماء والصفات) للحافظ البیهقى الذی قدم له وعلق علیه الامام المحدث الکوثری رحمه الله تعالى طبعتین جدیدتین ، إحداهما : قد حذف منها کتاب (فرقان القرآن) للشیخ العزامی رحمه الله تعالى کما حذف منها مقدمة العلامة الکوثری ، والثانیة : طبعة بصف جدید لم یکتب علیها أن التعلیقات التی علیها هی للعلامة الکوثری ، ثم رأیت طبعة ثالثة : بصف وتنضید جدید أیضا حذفت منها تعلیقات المحدث الکوثری ، ثم رأیت من یحیک هذا التلاعب من تجار الکتب قد طبعوا کتابا آخر سموه (الاسماء والصفات) بشکل وبحجم کتاب (الاسماء والصفات) للحافظ البیهقی ، ولکنه باسم ابن تیمیة الحرانی ، لیضللوا القارئ المبتدئ عن کتاب الحافظ البیهقی بشکل عام ! ! ویبعدوه عن تعلیقات ومقدمه العلامة المحدث محمد زاهد الکوثری بشکل خاص ! ! فلتکونوا جمیعا على علم تام بهذا التلاعب المشین ! ! وهذه المؤامرات الخبیثة . ثم اعلموا أنه لیس لابن تیمیة کتاب یسمى (الاسماء والصفات) کما أنه لیس له کتاب یسمى
(دقائق التفسیر) (6 مجلدات نفخ طباعی) کما بینا ذلک فی تعلیقنا على (دفع شبه التشبیه) (ص 51) وإنما ذهب المفتونون بالشیخ الحرانی وعشاقه والمروجون لاقواله الخاطئة إلى - فتاواه - المبارکة ! ! فاستخرجوا منها الکلام على مسائل الصفات ! ! فجمعوها وطبعوها باسم جدید ! ! خداعا ! ! وتمویها ! ! ولیکثروا مصنفات الشیخ الحرانی فی أعین المغفلین من السذج أو القراء البسطاء ! ! فالله تعالى حسیبهم ! ! (*)
_____________________________________ [الصفحة 46] _____________________________________
فرع التأویل من منهج السلف یشیع المجسمة والمشبهة أن مذهب السلف عدم التأویل وإمرار النصوص واعتقاد حقیقة ظواهرها ، وأن مذهب الخلف وعلى رأسهم الاشاعرة هو تأویل الصفات والتعطیل . وهذه إشاعة لا أصل لها من الصحة البتة ، وقد انغر بها کثیر من الناس ، بل کثیر من أهل العلم فظنوا صحتها ، والصواب أن السلف بما فیهم الصحابة والتابعون کانوا یؤولون کثیرا من الالفاظ التی لا یراد منها إثبات صفات لله تعالى ، وتفسیر الامام الحافظ ابن جریر السلفی (توفی 310 ه‍) أکبر برهان على ذلک فقد أورد الحافظ ابن جریر الطبری فی تفسیره وروى بأسانیده عن سیدنا ابن عباس تأویل (الساق) الواردة فی قول الله تعالى : * (یوم یکشف عن ساق) * القلم : 42 ، بالشدة ، لان العرب تقول کشفت الحرب عن ساقها أی اشتدت . کما نقل الحافظ ابن جریر تأویل النسیان بالترک ، انظر تفسیر الطبری
(مجلد 5 / جزء 8 ص 201 - 202) ونقل تأویل قوله تعالى : * (والسماء بنیناها بأید) * الذاریات : 47 ، أی بنیناها بقوة انظر (27 / 7) من تفسیره (18) .
