جذور الملکیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الخطوط الاساسیة للاقتصاد الإسلامیة
منابع الملکیة فی الإسلام...    العمل، المصدر الأساسی لأنواع الملکیة

توجد فرضیات مختلفة عن أصول الملکیة:

1- یصرّ المارکسیون على افتراض أنّ جذور الملکیة تعود إلى مرحلة الرعی (المرحلة الثانیة من المراحل الخمسة التی یتخیلها المارکسیون» لأنّه لم تکن الملکیة موجودة فی المرحلة الأولى، أو کانت بتعبیر آخر ملکیة

جماعیة، ولکن بظهور وسائل جدید کالقوس والنشاب، وقدرة الإنسان لحقل الرعی، ومن ثم ظهور الأدوات المعدنیة، کالمنجل والمحراث، وقدرة الإنسان لحقل الزراعة، ظهرت ملکیة (الأرباب) على وسائل الإنتاج والأرض وحتى الإنسان وتکاملت هذه الملکیة فی مرحلة الرأسمالیة والبرجوازیة.

2- والفرضیة الأخرى تقول إنّ الملکیة ولیدة الجوانب السلبیة فی وجود الإنسان، إضافة إلى جوانب الضعف الموجودة فی الطبیعة.

و للتوضیح نقول: إنّ الإنسان کائن «ضعیف» ومعرّض للضرر أکثر من الکثیر من الحیوانات وحتى الطیور لأنّه زود بأدنى درجة من الاعضاء، ولا تتوفر حاجاته فی کل مکان ولا فی کل وقت، کما أنّها غیر موجودة بوفرة ولا بشکل مجانی.

و هو من جانب آخر کائن یبحث عن المزید حیث إنّ الإرادة والحریة التی یتمتع بها تجعله لا یقنع بأی شیء إلى حدّ الضرورة ویزداد وَلَعُه بشکل مطّرد.

و هاتان الخصلتان بالإضافة إلى کونهما من خصائص البشر التی لا تنکر، فانّهما لا ترتبطان بأیًّ من المراحل التاریخیة للإنتاج التی تمّ تعیینها من قبل مارکس.

و علاوة على أنّ هاتین الخصلتین «الضعف وحب الزیادة» تجعلان الإنسان یسعى ویفکر بشکل أکثر من الحیوانات، فانّهما یربیان فیه خصلة ثالثة هی، «المیل نحو التطفل والاعتداء»، الاعتداء على المکان أو الشخص الذی یجد حاجته المطلوبة عنده.

 

و عندما نضع هذه الخصال الثلاث إلى جانب حقیقة أنّ بعض المواد التی یحتاجها الإنسان والموجودة فی الطبیعة قد تنتج فی فصل واحد فقط، ولا وجود لها فی باقی الفصول، فضلا عن حالات الجفاف التی تحصل بکثرة والتی تؤدّی إلى حرمان الإنسان من هذه المواد مدة من الزمن فیکون العلاج الوحید لهذا النقص هو تخزین هذه المواد.

و هذه الأمور الأربعة فی مسألة الملکیة هی التی علّمت الإنسان على تجمیع نتاجات جهوده وسعیه وخزنها والاستفادة منها بأکبر قدر ممکن والدفاع عنها فی مقابل المعتدین.(1)

إنّ کُلاًّ من هاتین الفرضیتین - باعتقادنا - لا تنطبقان مع الواقع. ذلک أنّ فرضیة المراحل الخمسة کما رأینا ذلک فی البحوث السابقة لا تعدو عن کونها فرضیات خیالیة، ویبدو من خلال تصنیفها أنّ منظمیها قد جعلوها بتلک الصورة للحصول على النتائج التی یحلمون بها.

و على أی حال، وفضلا عن فقدان الدلیل على هذه الفرضیات، فانّ هناک نقاط ضعف واضحة فیها جاء الحدیث عنها فی السابق.

