المحور الثانی :
ما هی الأقوال فی مسألة المنجزات ؟ فی البدء ینبغی التنبیه إلى أن الأصحاب ـ طاب ثراهم ـ فَصَلوا موضوعة منجزات المریض عن مبحث الاقرار فی حال المرض کما لو أقر بأنه قد باع الشیء الفلانی لفلان ، فهل یقبل اقراره أم لا ؟ وبما أن الاقرار لم یکن ـ أولاً وبالذات ـ تصرفاً مالیاً وإنما هو ممّا یلازم التصرفات المالیة ، عزل الفقهاء اقرار المریض عن بحث المنجزات وعالجوه فی فصل مستقل ، وقد أورد صاحب مفتاح الکرامة أقوالهم فی الباب فبلغت عشرة أقوال (1) .
إذن ، ما نحن بصدده الآن هو أقوال الفقهاء فی منجزات المریض فحسب ; فی هذا الفرع قولان رئییسان ، أخذ بکل واحد منهما عدد غیر قلیل من الفقهاء (2) :
القول الأول :
تعد التصرفات من الأصل من دون فرق بین المریض والصحیح ، وعلیه تغدو تصرفات المریض نافذة مهما بلغت ، ففی مفتاح الکرامة :
« والقول بأنها ـ أی المنجزات ـ من الأصل ، خیرة الکافی ، والفقیه ، والمقنعة ، والانتصار ، والتهذیب ، والاستبصار ، والنهایة ، والخلاف . . . ، والمبسوط ، والمهذب . . . ، والوسیلة ، والغنیة ، والسرائر ، وجامع الشرائع . . . وکشف الرموز ومجمع البرهان . . . والکفایةوالوافی والوسائل والهدایة والریاض . . . » (3) .إنارة : إنّ الکافی والتهذیب والوسائل ، لیست کتب فتوى إلاّ أن العناوین التی وضعت لأبوابها تکشف عن فتاوى مؤلفیها .
القول الثانی :
وهو أن تکون التصرفات من الثلث کالوصایا .
ففی مفتاح الکرامة :
« . . . وهو الأظهر فی فتاوى أصحابنا کما فی إیضاح النافع ، وعلیه الفتوى کما فی التنقیح وعلیه عامة المتأخرین کما فی حجر المسالک ... وعلیه المتأخرون کما فی غایة المراد ومجمع البرهان ...» (4) .
إذن على رأی صاحب مفتاح الکرامة أن القول الثانی هو الأشهر .
وقد تطرق صاحب الجواهر للمسألة تبعاً لصاحب مفتاح الکرامة وغیره من الفقهاء (5) .
وفی بلغة الفقیه بعد عرض الأقوال خلص إلى أنّ :
« . . . الإنصاف أن القولین متکافئان فی المعروفیة ، والظاهر تحقق الشهرة على الأصل بین القدماء وعلى الثلث بین أکثر المتأخرین ، أما عند متأخری المتأخرین ولاسیّما بین المعاصرین فلا أستبعد انقلاب الشهرة ] یعنی العود إلى الأصل [أی ما علیه أکثر القدماء » (6) .
ومحصلة أقوال الخاصة :
إنّ المشهور بین القدماء هو أن تکون المنجزات من الأصل ، وبین المتأخرین من الثلث ، وبین متأخری المتأخرین من الأصل أیضاً .