ورد فی روایة عن الإمام موسى الکاظم(علیه السلام):
«لَیْسَ مِنّـا مَنْ لَمْ یُحاسِبْ نَفْسَهُ فِی کُلِّ یَوْم»(1).
وطبقاً لما ورد فی ذیل هذه الروایة الشریفة فإنّ فائدة المحاسبة هو أنّ الإنسان السالک إذا عمل خیراً فإنّه یستزید، وإن کان قد تلوث بالذنب والمعصیة فإنّه یتوب منها ویسعى إلى جبران هذا الخلل والنقص، أمّا التعبیر الوارد فی هذه الروایة «لیس منّا...» فإنّه تعبیر دقیق، ونقرأ فی روایة أخرى عن الإمام علی(علیه السلام)أنّه قال:
«مـا أَحَقَّ الاِْنْسانَ أَنْ تَکُونَ لَهُ ساعَةٌ لا یَشْغَلُهُ شاغِلٌ، یُحـاسِبُ فیهـا نَفْسَهُ، فَیَنْظُرُ فیمَا اکْتَسَبَ لَهـا وَعَلَیْهـا فِی لَیْلِهـا وَنَهـارِهـا»(2).
ومعلوم أنّ هذه الخطوة مؤثرة جدّاً فی تربیة النفوس، حیث تعمل على ضبط سلوک الإنسان وتفرض علیه إعادة النظر فی أعماله وسلوکیاته فی ذلک الیوم من موقع الفحص والدقّة، بمعنى أنّ الإنسان لو اختار وقتاً فی آخر ساعات الیوم بحیث لا یشغل نفسه بسماع ومشاهدة وسائل الإعلام الصوتیة والمرئیة وبالهاتف، والصحف، والمجلات، والزوجة والأطفال، ویعمل على إفراغ ذهنه من کلّ لهو ولغو فی ذلک الوقت، وبکلمة: لا یزاحمه شیء فی هذا الوقت الخاص، ثم ینظر إلى سلوکیاته وحرکاته وسکناته وأقواله فی ذلک الیوم ویمیز بین النقاط الموجبة والسالبة ویکتبها واحدة بعد الأخرى، ثم یعمل على تقویة النقاط الإیجابیة وتوظیف معطیات الدوافع الخیرة فی نفسه ویجتنب النقاط السلبیة، ألا یؤثر هذا النظام مع المداومة علیه فی تربیة روحه وإضعاف الدوافع الشریرة التی تربطه بالأرض بعیداً عن آفاق السماء؟
 

(1) . المصدر السابق، باب 829، ح 3854 .
(2) . مستدرک الوسائل، ج 12، ص 154 .