یقول الإمام علی(علیه السلام) فی نهج البلاغة:
«أُوصِیکُمْ بِخَمْس لَوْ ضَرَبْتُمْ إِلَیْهَا آبَاطَ الاِْبِلِ لَکَانَتْ لِذلِکَ أَهْلاً: لاَ یَرْجُوَنَّ أَحَدٌ مِنْکُمْ إِلاَّ رَبَّهُ، وَلاَ یَخَافَنَّ إِلاَّ ذَنْبَهُ. وَلاَ یَسْتَحِیَنَّ أَحَدٌ مِنْکُمْ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لاَ یَعْلَمُ أَنْ یَقُولَ لاَ أَعْلَمُ، وَلاَ یَسْتَحِیَنَّ أَحَدٌ إِذَا لَمْ یَعْلَمِ الشَّیْءَ أَنْ یَتَعَلَّمَهُ. وَعَلَیْکُمْ بِالصَّبْرِ فَإِنَّ الصَّبْرَ مِنَ الاِْیمانِ کَالرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، وَلاَ خَیْرَ فِی جَسَد لاَ رَأْسَ مَعَهُ، وَلاَ فِی إِیَمَان لاَ صَبْرَ مَعَهُ»(1).
ومعلوم أنّ الرأس یعتبر مرکز القیادة للجسد، لأنّه یحتوی على المراکز الحساسة والأعضاء الأساسیة فی بدن الإنسان; العین والاذن والدماغ. وهکذا یکون الصبر بالنسبة للإیمان، فدور الصبر کدور الرأس بالنسبة للجسد، ومن أجل التوصل إلى مقام الصابرین والتحلی بهذه الصفة الأخلاقیة والفضیلة الإنسانیة لابدّ للإنسان من مطالعة حالات الصابرین فیما یعیشونه من مثابرة واستقامة فی خط المسؤولیة والعبودیة، إنّ سیرة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) وخاصّة فی أعوام تواجده فی مکّة ومن ثمّ هجرته إلى المدینة، زاخرة بمعالم الصبر والاستقامة فی طریق الدعوة الإلهیّة والرسالة السماویة.