246-الرضاع المحرِّم

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 

246-الرضاع المحرِّم

بسم الله الرحمن الرحیم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمدٍ وآله الطاهرین.

تتمة الکلام  فی حکم ضمان المسبّب لحصول التحریم والفسخ

انتهینا فی الدرس السابق من بیان الشواهد الثلاثة التی ذکرها فی (الجواهر) على أنّ البضع لیس کالأموال، ولذا لا یحکم بالضمان فی مقامنا.

ولکنّ الإنصاف ـ بالرغم من تسلیم ما ذکره فی (الجواهر) من أنَّ البضع لیس کالأموال ـ أنّه یمکن الحکم بالضمان بواسطة قاعدة اُخرى، هی قاعدة لا ضرر؛ وذلک لتضرّر الزوّج بتحریم زوجته علیه. والمثال الواضح لجریان هذه القاعدة هو ما لو کان المسبّب متعمّداً فی فعله، کما فی مثال اُمّ الزوّجة التی کان من قصدها تحریم ابنتها على زوّجها. وأتصور بأنّه قد حصل خلط فی المقام بین قاعدة ((لا ضرر)) وقاعدة ((من أتلف)) فالإسلام لا یرضى بوقوع أقل ضرر، ولذا فإنّه لا یجیز مثل هذا الإضرار بالزوّج.

کما أنّنا فی مسألة انتحار الزوّجة نشکک فی الحکم بعدم تظمین الزوّجة، لأنَّ الزوّج یتضرر فی ذلک فتجری فی حقّه القاعدة. طبعاً العلماء لم یتعرّضوا لهذه المسألة، ولکنهم بحثوا فی مسألتی الوطء بالشبهة والزنا.

والنتیجة أننا نقول بضمان المسبّب فی الموارد التی یعطی فیها الزوّج المهر، ودلیلنا على ذلک هو قاعدة ((لا ضرر))، مضافاً إلى أن هناک روایات عدیدة فی باب التدلیس تقول بأنَّ المدلّس ضامن، یمکن التعدّی منها إلى المقام، بتقریب أنّه عندما یحکم الشارع بضمان المدلّس للمهر بسبب إضراره بالزوّج، فإنّه هنا أیضاً لابدّ أن یحکم بضمان المرضعة المسبّبة للتحریم وانفساخ النکاح لتضرّر الزوّج بدفع المهر.

بقی هنا اُمور

الأمر الأوّل: فی أنّه هل هناک فرق بین العلم والجهل والخطأ والنسیان فی الحکم بالضمان أو لا؟ مثلاً لو کانت اُمّ الزوّجة التی سببّت بإرضاعها لحفیدها من أبنتها حرمة ابنتها على زوّجها لا تعلم بأنَّ عملها هذا له هذه التبعات، فهل یحکم بضمانها أیضاً کما لو کانت عالمة عامدة أو لا؟

لا فرق بین العلم والجهل فی ذلک، سواء کان المدرک فی الحکم بالضمان هو قاعدة الإتلاف أم قاعدة لا ضرر؛ لأنّ قاعدة الإتلاف تحکم بالضمان حتّى فی حقّ النائم فیما لو أتلف شیئاً لغیره حال نومه، وقاعدة لا ضرر أیضاً کذلک.

نعم، الفرق هو أنّه فی صورة الجهل لا یکون هناک حرمة تکلیفیة، ولکن الحکم الوضعی ـ الضمان ـ باقٍ على کلّ حال ولا یفرّق فیه بین العلم والجهل. وقد أشیر إلى هذه المسألة فی (الشرائع) و (الجواهر).

الأمر الثانی: فی أنّه لو ارتضعت الصغیرة من الکبیرة مثلاً من تلقاء نفسها، وکانت الکبیرة عالمة بأنَّ ذلک یسبّب التحریم ولم تمنع ذلک فهل تکون ضامنةً أیضاً أو لا؟

قال البعض: إنّها لا تضمن؛ لأنّ عدم منعها للصغیرة من الرضاع لا یسبّب إسناد الفعل إلیها، والفعل حقیقةً مستند إلى الصغیرة لا إلى الکبیرة، وإن کانت الکبیرة عالمة ولم تمنعها.

ولکنّ الإنصاف أنّ العرف العقلائی یحکم بإسناد الفعل إلى الکبیرة فی مثل هذه الموارد، کما یحکم بضمان الأبوین مثلاً لو قام طفلهما بمرأى منهما بالإضرار بأحدٍ فلم یمنعاه، وفیما نحن فیه الأمر کذلک، ولذا فإنَّ العقلاء یسندون الفعل إلى الکبیرة.

وشبیه هذا الأمر نقوله فی مسألة إسقاط الجنین؛ کما لو کان هناک امرأة حامل ترید إسقاط جنینها، فذهبت عند الطبیب وقام بإسقاطه، فهل أنّ تمام الدیّة یکون على الطبیب أو أنَّ المرأة علیها سهمٌ منها أیضاً؟

نحن نرى بأنّها شریکة فی القتل، ولذا یلحقها سهمّ من الدیّة.

إذن، المرجع فی هذه المسائل هو عرف العقلاء لا الفلسفة، ولذا یحکم بضمان الکبیرة هنا.

الأمر الثالث: هناک حالات تضطر فیها الجدّة للاُمّ أو الزوّجة الکبیرة للإرضاع الذی یسبّب حرمة الزوّجة على زوّجها، کما لو فرض أنَّ المرتضع کان سوف یموت جوعاً لو لم ترضعه، فهل تکون ضامنة فی هذه الصورة أیضاً أو لا؟

وهذه مسألة عامّة ومطروحة فی أبواب مختلفة من الفقه.

ذکر الفقهاء بأنَّ الحکم فی هذه الصورة أیضاً هو الضمان؛ لأنّه صحیح أنَّ أدلّة وجوب حفظ النفس المحترمة عن التلف توجب هذا الإرضاع؛ إلاّ أن أدلّة الضمان تجری أیضاً وتوجب الضمان، ولا منافاة بینهما.

هذا ما یتصوّره الکثیرون فی هذه المسألة، وقد مثّل بعضهم لذلک بالأکل فی المخمصة، حیث إنّه فی حالات الجوع والاضطرار یجوز أخذ طعام المحتکر من مستودعه وأکله، إلاّ أنّه فی المقابل یجب دفع قیمته العادلة له.

ولکنّ الإنصاف أنَّ هذا الکلام لا یمکن قبوله؛ لأنّه مع قیام شخص بوظیفته الشرعیة وانطباق عنوان المحسن علیه تشمله قاعدة ((ما على المحسنین من سبیل)) وتنفی الضمان عنه، وهی قاعدة عقلیة وشرعیّة معتبرة.

فمثلاً: لو أنّ الطبیب وجد أنّه إذا لم یقطع رجل المریض فإنَّ المرض سوف یسری فی جسمه ویموت، فإنَّ الشارع یوجب علیه فی مثل ذلک أن یقطع له رجله، ولا یکون ضامناً.

وبعبارة اُخرى: ما قام به الطبیب کان الهدف منه منفعة وصلاح المریض، والمریض نفسه کان لیقوم بنفس الشیء تقدیماً للأهمّ على المهم. إذن لیس هناک خسارة فی البین، بل أن الأمر فی الواقع یدور بین ضررٍ تامٌ وضررٍ قلیل، فقام الطبیب باختیار أقلّ الضررین وفیما نحن فیه المسألة کذلک تماماً، حیث یدور الأمر بین موت الصغیرة أو حرمتها على زوّجها مثلاً، فیجب دفع الموت عنها ولا ضمان على المرضعة.

وبعبارة أوضح: أنَّ قاعدة لا ضرر قاعدة امتنانیة، فتکون منصرفة عمّا نحن فیه؛ لأنَّ الحکم بضمان من یجب علیه حفظ النفس المحترمة خلاف الامتنان.

وأمّا قیاس ما نحن فیه على مسألة الأکل فی المخمصة أو ضمان الطبیب فهو قیاس مع الفارق؛ لأنّه صحیح أنّه فی الأکلّ فی المخمصة یجب هذا الأکل شرعاً إلاّ أنّه لا تنطبق قاعدة الإحسان؛ لأنّ الأکل قد أحسن بذلک إلى نفسه لا إلى غیره.

کما أنَّ الطبیب بما أنّه یأخذ اُجرة على عمله فإنّه یضمن لو أتلف؛ إلاّ إذا کان قد أخذ تعهداً قبلاً من المریض على عدم تضمینه فی صورة الاشتباه. وأمّا الطبیب الذی یقدم على المعالجة مجاناً ومن دون اُجرة وفقط لأجل إمتثال الوجوب الشرعی فإنّه لا یضمن فی صورة الخطأ إذا لم یکن مقصّراً؛ لأنّه مُحسن وما على المُحسنین من سبیل.

الأمر الرابع: هل تضمن المرضعة أیضاً لو اُجبرت على الإرضاع؟

قال بعضهم بضمانها هنا لجریان القاعدة فی حقّها، وقال آخرون بعدم ضمانها؛ لأنّ الفعل لیس مستنداً إلى المکرّه، بل المکرِه هو الذی سبّب الضرر، فیحکم بضمانه دونها.

ولهذه المسألة أشباه ونظائر کثیرة فی مختلف أبواب الفقه.

ولکنّ الإنصاف أنَّ هناک فرقاً بین الإجبار والإکراه؛ لأنَّ المکرَه لا یکون مسلوب الإرادة والاختیار، بل هو باختیاره وإرادته یختار أقلّ الضررین، فیکون الفعل مسنداً إلیه حقیقةً؛ بینما المُجبر یکون مسلوب الاختیار ولا یُسند الفعل إلیه حقیقةً. مثلاً فی باب الصوم لو اُکره شخصٌ على الإفطار فإنّه یبطل صومه ویجب علیه قضاؤه وإن لم یکن آثماً، بینما المُجبر على الإفطار ـ کما لو قیّد وفتح فمه عنوةً وألقی فیه الطعام ـ لا یبطل صومه بذلک.

إذن، سلب الاختیار غیر مأخوذ فی ماهیة الإکراه، بل إنَّ أدلّة الإکراه فیها جنبة إمتنانیة کما یستفاد من قوله ـ صلّى الله علیه وآله ـ: ((رفع عن اُمتی ما اُکرهوا علیه))(1)؛ بینما الإجبار مأخوذ فی ماهیته سلب الاختیار.

وفیما نحن فیه یجب الضمان على المرضعة لو کانت مکرَهة، ویمکنها أن تأخذ ما دفعته من المکرِه؛ ولکنه لا یجب علیها شیء لو کانت مُجبرة، کما لو قیّدت ووضع الرضیع على صدرها.

إن قلت: إذا کان المکرَه مختاراً کما تقولون فلماذا یحکم ببطلان معاملاته؟

قلنا: لأنّه فی المعاملات یوجد شرط زائد على الإختیار هو الرضا القلبی مستفاد من أدلّة عدیدة منها قوله تعالى: (إِلاَّ أَنْ تَکُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْکُمْ)(2).

إذن، باب المعاملات یفرق عمّا نحن فیه.

وصلّى الله على سیدنا محمّدٍ وآله الطاهرین.

________________________

(1) الوسائل 4: 373، أبواب لباس المصلّی، ب 12، ح 6.

(2) النساء: 29.

Peinevesht:
  
    
TarikheEnteshar: « 1279/01/01 »
CommentList
*TextComment
*PaymentSecurityCode http://makarem.ir
CountBazdid : 1741