و هنا یأتی البعض باستدلال منحرف فیقولون نحن نؤمن بجمیع ذلک، ولکن ما یمنع من قیام الدولة بهذا العمل وهی التی تمثل عموم الشعب؟ أی أنّ تکون جمیع وسائل الإنتاج تحت تصرّف الدولة، وتقوم الدولة باعطاء العمال جزءاً من حاصل العمل، وجزءاً آخر تضعه لمشاریع التنمیة الصناعیة التی یعود نفعها بالنتیجة على العمال أنفسهم.
ولکن من الذی لا یعلم أنّ الدولة لا یمکنها أبداً أن ترفع من مستوى مراقبتها وحرصها أکثر من المؤسسات الخاصة، أی أن تسعى لزیادة الانتاج بمقدار السعی الذی تقوم به مجموعة من أصحاب وسائل الانتاج.
إنّ الاحصاءات الاقتصادیة تقول إنّ المؤسسات الإنتاجیة بمجرّد وقوعها بید الدول فانّ معدل إنتاجها سینخفض فوراً، وتتحول هذه المؤسسة من عامل لتحقیق الفوائد والأرباح إلى جر الأضرار والخسائر.
و کما أشرنا سابقاً أنّ الأراضی الزراعیة فی روسیا قد انخفض إنتاجها عندما تحوّلت إلى أراض حکومیة وإشتراکیة، أمّا حینما تحوّلت إلى نوع من الملکیة الخاصة (القرویة) عاد مستوى الإنتاج إلى الارتفاع!
و بغض النظر عن ذلک، فهل أنّ المسؤولین فی الدولة أناسٌ نموذجیون دائماً ولا یفکرون سوى بمصالح الشعب؟ أم أنّهم ملائکة نزلوا وینزلون من السماء لیقدموا الخدمة للشعب؟!
وهل تعتبر خدمة للعامل إذا حرر من أسر الاستغلال الذی یمارسه رب العمل بحقّه وتفویضه للدولة التی قد تعیش الفردیة والدکتاتوریة من جراء تمرکز السلطات الثلاث، الاقتصادیة والسیاسیة والعسکریة؟
إنّ المهم هو أن نتمکن من تهیئة الأرضة اللازمة للعمل ورفع معدل النمو الاقتصادی مستفیدین فی ذلک من مختلف الدوافع ونعمل فی نفس الوقت على ضمان حق العامل بکامله.
و المهم أیضاً أن نعمل على تشجیع جمیع الناس على إیجاد المؤسسات الإنتاجیة، وأن نقلل من معدل الاستهلاک... جمیع هذه الأمور ممکنة إذا ما جعلنا العمل أساساً وخصصنا النصیب الأکبر له، مع تخصیص نصیب مناسب من العائد فی نفس الوقت للوسیلة بحیث یکون هذا التخصیص دافعاً للتوظیف السلیم لرأس المال.