---
(18) (الاید) : فی اللغة جمع ید وهی الکف ، ولیس کما یشیع بعضهم باطلا بتلبیس = (*)
_____________________________________ [الصفحة 47] _____________________________________
وهذه التأویلات منقولة عن سیدنا ابن عباس وعن مجاهد وقتادة والحسن ومنصور وابن زید وغیرهم من أعلام السلف الصالح رضى الله عنهم ، وکلها تشهد بکذب من قال إن السلف لم یؤول أحد منهم ولم یکن التأویل من منهجهم وإنما هو عند الخلف والاشاعرة المعطلة الجهمیین ، کبرت کلمة تخرج من أفواههم یطمسون بها الحق والحقائق ، وینصرون بها آرائهم الخاطئة المغلوطة . والتأویل أیضا ثابت عن الامام أحمد ثبوت الشمس فی رابعة النهار وهو من أعلام السلف وأئمة المحدثین ، وإلیه تظهر المجسمة الانتساب وهو مؤول وقد بینا ذلک فی مقدمتنا لکتاب الحافظ ابن الجوزی (دفع شبه التشبیه) أول الامام أحمد قوله تعالى : * (وجاء ربک) * الفجر : 22 ، أنه جاء ثوابه ، کما ثبت عنه بإسناد صحیح ، انظر البدایة والنهایة لابن کثیر (10 / 327) . وهناک تأویلات أخرى کثیرة وردت عن الامام أحمد لا أرید الاطالة بذکرها ، ذکرت بعضها فی کتابی (الادلة المقومة لاعوجاجات المجسمة) فلتراجع وکل ذلک یثبت بطلان وتهافت قول من قال : إن الاشاعرة والخلف معطلة لانهم أولوا ، والسلف لم یؤولوا بل اثبتوا لله تعالى ما أثبت لنفسه .
---
= غریب أن (الاید) فی اللغة لا تطلق إلا على القوة ، لیصلوا إلى أن ابن عباس لم یؤول فی هذه الایة ، فهؤلاء تکذبهم قوامیس اللغة ، ففی القاموس المحیط للمجد الفیروز أبادی فی مادة (یدی) یقول : الید : الکف ، أو من أطراف الاصابع الى الکتف ، جمعها : أید ویدی . اه‍ . فتأمل . ویکذبهم قبل ذلک القرآن الکریم فإن الله سبحانه یقول فی کتابه : *
(أم لهم أید یبطشون بها) * الاعراف : 195 . (*)
_____________________________________ [الصفحة 48] _____________________________________
فرح کشف حقیقة قول من قال لا نصف الله الا بما وصف به نفسه،ونثبت لله ما أثبت لنفسه إن ابن تیمیة إمام هذه الطائفة ، یقول بهذا الکلام ویدعو الى توحید الاسماء والصفات ثم نراه یثبت لله ما لم یثبته الله لنفسه ویصف الله بما لا یلیق به سبحانه ، ویسیر معه تلامذته وأتباعه على ذلک . نرى ابن تیمیة یثبت لله الحرکة والجلوس والاستقرار على ظهر بعوضة والحد و . . . . ، ویثبت لله سبحانه صفات بأحادیث موضوعة أو إسرائیلیات من ذلک أنه أثبت أن الله سبحانه یتکلم بصوت یشبه صوت الرعد (19) بل یقول بجواز إطلاق أن الله جسم (20) ، بل یقول بأن التجسیم والتشبیه غیر مذمومین ، لا فی الکتاب ولا فی السنة ، ولا عند السلف الصالح کما تقدم ، وهو غیر صادق فی ذلک ، فیقول فی کتابه
(بیان تلبیس الجهمیة فی تأسیس بدعهم الکلامیة) (1 / 109) ما نصه :
---
(19) انظر کتابه موافقة صریح المعقول المطبوع على هامش منهاج السنة (2 / 151) . (20) منهاج السنة (1 / 180) والتأسیس (1 / 101) . (*)
_____________________________________ [الصفحة 49] _____________________________________
(فاسم المشبهة لیس له ذکر بذم فی الکتاب والسنة ولا کلام أحد من الصحابة والتابعین) . اه‍ . ویقول فی کتابه التأسیس
(1 / 101) ما نصه : (ولیس فی کتاب الله ولا سنة رسوله ولا قول أحد من سلف الامة وأئمتها أنه لیس بجسم) . اه‍ . ویقول فی کتابه التأسیس ایضا (1 / 568) :