و «الفرضیة الثانیة» التی بنیت - باعتقادنا - على أساس ضعف الإنسان والطبیعة غیر مقبولة أیضاً، فاننا سنرى من خلال البحث أنّ نقاط القوّة الکامنة فی وجود «الإنسان» و«الطبیعة» هی التی أدّت إلى ظهور الملکیة وهی من أسرار تکامل المجتمع الإنسانی، علم الرغم من انحراف مسارها بنّاء ومدمّر.

 

و الفرضیة الأکثر منطقیة هی تلک التی تستند إلى حقیقة لا یمکن تجاهلها وهی أنّ الإنسان لا یمکن مقارنته بسائر الکائنات الحیّة من حیث «الإدراک» و«الشعور» و«الابداع» فالانسان یدعو للتکامل، وفی نفس الوقت یرغب بالتنوع، ولکون الإنسان کائناً أکثر تطوراً فی بعض الجوانب من سائر الکائنات الحیّة من ناحیة البناء الروحی والجسمی، فانّه أکثر حاجة إلى المسائل «النفسیة» و«الجسمیة» حیث إنّنا نعلم أنّ أی کائن أکثر تطوراً فانّ حاجاته ستکون أکثر تبعاً لذلک، لأنّ الأجهزة الموجودة فیه أکثر تنوعاً وتعقیداً.

و إذا أردنا بحث المسألة من جهة أخرى فیمکن القول أنّ الاحتیاجات فی الطبیعة لیست جمیعها متوفرة بید الإنسان کما هو الحال بالنسبة للهواء وضیاء الشمس کیلا یتحول الإنسان إلى موجود کسول وعاطل وغیر مبدع، وإنّما جُعلت احتیاجاته بشکل یضطره للعمل والسعی وبذل الجهد والابداع بشکل کبیر.

و لا ینبغی اعتبار رغبة الإنسان فی الحیاة المرفهة والمتنوعة والاستفادة المتزایدة من المواهب الطبیعیة على أنّها ضعف فی هذا الإنسان.

هذه الأمور تکاملت فیما بینها لتدفع الإنسان نحو العمل والابداع من جهة وتجعله یعمل على الاحتفاظ بالمکتسبات التی یحصل علیها من جهة أخرى، وهذا الشیء هو الملکیة ولا شیء غیر ذلک.

و قد لا نحتاج إلى التذکیر بأنّ عوامل التحریف فی مسألة الملکیة قد امتزجت بالعوامل الطبیعیة والمنطقیة، وجعلت الملکیة فی الکثیر من الحالات بعیدة عن جذورها الأصلیة غیر أنّه لا ینبغی احتساب هذا الأمر من جذور الملکیة الأصلیة.

 

الجدیر بالذکر أیضاً حالة التملک الطبیعی فی أفراد البشر الذین لم یتعلموا بعد احتساب ملکیة آبائهم وأمهاتهم متجسدة بوضوع فیما یکتسبونه بأنفسهم، فالطفل الذی یصنع لعبة لنفسه أو یقتطف زهرة من الأرض یرى نفسه مالکاً لها، ویدافع عن هذه الملکیة بشدّة.

و حتى فی الکثیر من الحیوانات تشاهد الحرکة الغریزیة تجاه نوع من الملکیة، فهی تنظر إلى أو کارها وصیدها وطعامها نظرة امتلاک، بل یلاحظ أحیاناً قیام هذه الحیوانات باحاطة مناطق رعیها أو صیدها ببعض الأشیاء وتقوم بما یسمى الیوم بـ«حیازتها» وطرد المعتدین منها!

و یستنتج من ذلک أنّ الملکیة من حیث الدوافع والجذور لها «بُعد فطری» و«بُعد طبیعی» و«بُعد اجتماعی».

