الجبارون والمغرورون لا یدرکون الحق!
تحدثت الآیة الاُولى عن کلام «مؤمن آل فرعون» صاحب الضمیر الحی الذی کان فی بلاط فرعون یؤید موسى بن عمران ویؤمن به سراً، فقالت: (اَلَّذِیْنَ یُجَادِلُونَ فِى آیاتِ اللهِ بِغَیْرِ سُلْطَان أَتَاهُمْ کَبُرَ مَقَتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِیْنَ آمَنوا کَذلِکَ یَطْبَعُ اللهُ عَلَى کُلِّ قَلْبِ مُتَکَبِّر جَبّار).
نعم، إنّ عناد الحق والاصرار فی ذلک العناد یجعل حجاباً قاتماً على فکر الإنسان ویسلبه قابلیة التمییز و حسن المعرفة، فیبلغ به الأمر إلى أن یصبح قلبه کالوعاء المغلق لا یخرج محتواه الفاسد ولا ینفذ فیه المحتوى السلیم والمفید.
یقول البعض فی الفرق بین «الجبّار» و«المتکبر» أنّ «التکبر» یقابل «الخضوع للحق» و«الجبروت» یقابل «الشفقه والمحبة للخلق»، فالظَّلَمَة المغرورون لا یخضعون للحق ولا یرحمون ولا یشفقون على الخلق.
والآیة الثانیة نقلت أقوال فریق من المتکبرین المعاندین حول القرآن حیث کانوا یقولون: لِمَ لَمْ ینزّل القرآن أعجمیاً کی نهتم به أکثر وکی یفهمه غیر العرب؟ (قد یکون مرادهم هو الحؤول دون فهم الناس له).
فأجابهم القرآن: لو نزّل القرآن أعجمیاً لأشکلتم إشکالا آخر وهو «لولا فصلت آیاته» أی أنّ محتواه معقد ومبهم ولا نعی شیئاً منه، ثم قلتم، عجیب أن یکون القرآن أعجمیاً ونازلا على عربی؟!
ثم أمر الله رسوله بأن یقول لأولئک المغرورین:
(هُوَ لِلَّذِیْنَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِیْنَ لاَ یُؤْمِنُونَ فِى آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَیْهِمْ عَمىً أُولئِکَ یُنَادَوْنَ مِنْ مَّکَان بَعِیْد).
وواضح أنّ الذی ینادى من مکان بعید لا یسمع ولا یرى.
إذا أنکرت أعینهم نور شمس القرآن الساطعة فذلک لرمدها، وإذا أنکرت آذانهم نداء الحق المدوّی فذلک للوقر الذی فیها.
