1. اضطر المؤیدون لنظریة التنزیه والتقدیس المطلق أمام هذا التضارب الکبیر بإقناع أنفسهم بأنّ جمیع الصحابة مجتهدون، وکل واحد منهم عمل وفق اجتهاده.
وهذا نوع من أنواع التحایل على الوجدان یقیناً، وقد توسل به هؤلاء الإخوة للخروج من هذا التضارب الفاضح.
فهل یعد ضرب صحابی مؤمن لانتقاده الرقیق، أو الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر لقضیة بسیطة حول العبث ببیت مال المسلمین إلى الحد الذی یفقد فیه وعیه وصلاته، اجتهاداً؟
وهل تهشیم أضلاع صحابی آخر معروف; لاعتراضه على تعیین «الولید» شارب الخمر والیاً على الکوفة، یعدّ نوعاً من الاجتهاد؟
والأهم من ذلک هل یعتبر إشعال نار الحروب وقتل عشرات الألوف من المسلمین; لأجل الجاه والسیطرة على الحکومة الإسلامیّة، والوقوف فی وجه إمام المسلمین المنتخب من قبل الناس جمیعاً إضافة إلى مقاماته الإلهیة، اجتهاداً؟
فإذا کانت هذه الأمور وغیرها تعدّ من قبیل الاجتهاد وشعبه، فجمیع الجرائم التی حدثت فی التاریخ یمکن توجیهها بذلک.
إضافة إلى ذلک، هل الاجتهاد منحصر بهؤلاء الصحابة أم أنّ هناک عدّة مجتهدین فی الأمّة الإسلامیّة؟ والیوم وباعتراف مجموعة من المفکرین السنة وکل علماء الشیعة أنّ باب الاجتهاد مازال مفتوحاً أمام جمیع العلماء الواعین.
فإذا ارتکب شخص مثل هذه الأعمال فهل أنتم على استعداد لتوجیهها؟ یقیناً، کلا.
2. وتارة یقولون إنّ وظیفتنا هی السکوت عن الصحابة وعن أفعالهم: (تِلْکَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا کَسَبَتْ وَلَکُم مَّا کَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا کَانُوا یَعْمَلُونَ).(1)
نعم هذا الأمر جید، إن لم یکن لهم تأثیر على مصیرنا، ولکننا نرید أن نجعلهم قدوة لنا، ونأخذ روایات النبی(صلى الله علیه وآله) عن طریقهم، ألا یجب أن نعرف الثقة من غیر الثقة والعادل من الفاسق حتى نعمل بمضمون الآیة الشریفة:
(یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِن جَاءکُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَیَّنُوا أَن تُصِیبُوا قَوْمًا بِجَهَالَة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِینَ)(2).
1. سورة البقره، الآیة 134.
2. سورة الحجرات، الآیة 6 .