و «البعد الفطری» لها هو أنّ الإنسان وبسبب تمیزه بالذکاء والابداع الکبیرین لیس مستعداً للاکتفاء بحیاة محدودة وبسیطة وثابتة کالحیوانات، وحتى النحل المعروف بالذکاء والفطنة یعیش حیاة بسیطة ثابتة لا تغیر فیها منذ مئات الآلاف من السنین دون أی إحساس بعدم الرضا، أمّا الإنسان فلا یقنع بمثل هذه الحیاة، لیس فی هذه المدّة، وإنّما خلال سنة واحدة، بل شهر واحد فقط.

إنّه یتطلع دائماً إلى «التطور» و«التکامل» فی حیاته المادیة والمعنویة والاستفادة فأکثر من المواهب الطبیعیة والسیر إلى الأمام بخطوات سریعة وواسعة.

و ما أورده القرآن الکریم فی الحدیث عن بنی اسرائیل بشأن المائدة والطعام السماوی: (لَن نَصْبِرَ عَلى طَعام واحد...)(2) یوضح روح حبّ التنوع فی الإنسان، وأمّا «البعد الطبیعی» للملکیة فهو عدم توفر جمیع الأشیاء فی الطبیعة وبالشکل الذی یرغب به الإنسان.

و کأنّ الظروف القاسیة أرادت تربیة الإنسان على الکفاح والخلاّقیة والإبداع.

و لهذا السبب لم تضع بین یدی الإنسان أی شیء کامل تقریباً سواء من ناحیة الکم أو الکیف، لینهض ویعمل، وما قصة مریم(علیهم السلام) حینما أمرت أن تهزّ النخلة: (وَ هزّی إلیکِ بِجذع النَخْلَةِ)(3) وهی فی أصعب لحظات حیاتها کی تستطیع أن تأکل من ثمرها إلاّ مثال على أبسط عمل یمکن أن یقوم به الإنسان.

و خلاصة المسألة أنّ عدم جعل الإنسان فی کفایة من جمیع الجوانب لا یعتبر بخلا فی الخلقة، وإنّما وسیلة لتشغیل طاقاته واِبداعه ونبوغه ومن ثم الوصول إلى التکامل.

و «البعد الاجتماعی» هو أنّ الإنسان ومن أجل البقاء على قید الحیاة والاستمرار فی تکامله مضطرٌ للاشتراک فی مباراة کبرى مع الجماعة البشریة، ولهذا علیه أن یحتفظ بما اکتسبه من جهده ویقایضه مع الآخرین حسب متطلباتهم، وکذلک یجب علیه أن ینهض لمواجهة الأشخاص الذین یریدون سلب رأس ماله الحیاتی.

و هذا النقاط الثلاثة بمجموعها قد أوجدت للإنسان شیئاً إسمه «الملکیة

الفردیة» التی تنبع من العمل، وهذا الشیء یبدو أمراً منطقیاً تماماً فی سلسلة العلة والمعلول.

إلى جانب الدوافع الفطریة والطبیعیة والاجتماعیة هناک عامل محرّف هو الملکیة التی تستند إلى المنطق الغاشم.

و هذا العامل الذی ظهر طوال التاریخ بأشکال مختلفة، والذی اختلفت أبعاد الملکیة فیه باختلاف أبعاد الاعتداء الغطرسته یعتبر مصدراً لجمیع أنواع الاستغلال والتفرقة والحروب وأشکال الأزمات الاجتماعیة، وهذا بحدّ ذاته یشکّل موضوعاً مستقلا سنشیر إلیه خلال البحوث المقبلة.

إنّ هذا النوع من الملکیة یعتبر بدون أدنى شک ملکیة غیر مشروعة ومنحرفة وتنبع من جذور غیر مشروعة أی الإمتلاک بالقوّة.

 


1. جهل المارکسیة، ص 122 - 125.
2. سورة البقرة، الآیة 61.
3. سورة مریم، الآیة 25.
منابع الملکیة فی الإسلام...    العمل، المصدر الأساسی لأنواع الملکیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma