یواجه المفسّر فی طریقه ثلاث عقبات مهمّة.
1 ـ لیس التفسیر الموضوعی بأن تجعل فهارس الآیات أمامک وتجمع الآیات التی ورد فیها ذکر لکلمات المواضیع التی ترید البحث فیها، مثل الجهاد والتقوى، لأنّ الکثیر من الآیات تتکلم حول هذه المواضیع بدون أن تُذکر فیها کلمة التقوى أو الجهاد، ولا بأس هنا أن نذکر مثالا واحداً، نحن نعلم أنّ الله سبحانه «رحمن» و«رحیم» و«أرحم الراحمین» وهذا المعنى وارد، فی الکثیر من آیات القرآن، ولکن توجد آیات تبیّن هذه الحقیقة بدون استعمال مادة «رحم»، منها: (وَلَوْ یُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَکَ عَلَیْها مِنْ دَابَّة)(1).(النحل / 61)
ونفس هذا المعنى مع اختلاف یسیر ذکر فی الآیة 45 من سورة فاطر: (وَلَوْ یُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا کَسَبُوا مَا تَرَکَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّة).
هاتان الآیتان تشیران إلى رحمة الله ولطفه المطلق على عباده من غیر أن تُستعمل مادة (رحم) فی الآیتین.
2 ـ العقبة الاُخرى التی تعترض التفسیر الموضوعی مشکلة جمع الآیات وأخذ النتیجة منها، فهذه العملیة تحتاج إلى دقة وظرافة وذوق ووعی کامل واحاطة تامّة بالآیات القرآنیة والتفاسیر، وعندما تکون الآیات المرتبطة بموضوع ما کثیرة ویکون لکل منها بعدٌ خاصٌ بها فإنّ الجمع سیکون أکثر تعقیداً.
مضافاً إلى ذلک فإنَّ التفسیر الموضوعی لا یزال یخطو خطواته الاُولى ولم یُبذل فی هذا النطاق جهد وسعیٌ حثیث، وهذا یجعل الأمر أکثر صعوبة وتعقیداً بالنسبة للمبتدئین ویختلف کثیراً عن التفسیر المعتاد المتّبع منذ نزول القرآن.
3 ـ العقبة الکبیرة الثالثة: إنّ موضوعات القرآن الکریم، هذا الکتاب الإلهی العظیم لا حدّ لها ولا حصر، ففیه المسائل العقائدیة والعلمیة، وفیه المسائل الأخلاقیة والسیاسیة والاجتماعیة والاقتصادیة، وآداب العشرة وأحکام الحرب والسلم وتاریخ الأنبیاء واُمور الکون و..الخ.
وفی کل واحدة من هذه الاُمور موضوعات کثیرة بحثها القرآن، ومناقشة کل هذه المسائل تحتاج إلى وقت طویل وصدر واسع.
وأحیاناً تبحث الآیة الواحدة فی التفسیر الموضوعی أبحاثاً عدیدة من جهات مختلفة، وفی کل بُعد من أبعادها یجب بحث فصل خاص به، فی حین تفسر الآیة فی التفسیر الترتیبی تفسیراً واحداً فقط.