ومن أجل الاحاطة بدور الصدیق فی حیاة الإنسان نلقی نظرة إلى الآیات 27 إلى 29 من سورة الفرقان:
(وَیَوْمَ یَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى یَدَیْهِ).
وعندما یقال: إنّ الشخص الفلانی یعض یدیه أسفاً على ما فعل، فإنّ هذا الکلام یعبر عن شدّة حزنه وألمه على ما صدر منه، والآن لابدّ أن نفکّر فی عمق المصیبة التی حلّت بهذا الإنسان الظالم بحیث إنّه أخذ یعض على یدیه أسفاً وحزناً وندماً؟ الجواب عن هذا السؤال تقرره الآیة الشریفة فی سیاقها وتقول على لسان هذا الظالم:
(یَا لَیْتَنِى اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِیلا).
فهذا الظالم یعیش الندم الشدید یوم القیامة على عدم اتباعه للرسول الإلهی وعلى ما أسرف على نفسه وعلى ما قام به من هدم جمیع جسور التوبة والإنابة إلى الله، فهو یتحسر على قطع جمیع روابطه وعلاقاته من النبی والدین والقیم، إنّ قطع الارتباط مع رسول الله(صلى الله علیه وآله) هو نتیجة متوقعة لاختیار الرفیق السیء، ولهذا السبب یقول بمنتهى التحسر والألم:
(یَا وَیْلَتَى لَیْتَنِى لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِیلاً).
أی لیتنی لم أصادق ذلک الشخص الذی فتح أمامی باب الخطیئة وارتکاب الذنوب وأوصد أمامی أبواب الهُدى والفلاح، ولیتنی لم اُصادق ذلک الشخص الذی أظلّنی عن ذکر الله وجعلنی قرین الشیطان، ولکن هذا التأوه والتحسر لا ینفع شیئاً یوم الحسرة، بل ینبغی على الإنسان أن یفکر فی هذا المصیر المؤلم فی هذه الدنیا ویتحرک على مستوى جبران الخلل وإصلاح القصور فی حرکة الحیاة والواقع.