أما المحور الأول :
ما المراد من منجزات المریض ؟ (1)
وإبتداءاً فی تصرفات الانسان المالیة أربع صور :
الأولى : التصرفات التی ترتبط بفترة حیاته فی حال الصحة مثل الصلح والوقف والهبة ، ولا اشکال فی نفوذ هذه التصرفات وإن کانت تصرفا لکامل أمواله .
الثانیة : أن یتصرف ـ حال الصحة والسلامة ـ تصرفات ترتبط بما بعد موته ; لا اشکال فی نفوذ هذه التصرفات فی ثلث الأموال وأما الزائد على ذلک فباطل بالاجماع إلاّ مع إجازة من الورثة .
الثالثة : أن یتصرف حال المرض بما یرتبط بعقیب موته ، وتصرفاته ـ فی هذه الحال ـ نافذة ولکن فی حدود الثلث کالصحیح، وما زاد على ذلک یتوقف على ترخیص من الورثة .
الرابعة : وهی أن یقوم المریض بمرض الموت بتصرفات تتصل بفترة حیاته کما لو وهب وأعتق وباع واشترى وصالح وآجرونحوه ، یطلق فی المصطلح الفقهاء على هذه التصرفات « المنجزات » (2) التی تقابل فی مضامینها الوصایا وهی التی تعنی تصرفات تتعلق بما بعد الموت (3) .
وهی ـ أی المنجزات ـ تتفرع إلى خمسة فروع :
الأول :
التصرفات التی ترتبط بحاجیاته الواجبة والجائزة مثل نفقة العیال وأداء الدیون والإستضافة ـ بما یتناسب وشأنه ـ ، ولا نقاش فی نفوذ هذا النوع من التصرفات .
الثانی :
التصرفات الناقلة بما یلیق به مثل الهبة والأضحیة والصدقة والنذر ، وهنا لا اشکال فی هذه التصرفات أیضاً ، إذا کانت مما یناسب شأنه .
الثالث :
التصرفات التی ترتبط بأفعاله الشخصیة مما لا یعد تصرفا مالیا مثل أن یکون أجیراً لأعمال بسیطة تتلائم مع مرضه مثل الکتابة والتعلیم والخطابة ; فلا مانع من جواز ذلک ونفاذه .
الرابع :
التصرفات المالیة بثمن المثل ، کبیع البیت وإجارته أو الدخول فی مضاربة بسعر مناسب ; ولا مانع ولا اشکال فی هذه التصرفات أیضاً ; لأنها لم تکن بما دون القیمة حتى یُتذرع باضاعة حق الورثة فتُمنع .
الخامس :
التصرفات المالیة التی تکون المعاملة فیها بأقل من القیمة السوقیة (4) ، أو أن تکون مجانیة ، بأن تُدفع الأموال إلى جهة خیریة أو أن تُنفق على المعوزین .
وهذا القسم هو بیت القصید الذی دارت علیه رحى البحث فی المقام ، وبالتحدید :
إن موضع البحث هو الصورة الأخیرة من الصور المذکورة آنفاً وهی کل تصرف یلحق الضرر باسهم الورثة فی المستقبل سواء قصد حرمانهم أو لم یقصد کما لو کانت إنفاقاً على وجوه البر وفی سبیل الله .