قال الإمام في التحرير: مسألة 6: من ترك المبيت الواجب بمنى يجب عليه لكل ليلة شاة متعمدا كان أو جاهلا أو ناسيا، بل تجب الكفارة على الأشخاص المعدودين في المسألة الثالثة إلا الخامس منهم، والحكم في الثالث والرابع مبني على الاحتياط[1]
الفرع الثاني: في عدم الفرق بين الجاهل والعالم والناسى في وجوب الكفارة فلو ترك المبيت بمنى جهلاً بالحكم أو نسيانا استقرت عليه الكفارة وقد اختلفت كلمتهم في هذه المسألة والظاهر أن المشهور عدم الفرق بين الاشخاص الثلاثة.
قال في الحدائق: طلاق كلامهم يقتضي عدم الفرق بين العامد والجاهل، وفي بعض الحواشي المنسوبة إلى شيخنا الشهيد أن الجاهل لا شيء عليه وهو جيد[2].
وقال في كشف اللثام إطلاق النصوص والفتاوى يشمل الجاهل والناسي والمضطر، فيكون جبرانا لا كفارة وعن الشهيد: لا شيء على الجاهل[3].
وقال في المدارك: وإطلاق النص وكلام الاصحاب يقتضي عدم الفرق في ذلك بين العالم والجاهل، وفي بعض الحواشي المنسوبة إلى شيخنا الشهيد: أن الجاهل لا شيء عليه، وهو محتمل[4].
إلا أن المحقق السيد الخويي (قدس سره) قد اختلف معهم في ذلك بقوله: كر في الجواهر أن إطلاق النص والفتوى يقضي بعدم الفرق في ثبوت الكفارة بين العالم والجاهل والناسي بل المضطر وعن بعضهم استثناء المضطر من ثبوت الكفارة كما عن بعض آخر استثناء الجاهل وأمّا الناسي فأولى بالخروج، وربما ادعي الإجماع على ثبوت الكفارة مطلقاً ولا ريب أن الإجماع غير تام والقول بعدم وجوب الكفارة في جميع الموارد المزبورة هو الصحيح[5].
أقول: لو لم نتأثر باطلاقات كلمات المشهور وفتااهم، الحق مع المحقق الخوئي (قدس) لعدم ورود نص خاص بالمضطر والجاهل والناسى ولحكومة حديث الرفع على هذه الاطلاقات لأن حديث الفع بالنسبة لهذه الروايات لا تكون من باب الخاص والعام بل أنه حاكم عليها وقد رفع في الحديث ما لا يعلمون والخطأ والنسيان والنسيان والاضطرار والظاهر معنى الرفع هنا أي رفع العقوبة والمواخذة كما انه يمكن رفع الحكم الوضعى كما ذهب إليه جماعة كما هو الصحيح عندنا أيضاً.
فما عن بعض من أن الكفارة هنا لا تكون منباب المجازات والعقوبة فلا تكون من الموارد المرفوعة بحديث الرفع بل هي جبران لما فاتو بدل عنه، ليس بصحيح.
لما دل على أنها عقوبة ومشمولة لموارد الرفع في الحديث بدليل ما ورد في القرآن الكريم: {لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ}[6]. فالظاهر من الوبال فيها هو العقوبة. ولأن الكفارات كلها من باب العقوبة.
وهذا بخلاف الفدية فان الفدية من باب الجبران والبدلية، فلا تون عقوبة، كما في الاسير فإنه يفتدى بشيئ ليحرر وهذا ليس من باب العقوبة، بل جبراً للاضرار المسببة بالحرب مثلاً، فظهر انه لا كفارة على الجاهل القاصر والناسى والمضطر.
Peinevesht:
[1] تحریر الوسیلة، امام خمینی، ج1، ص455.
[2] حدائق الناضرة، شیخ یوسف بحرانی، ج17، ص298.
[3] کشف اللثام، محقق اصفهانی، ج6، ص240، ط جامعة المدرسین.
[4] مدارک، سید محمد بن علی العاملی، ج8، ص224.
[5] موسوعة الامام الخوئی، ج29، ص390.
[6] مائده/سوره5، آیه95.