(ولو قد شاء - الله - لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبیته فکیف على عرش عظیم) . اه‍ . ویثبت ابن تیمیة فی التأسیس والموافقة (2 / 29) : الحد لله تعالى والحد لمکان الله تعالى ، علما بأن لفظة (حد) لم ترد فی الکتاب ولا فی السنة ، فأین قوله : لا نصف الله الا بما وصف به نفسه ؟ !بل یقول هناک فی الموافقة (2 / 29) بکفر من لا یقول بالحد لله تعالى وهو بنظره جاحد بآیات الله کافر بالتنزیل فیقول ما نصه :
(فهذا کله وما أشبهه شواهد ودلائل على الحد ، ومن لم یعترف به فقد کفر بتنزیل الله وجحد آیات الله) . اه‍ . فالمسلمین جمیعا الذین لا یعتقدون بعقیدته هذه التی لم ترد بالکتاب والسنة کفار بنظره ، حتى تلمیذه الحافظ الذهبی الذی یقول فی کتابه (میزان الاعتدال) (3 / 507) إن الاشتغال بمسألة الحد اشتغال بفضول الکلام والذی یقول فی(سیر أعلام النبلاء) (16/27):(وتعالى الله أن یحد أو یوصف إلا بما وصف به نفسه . . .)،وکذلک الحافظ ابن حجر العسقلانی الذی نفى الحد
_____________________________________ [الصفحة 50] _____________________________________
عن الله تعالى فی (لسان المیزان) (5 / 114) یکون کافرا على قاعدة ابن تیمیة هذه ! ! ومعاذ الله ، والمسلمون قبل ابن تیمیة بقرون اتفقوا على تنزیه الله تعالى عن الحد ونقل ذلک الاتفاق جماعة من الائمة والعلماء ، قال الامام الاستاذ أبو منصور البغدادی الذی یعول على کلامه الحافظ ابن حجر وأمثاله من العلماء فی کتابه (الفرق بین الفرق)
(ص 332 بتحقیق محمد محی الدین عبد الحمید) ما نصه:
(وقالوا-أی أهل السنة مجمعین-بنفی النهایة والحد عن صانع العالم..) اه‍ . فمما قدمته ووضحته ودللت علیه یتضح ما هو توحید الاسماء والصفات عند من یدعو إلیه ، وأن ذلک مجرد الدعوة الى تجسیم الله تعالى وتشبیهه بخلقه ووصفه بما لم یصف به نفسه ، أو اطلاق بعض الالفاظ الواردة فی الکتاب والسنة والتی لم یقصد منها أنها صفات على الله وحملها على أنها صفات حقیقیة لله تعالى ، وإشاعة أن التأویل بدعة مذمومة وأن الاشاعرة وغیرهم فرق ضالة لانهم عطلوا صفات الله تعالى بزعمهم ، وکل ذلک باطل لا أصل له . وتتمیما للبحث لا بد من أن نتکلم عن أصل أکبر فرقة قدیمة من فرق المجسمة هی الکرامیة وبیان بعض آرائها فی الصفات التی توافق ما یدعو إلیه ابن تیمیة وأتباعه ، وخصوصا أن ابن تیمیة یثنی علیها فی منهاج السنة (1 / 181) ویعتبرها من أکابر نظار المسلمین (21) ، ثم نعرض نماذج من کتاب شرح
---
(21) لا یقال عن شخص من نظار المسلمین إلا إذا کان صحیح العقیدة مستقیما غیر مطعون فیه ، فإذا کان کذلک وکان مبرزا فی التألیف والتصنیف قوی الحجة شجى فی حلوق أعداء الاسلام والفرق الاسلامیة الضالة فیقال عنه حینئذ إنه = _____________________________________ [الصفحة 51] _____________________________________
= من نظار المسلمین ، وأجلب لک على هذا مثال واضح محسوس : ذکر الحافظ الذهی فی ترجمة أبو محمد بن کلاب فی (سیر أعلام النبلاء) (11 / 175) ما نصه : (وقال بعض من لا یعلم : إنه ابتدع ما ابتدعه لیدس دین النصارى فی ملتنا وإنه أرضى أخته بذلک ، وهذا باطل ، والرجل أقرب المتکلمین الى السنة ، بل هو فی مناظریهم) اه‍ . وقال المعلق على کلام الذهبی هذا فی (سیر أعلام النبلاء) (11 / 175) :
(کان إمام أهل السنة فی عصره ، وإلیه مرجعها ، وقد وصفه إمام الحرمین ت 478 ه‍ فی کتابه (الارشاد) ص (119) : بأنه من أصحابنا . وقال السبکی فی (طبقاته) : أحد أئمة المتکلمین . وابن تیمیة یمدحه فی غیر ما موضع فی کتابه
(منهاج السنة) وفی مجموعة رسائله ومسائله ، ویعده من حذاق المثبتة وأئمتهم ، ویرى أنه شارک الامام أحمد وغیره من أئمة السلف فی الرد على مقالات الجهمیة ، وحین تکلم أبو الحسن الاشعری فی کتابه (مقالات الاسلامیین) 1 / 189 ، 299 عن أصحابه ، ذکر أنهم یقولون بأکثر مما ذکرناه عن أهل السنة) اه‍ کلام المعلق . قلت : بل ذکر الحافظ أن الامام البخاری کان على مذهبه فی علم الکلام حیث قال فی الفتح (1 / 423) :
(مع أن البخاری فی جمیع ما یورده من تفسیر الغریب إنما ینقله عن أهل ذلک الفن کأبی عبید والنضر بن شمیل والفراء وغیرهم ، وأما المباحث الفقهیة فغالبها مستمدة له من الشافعی وأبی عبید وأمثالهما ، وأما المسائل الکلامیة فأکثرها من الکرابیسی وابن کلاب ونحوهما) اه‍ . ولنعد إلى ما بدأنا به ولنتذکر أن النظار أو نظار المسلمین هم أکابر العلماء المتخصصین فی الرد على المبتدعة ، وهم : أهل التأمل وتقلیب البصر والبصیرة وأهل التفحص فی مسائل العلم ، وابن تیمیة الحرانی یعطی هذا اللقب للکرامیة الجهلاء الذین أجمعت الامة على کفرهم کما نص على ذلک الامام البغدادی فی کتابه (الفرق) (ص 215 بتحقیق محمد محی الدین) فیقول ابن تیمیة فی (منهاج سنته) (1/ 181) . = (*)
_____________________________________ [الصفحة 52] _____________________________________
العقیدة الطحاویة) لابن أبی العز المنسوب للحنفیة خطأ والحنفیة منه براء ، لان ذلک الکتاب کتاب خطیر یحوی على کثیر من العقائد الفاسدة التی سأذکر بعضها إن شاء الله تعالى ، والذى ینبغی أن یحذره المدرسون وطلاب العلم ویعلموا بأن ابن أبی العز شارحها یرد على صاحب العقیدة الطحاویة الامام أبی جعفر الطحاوی رحمه الله تعالى ، فأقول : إمام الکرامیة الذین یثنی علیهم ابن تیمیة هو محمد بن کرام السجزی المجسم صاحب العقائد الوثنیة المشهورة فی کتب الفرق ، والیک نبذة عن هذا الامام المقتفى ! ! لتکون على بینة منه ومن ضلالات عقائده : قال الامام عبد القاهر البغدادی فی أصول الدین ص (337) : (وأما جسمیة خراسان من الکرامیة فتکفیرهم واجب لقولهم : بأن الله تعالى له حد ونهایة من جهة السفل ومنها یماس عرشه ، ولقولهم : بأن الله تعالى محل للحوادث) . اه‍ . وقال الامام البغدادی أیضا فی الفرق بین الفرق (22) (فصل فی ذکر مقالات الکرامیة ، وبیان أوصافها : الکرامیة بخراسان ثلاثة أصناف ، وهذه الفرق الثلاث لا یکفر بعضها بعضا وإن أکفرها سائر
---
= (کما قال ذلک من قال من الکرامیة وغیرهم من نظار المسلمین) اه‍ . فکأنه یقول : کما قال ذلک من قال من الشافعیة وغیرهم من فقهاء المسلمین ، فتأمل ! ! وهل یعتبر من نظار المسلمین من یقول : بأن الله له حد وأنه جسم جالس على العرش مماس له وأن الحوادث تقوم بذاته ؟ فتدبروا یا أولی الابصار ! (22) انظر کتاب (الفرق بین الفرق) لعبد القاهر البغدادی (ص 337) بتحقیق محمد محی الدین عبد الحمید . (*)
_____________________________________ [الصفحة 53] _____________________________________
الفرق ، فلهذا عددناها فرقة واحدة ، وزعیمها المعروف محمد بن کرام . . وضلالات أتباعه . . نذکر منها المشهور ، الذی هو بالقبح مذکور ، فمنها : أن ابن کرام دعا أتباعه الى تجسیم معبوده ، وزعم أنه جسم له حد ونهایة من تحته والجهة التی منها یلاقی عرشه ، وقد ذکر ابن کرام فی کتابه - أیضا - أن الله تعالى مماس لعرشه ، وأن العرش مکان له ، وأبدل أصحابه لفظة المماسة بلفظ الملاقاة منه للعرش . . واختلف أصحابه فی معنى الاستواء المذکور فی قوله تعالى : * (الرحمن على العرش استوى) * طه : 5 ، فمنهم من زعم : أن کل العرش مکان له ، وأنه لو خلق بإزاء العرش عروشا موازیة لعرشه لصارت العروش کلها مکانا له ، ومنهم من قال : إنه لا یزید على عرشه فی جهة المماسة ، ولا یفضل منه شئ على العرش ، وزعم ابن کرام وأتباعه أن معبودهم محل للحوادث) اه‍ . وقد نقل أیضا الشیخ علی القاری فی شرح المشکاة (2 / 137) : إجماع السلف والخلف على أن من اعتقد أن الله تعالى فی جهة فهو کافر کما صرح به العراقی وبه قال أبو حنیفة ومالک والشافعی وأبو الحسن الاشعری والباقلانی . اه‍ ولا یخفى أن اعتقاد الجهة نوع من التجسیم . وقال الامام القرطبی فی التذکار صحیفة (208) : ا
(والصحیح القول بتکفیرهم - المجسمة - إذ لا فرق بینهم وبین عباد الاصنام والصور) اه‍ . وجزم الامام النووی فی المجموع (4 / 253) بتکفیر المجسمة وهو مذهب الشافعی رحمه الله . وأما رد الامام أحمد رضى الله تعالى عنه على المجسمة والمشبهة فمنقول فی
_____________________________________ [الصفحة 54] _____________________________________
(دفع شبه التشبیه) لابن الجوزی الحنبلی ، وکتاب (مرهم العلل المعضلة) للیافعی بتوسع . والامام الطحاوی الذی أرادوا أن یشوهوا عقیدته یقول فی أولها : (اعتقاد أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة أبی حنیفة وأبی یوسف ومحمد بن الحسن) وهؤلاء من أئمة السلف کما لا یخفى ثم قال فیها:
(وتعالى الله عن الحدود والغایات والارکان والاعضاء والادوات، لا تحویه الجهات الست کسائر المبدعات) اه‍ (23) . أقول : وقد اتضح بهذا کله مذهب أهل السنة والجماعة واتضح أیضا حکمهم على أهل الزیغ من المشبهة والمجسمة ، وأن أصل التشبیه والتجسیم أسسه فی هذه الامة ابن کرام السجستانی صاحب العقائد الزائغة ، وأن الامة أکفرته وکفرت من قال بمقالاته المنحرفة ، وأن من جملة مقالاته الکفریة : قوله بالحد فی حق الله تعالى ، وقوله بالجسمیة لله تعالى ، وأن الله تعالى یماس عرشه من جهة السفل لانه فوق العرش ، ویجدر التنبیه هنا على أن أهل السنة یقولون بأن الله تعالى فوق العرش لکن فوقیة من جهة المعنى لا من جهة الحس (24) ، أی أن الله تعالى فوق خلقه فوقیة قهر وربوبیة على عبودیة ، * (وهو القاهر فوق عباده) * الانعام : 61 ، وقد أجمع أهل السنة على تنزیه الباری سبحانه عن المکان کما هو معلوم ، لکن ابن کرام قال بالفوقیة الحسیة والمکانیة ، فأکفره أهل السنة
---
(23) انظر شرح العقیدة الطحاوبة لابن أبی العز ، بتخریج الالبانی ، وتوضیح الشاویش (ص 238) الطبعة الثامنة . (24) قال الحافظ ابن حجر العسقلانی فی الفتح 6 / 136 : (لان وصفه تعالى بالعلو من جهة المعنى ، والمستحیل کون ذلک من جهة الحس) اه‍ فانظره . (*)
_____________________________________ [الصفحة 55] _____________________________________
ومن تبعه على ذلک ، ثم قال : إن الله تعالى محل للحوادث ، أی جوز قیام الحوادث بذات الله سبحانه ، تعالى الله عن هذا الکفر الصریح * (سبحان ربک رب العزة عما یصفون) * ومرادنا من ذلک کله بیان ان أدعیاء توحید الاسماء والصفات قائلون بذلک ومنهم فضیلة العلامة ابن أبى العز صاحب شرح الطحاویة ، وإلیک إثبات ذلک : 1 - أما قول شارح الطحاویة المشار إلیه بحوادث لا أول لها ، أو بقدم نوع الحوادث والمخلوقات ففی صحیفة (129 من الطبعة الثامنة) :
(فالحاصل أن نوع الحوادث هل یمکن دوامها فی المستقبل والماضی أم لا ؟ أو فی المستقبل فقط ؟ أو الماضی فقط ؟ فیه ثلاثة أقوال معروفة لاهل النظر من المسلمین وغیرهم : أضعفها قول من یقول : لا یمکن دوامها لا فی الماضی ولا فی المستقبل ، کقول جهم بن صفوان وأبی الهذیل العلاف . وثانیها قول من یقول : یمکن دوامها فی المستقبل دون الماضی ، کقول کثیر من أهل الکلام ومن وافقهم من الفقهاء وغیرهم . والثالث : قول من یقول : یمکن دوامها فی الماضی والمستقبل کما یقوله أئمة الحدیث) اه‍ . فانظر کیف نسب الکفر الصریح الى أهل الحدیث فقال إنهم یقولون إن الحوادث وهی المخلوقات یمکن أن تکون دائمة فی الماضی ، معناه قدیمة النوع حادثة الافراد وأهل الحدیث برآء من ذلک بلا شک ، وقد نص القرآن الکریم على بطلان ذلک فی آیات کثیرة کما لا یخفى ، وکذا السنة المطهرة نص
_____________________________________ [الصفحة 56] _____________________________________
فیها سیدنا رسول الله ص على بطلان ذلک ، ففی البخاری : (کان الله ولم یکن شئ غیره) (25) وأجمعت الامة على أن الحوادث قبل حدوثها لم تکن أشیاء ولا أعیان ، کما نقل ذلک الاستاذ أبو منصور البغدادی فی الفرق (26) وقال الاستاذ أبو منصور أیضا : (وقد زعم البصریون من القدریة أن الجواهر والاعراض کانت قبل حدوثها جواهر وأعراضا ، وقول هؤلاء یؤدی الى القول بقدم العالم ، والقول الذی یؤدی الى الکفر کفر فی نفسه) اه‍ یعنی أن القول بقدم الحوادث لا شک أنه کفر . وکذلک نص على هذا الاجماع المؤید بقول الله تعالى * (هو الاول) * ابن حزم فی کتابه مراتب الاجماع ، حیث قال فی آخره : (باب من الاجماع فی الاعتقادات ، یکفر من خالفه بإجماع : اتفقوا أن الله عزوجل وحده لا شریک له خالق کل شئ غیره ، وأنه تعالى لم یزل وحده ولا شئ غیره معه ، ثم خلق الاشیاء کلها کما شاء ، وأن النفس مخلوقة ، والعرش مخلوق ، والعالم کله مخلوق) اه‍ (27) . ثم بعد هذا کله أحکم على ابن أبی العز المنسوب لاهل الاثبات ولاهل الحدیث غلطا ولمن تبعه وقال بمقالته ونشر کتابه بین العامة وخرج أحادیثه مادحا کتابه بما تراه مناسبا ، ولا سیما إذا عرفت أیضا أنه قال صحیفة 133 من
---
(25) انظر فتح الباری (13 / 410) . (26) انظر الفرق بین الفرق (ص 332) وانظر أیضا : (ص 328) . (27) انظر مراتب الاجماع المطبوع مع نقد مراتب الاجماع (ص 167) . (*)
_____________________________________ [الصفحة 57] _____________________________________
شرح الطحاویة الطبعة الثامنة بتخریج الالبانی وتوضیح الشاویش : [57-60]قال ابن تیمیة فی کتابه (التأسیس فی رد أساس التقدیس) (1 / 568) : [19-28]
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma