«قَدْ اتَّخَذُوا ذَا الْعَرْشِ ذَخِیرَةً لِیَوْمِ فَاقَتِهِمْ، وَیَمَّمُوهُ، عِنْدَ انْقِطَاعِ الْخَلْقِ إِلى المَخْلُوقِینَ بِرَغْبَتِهِمْ، لاَیَقْطَعُون أَمَدَ غَایَةِ عِبَادَتِهِ وَلاَیَرْجِعُ بِهِمِ الاِسْتِهْتَارُ بِلُزُومِ طاَعَتِهِ، إِلاَّ إِلَى مَوَادَّ مِنْ قُلُوبِهمْ غَیْرِ مُنْقَطِعَة مِنْ رَجَائِهِ وَمَخَافَتِهِ، لَمْ تَنْقَطِعْ أَسْبَابُ الشَّفَقَةِ مِنْهُمْ، فَیَنُوا فی جِدِّهِمْ، وَلَمْ تَاْسِرْهُمُ اْلاطْمَاعُ فَیُؤْثِروُا وَشیِکَ السَّعْی عَلى اجْتِهَادِهِمْ. لَمْ یَسْتَعْظِمُوا مَآ مَضَى مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوِ اسْتَعْظَمُوا ذلِکَ لَنَسَخَ الرَّجَاءُ مِنْهُمْ شَفَقَاتِ وَجَلِهِمْ، وَلَمْ یَخْتَلِفُوا فِی رَبِّهِمْ بِاسْتِحْواذِ الشَّیْطَانِ عَلَیْهِمْ. وَلَمْ یُفَرِّقْهُمْ سُوءُ التَّقَاطُعِ، وَلاَ تَوَلاَّهُمْ غِلُّ التَّحَاسُدِ، وَلاَ تَشَعَّبَتْهُمْ مَصَارِفُ الرَّیَبِ، وَلاَ اقْتَسَمَتْهُمْ أَخْیَافُ الْهِمَمِ، فَهُمْ أُسَرَاءُ إِیمَان لَمْ یَفُکَّهُمْ مِنْ رِبْقَتِهِ زَیَغٌ وَلاَ عُدُولٌ وَلاَوَنىً وَلاَ فُتُورٌ، وَلَیْسَ فی أَطْبَاقِ السَّماءِ مَوْضِعُ إِهَاب إِلاَّ وَعَلَیْهِ مَلَکٌ سَاجِدٌ، أَوْ سَاع حَافِدٌ، یَزْدَادُونَ عَلَى طُول إلطَّاعَةِ بِرَبِّهمْ عِلْماً، وَتَزْدَادُ عِزَّةُ رَبِّهِمْ فِی قُلُوبِهِمْ عِظَماً».