روایات هذه الطائفة تدلّ على نفوذ إقرار المریض للوارث بالدین اذا کان المقر نزیهاً وغیر متهم .
وقد عبّرت الروایات عن توفر هذا الوصف فی المقر بتعبیرات شتى فتارة عبرت بالمرْضیِّ وأخرى بالمأمون ، وثالثة بالمصدَّق ، ورابعة بالملیِّ ; إلاّ أَنَّها جمعاء ترمی إلى معنى واحد وهو النزاهة وعدم الاتهام(1) .
ومن هذه الروایات :
* وباسناده عن علی بن الحسن بن فضال عن العباس بن عامر ، عن داود بن الحصین ، عن أبی أیوب ، عن أبی عبدالله (علیه السلام) فی رجل أوصى لبعض ورثته أن له علیه دیناً ، فقال : « إن کان المیت مرضیاً فأعطه الذی أوصى له »(2) .
سنداً :
اسناد الشیخ إلى علی بن الحسن بن فضال صحیح ، وعلی بن الحسن نفسه ثقة مع فساد مذهبه والعباس بن عامر ثقة ، وداود بن الحسین أیضاً ثقة ، وأبو أیوب هو ابراهیم بن عیسى ـ أو ابن عثمان ـ الخزاز وهو ثقة جلیل القدر .
وعلیه إن الروایة سنداً سلیمة موثقة لا غبار علیها .
ومتناً :
فهی واضحة لا یعتریها لبس ولا إرباک(3) .
ومنها :
* وروى حماد عن الحلبی عن أبی عبدالله (علیه السلام) قال : قلت له الرجل یقرّ لوارث بدین علیه فقال : « یجوز إذا کان ملیاً »(4) .
فسنداً :
طریق الصدوق إلى حمّاد بن عثمان صحیح وحماد نفسه ثقة ، کما أنّ محمّد بن علی بن أبی شعبة الحلبی ثقة جلیل القدر .
ومتناً :
فانه واضح جلی الدلالة لا غبر علیه .
ومنها أیضاً :
* وروى صفوان بن یحیى ، عن منصور بن حازم ، قال : سألت أبا عبدالله (علیه السلام) عن رجل أوصى لبعض ورثته بأنّ له علیه دیناً فقال : « إن کان المیت مرضیاً فأعطه الذی أوصى له »(5) .
سنداً :
قال الأردبیلی فی جامع الرواة عن طریق الصدوق إلى صفوان بن یحیى : « طریقه إلى صفوان بن یحیى حسن بابراهیم بن هاشم » .
وهذا هو موقف بعض الرجالیین من ابراهیم بن هاشم ، فی حین أن الیوم بات واضحاً وثابتاً أن ابراهیم بن هاشم ثقة ، جلیل القدر ، وجه ، بل وصفه البعض بأنه « من مشایخ الثقاة » ; وإنما اتّخذ المتقدمون منه موقفاً سلبیاً لأنّهم جمدوا على النصوص الواردة فی توثیق الرواة مع أن الجمود على هذه النصوص یجانب الحق والانصاف ، لأن هناک قرائن أکیدة کثیرة تدلّ على وثاقة الرجل وجلالة قدره ، منها کثرة روایة ابنه علی بن ابراهیم عنه وهذه قرینة صارخة بوثاقته .
وأمّا منصور بن حازم فهو عین ، ثقة ، صدوق ، فقیه ومن جملة الأصحاب .
فالسند صحیح لا یشوبه غموض ولا خلل .
ومتناً :
فالمتن واضح الدلالة والمضمون لأن المرضی کما أسلفنا هو الثقة الأمین.
ومنها أیضاً :
* وروى علی بن النعمان ، عن ابن مسکان ، عن العلاء بیاع السابری قال : سألت أبا عبدالله (علیه السلام) عن امرأة استودعت رجلاً مالاً فلمّا حضرها الموت قالت له إنّ المال الذی دفعته إلیک لفلانة وماتت المرأة فأتى أولیاؤها الرجل وقالوا إنه کان لصاحبتنا مالٌ لا نراه إلاّ عندک فاحلف لنا ما قبلک شیء أفیحلف لهم ؟ فقال : « إن کانت مأمونة عنده فلیحلف وإن کانت متّهمة فلا یحلف ویضع الأمر على ما کان فانما لها من مالها ثلثه »(6) .
سنداً :
طریق الصدوق إلى علی بن نعمان صحیح کما فی الخلاصة ، وأما علی بن نعمان ثقة ، وجه ثبت ، صحیح ، واضح الطریقة ; وأما ابن مسکان فهو عبدالله وهو ثقة عین ، والعلاء فهو من أصحاب الاجماع الثانی کما فی الکافی فالسند صحیح لا شیة فیه .
ومتناً :
فالروایة لا تشیر إلى الوارث وان صُنِّفت فی باب « إقرار المریض للوارث بدین » فهی خارجة عن محل البحث .