إنّ المهم فی التاریخ هو العثور على «جذور» و«نتائج» الحوادث التاریخیة.
فإذا حصلت ثورة فی بقعة ما من العالم ـ مثلا ـ ینبغی أولا دراسة العوامل التی أدت هذه الثورة والتحقق منها بدقة.
ثانیاً النظر فی نتائج هذه الثورة، وهذان الأمران هما اللذان یخرجان التاریخ عن کونه مجرد حکایات مسلّیة، ویبدلانه إلى مصدر مهم للمعرفة.
لکن یؤسفنا أن یکتفی المؤرخون بذکر الحوادث التاریخیة، فی مرحلة تبلورها فقط، وقلّما یتجهون نحو جذور وعلل الحوادث ونتائجها، ولم یترکوا فی مجال تحلیل القضایا التاریخیة آثاراً تُذکر.
إلاّ أنّ القرآن قرن تدوین الحوادث مع البحث عن أُصولها ونتائجها فتارة بعد ذکره لمقطع تاریخی یقول:
(فَانْظُرُوا کَیفَ کانَ عَاقِبَةُ الْمُکَذِّبِینَ). (آل عمران / 137)
وتارة یقول: (وَانْظُرُوا کَیفَ کَانَ عَاقِبَةُ المُفْسِدِینَ). (الاعراف / 86)
وتارة یقول: (فَانْظُرُوا کَیفَ کَانَ عَاقِبةُ الْمـُجْرِمِینَ). (النمل / 69)
وتارة یقول: (اِنَّ اللهَ لاَ یُغَیِّرُ مَا بِقَوم حَتّى یُغیِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).(الرعد / 11)
والجدیر بالذکر أن للتاریخ فروعاً عدیدة أهمّها تاریخ الإنسان والمجتمعات البشریة، وتاریخ الحضارات، وتاریخ العلوم والفنون البشریة، وهی تواریخ محورها الأساس ومحرک عجلتها هو الإنسان.
یالهم من بسطاء أولئک الذین یظنون أن التاریخ ـ بالرغم من کل فروعه وتشعباته ـ نتاج قسری للقضایا الاقتصادیة وخاصةً وسائل الانتاج، أی أنّ التاریخ خلقته وسائل الانتاج واجهزته التی صنعها الإنسان بنفسه!
وعلى هذا الأساس یمکننا القول: إنّ هؤلاء بتصورهم الخاطىء وتفکیرهم الشاذ لم یعرفوا الإنسان ولا التاریخ أبداً.