الطائفة الثانیة: وهی بعض الروایات الواردة فی بعض الموارد الخاصة، والتی یمکن استفادة کبرى کلیّة منها. وهی أیضاً على طوائف:

الاُولى: الروایات الدالة على حرمة ابنة الأخ وابنة الاُخت الرضاعیین، وهی:

1 ـ عن أبان بن عثمان، عمّن حدّثه، عن أبی عبد الله ـ علیه السلام ـ قال: ((قال أمیر المؤمنین ـ علیه السلام ـ: عرضت على رسول الله ـ صلّى الله علیه وآله وسلّم ـ ابنة حمزة فقال: أمّا علمت أنها ابنة أخی من الرضاع))(1).

والروایة مرسلة کما هو واضح، ولکن حیث إنّ مضمونها ورد فی روایات اُخرى صحیحة فإنّها تکون مؤیّدة.

2 ـ عن أبی عبیدة قال: سمعت أبا عبد الله ـ علیه السلام ـ یقول: ((إنّ علیّاً ـ علیه السلام ـ ذکر لرسول الله ـ صلّى الله علیه وآله وسلّم ـ ابنة حمزة، فقال: أما علمت أنها إبنة أخی من الرضاعة، وکان رسول الله ـ صلّى الله علیه وآله وسلّم ـ وعمّه حمزة قد رضعا من امرأة))(2).

3 ـ عن عثمان بن عیسى، عن أبی الحسن علیه السلام، قال: قلت له: إنّ أخی تزوّج امرأة فأولدها فانطلقت امرأة أخی فأرضعت جاریة من عرض الناس، فیحلّ لی أن أتزوّج تلک الجاریة التی أرضعتها امرأة أخی؟ فقال: ((لا، إنّه یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب))(3).

وسندها مُشکل.

4 ـ صحیحة الحلبی، عن أبی عبد الله ـ علیه السلام ـ قال: ((قال أمیر المؤمنین ـ علیه السلام ـ فی ابنة الأخ من الرضاع: لا آمر به أحداً ولا أنهى عنه، وأنا أنهى عنه نفسی وولدی، فقال: عُرِض على رسول الله ـ صلّى الله علیه وآله وسلّم ـ ابنة حمزة فأبى رسول الله ـ صلّى الله علیه وآله وسلّم ـ وقال: هی ابنة أخی من الرضاع))(4) ویأتی تفسیر هذه الروایة فی الروایة التالیة.

5 ـ عن معمّر بن یحیى بن سام ـ وفی (التهذیب): بن بسّام ـ قال: سألت أبا جعفر ـ علیه السلام ـ عمّا یروی الناس عن أمیر المؤمنین ـ علیه السلام ـ عن أشیاء من الفروج لم یکن یأمر بها ولا ینهى عنها إلاّ نفسه وولده قلنا: کیف یکون ذلک؟ قال: ((أحلتها آیة وحرّمتها آیة اُخرى))، فقلنا: هل إلاّ أن تکون إحداهما نسخت الأخرى أم هما محکمتان ینبغی أن یعمل بهما؟ فقال: ((قد بیّن لهم إذ نهى نفسه وولده))، قلنا: ما منعه أن یبیّن ذلک للناس؟ قال: ((خشی أن لا یطاع، ولو أنّ أمیر المؤمنین ـ علیه السلام ـ ثبتت قدماه أقام کتاب الله کلّه والحق کلّه))(5).

وهذه الروایة تفسّر الروایة السابقة کما أسلفنا.

ونتیجة هذه الروایات هی حرمة ابنة الأخ الرضاعی، ویمکن بإلغاء الخصوصیة إستفادة حرمة ابنة الاُخت الرضاعیة أیضاً منها.

الثانیة: الروایات الدالة على حرمة العمّة والخالة الرضاعیتین، وهی:

1 ـ وهی ضعیفة السند، عن مسمع بن عبد الملک، عن أبی عبد الله ـ علیه السلام ـ قال: ((قال أمیر المؤمنین ـ علیه السلام ـ: ثمانیة لا تحلّ مناکحتهم: أمتک اُمّها أمتک، أو أختها أمتک، وأمتک وهی عمّتک من الرضاع، أمتک وهی خالتک من الرضاع...))(6).

وذلک بأن یرتضع العمّ أو الخال مع أمةٍ من لبن فحلٍ واحدٍ، فإنّ الأمة حینئذٍ تصبح اُخت العمّ أو الخال، فتکون بالتالی عمّة أو خالة رضاعیة.

2 ـ عن مسعدة بن زیاد قال: قال أبو عبد الله ـ علیه السلام ـ: ((یحرم من الإماء عشر، لا تجمع بین الاُم والابنة ـ إلى أن قال ـ ولا أمتک وهی عمّتک من الرضاعة، ولا أمتک وهی خالتک من الرضاعة، ولا أمتک وهی اُختک من الرضاعة، ولا أمتک وهی ابنة أخیک من الرضاعة، الحدیث))(7).

3 ـ صحیحة عبد الله بن سنان، عن أبی عبد الله ـ علیه السلام ـ قال: ((لا یصلح للمرأة أن ینکحها عمّها ولا خالها من الرضاعة))(8).

ویمکن أن تذکر هذه الروایة ضمن روایات الطائفة السابقة أیضاً.

الثالثة: الروایات الدالة على حرمة الاُخت الرضاعیة، وهی:

1 ـ عن صفوان بن یحیى عن أبی الحسن ـ علیه السلام ـ فی حدیث قال: قلت له: أرضعت اُمّی جاریة بلبنی، فقال: ((هی أختک من الرضاعة)) قلت: فتحلّ لأخ لی من اُمّی لم ترضعها اُمّی بلبنه ـ یعنی لیس بهذا البطن ولکن ببطن آخر ـ؟ قال: ((والفحل واحدٌ؟)) قلت: نعم، هو أخی لأبی واُمّی، قال: ((اللبن للفحل، صار أبوک أباها واُمّک اُمّها))(9).

النتیجة:

أنّ هذه الطوائف الثلاث من الروایات وإن لم تذکر من العناوین السبعة المحرّمة إلاّ الاُخت والعمة والخالة وابنتی الأخ والاُخت، ولکنه یمکن استفادة عموم التحریم بالرضاع منها لتمام العناوین السبعة، هذا فضلاً عن أنّ حرمة الجمع إجماعیة.

وصلّى الله على سیدنا محمدٍ وآله الطاهرین.

___________________

(1) الوسائل 20: 395، أبواب ما یحرم بالرضاع، ب 8، ح2.

(2) الوسائل 20: 396، أبواب ما یحرم بالرضاع، ب 8، ح 6.

(3) الوسائل 20: 397، أبواب ما یحرم بالرضاع، ب 8، ح 7.

(4) الوسائل 20: 394، أبواب ما یحرم بالرضاع، ب 8، ح 1.

(5) الوسائل 20: 397، أبواب ما یحرم بالرضاع، ب 8، ح 8.

(6) الوسائل 20: 396، أبواب ما یحرم بالرضاع، ب 8، ح 4.

(7) الوسائل 20: 397 ـ 398، أبواب ما یحرم بالرضاع، ب 8، ح 9.

(8) الوسائل 20: 396، أبواب ما یحرم بالرضاع، ب 8، ح 5.

(9) الوسائل 20: 395، أبواب ما یحرم بالرضاع، ب 8، ح 3.