یخافون حتى من اسم الجهاد!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سورة محمّد / الآیة 20 ـ 24 القرآن کتاب فکر وعمل

تبیّن هذه الآیات المواقف المختلفة للمؤمنین والمنافقین تجاه الأمر بالجهاد، تکملة للأبحاث التی مرّت فی الآیات السابقة حول هذین الفریقین.

تقول الآیة الأولى: (ویقول الّذین آ منوا لولا نزّلت سورة) سورة یکون فیها أمر بالجهاد، یوضح واجبنا تجاه الأعداء القساة الجلاّدین الذین لا منطق لهم.. سورة تبعث آیاتها نور الهدایة فی قلوبنا، وتضیء أرواحنا بنورها الوهّاج، هذا حال المؤمنین.

وأمّا المنافقون: (فإذا أنزلت سورة محکمة وذکر فیها القتال رأیت الّذین فی قلوبهم مرض ینظرون إلیک نظر المغشىّ علیه من الموت).

فعند سماع اسم الحرب یصیبهم الهلع، ویضطرب کیانهم أجمع، وتتوقف عقولهم عن التفکیر، وتتسمّر عیونهم، وینظرون إلیک کمن یوشک على الموت، وهذا أبلغ وأروع تعبیر عن حال المنافقین الجبناء الخائفین.

إنّ سبب اختلاف تعامل المؤمنین والمنافقین مع أمر الجهاد، ینبع من أن الفریق الأوّل قد

علقوا آمالهم بالله سبحانه لإیمانهم القوی به، فهم یرجون عنایته ولطفه ونصرته، ولا خوف لدیهم من الشهادة فی سبیله.

إنّ میدان الجهاد بالنسبة إلى هؤلاء میدان إظهار عشقهم لمحبوبهم، میدان الشرف والفضیلة، میدان تفجّر الإستعدادت والقابلیات، وهو میدان الثبات والمقاومة والإنتصار، ولا معنى للخوف فی مثل هذا المیدان.

إلاّ أنّه بالنسبة إلى المنافقین میدان موت وفناء وتعاسة، میدان هزیمة ومفارقة لذائذ الدنیا، وهو أخیراً میدان مظلم یعقبه مستقبل مرعب غامض!

والمراد من «السورة المحکمة» ـ باعتقاد بعض المفسّرین ـ هی السور التی ذکرت فیها مسألة الجهاد. لکن لا دلیل على هذا التّفسیر، بل الظاهر أنّ «المحکم» هنا بمعنى المستحکم والثابت والقاطع، والخالی من أی غموض أو إبهام، حیث یقع المتشابه فی مقابله أحیاناً، ولمّا کانت آیات الجهاد تتمتّع عادة بحزم استثنائی، فإنّها تنسجم مع مفهوم هذا اللفظ أکثر، إلاّ أنّها لیست منحصرة فیه.

والتعبیر بـ (الّذین فی قلوبهم مرض) تعبیر یستعمل فی لسان القرآن فی شأن المنافقین عادةً، وما احتمله بعض المفسّرین من أنّ المراد ضعفاء الإیمان لا ینسجم مع سائر آیات القرآن، بل ولا مع الآیات السابقة لهذه الآیات والتی بعدها، التی تتحدّث جمیعاً عن المنافقین.

وعلى أیة حال، فإنّ الآیة تضیف فی النهایة جملة قصیرة، فتقول: (فأولى لهم).

إنّ جملة (أولى لهم) تعبّر فی الأدب العربی عن التهدید واللعنة، وتمنّی التعاسة والفناء للآخر(1).

وفسّرها البعض بأنّها تعنی: الموت أولى لهم، ولا مانع من الجمع بینها کما أوردنا فی تفسیر الآیة.

وتضیف الآیة التالیة: (طاعة وقول معروف)(2).

إنّ التعبیر بـ (قول معروف) یمکن أن یکون فی مقابل الکلمات الهزیلة المنکرة التی کان یتفوّه بها المنافقون بعد نزول آیات الجهاد، فقد کانوا یقولون تارةً (لا تنفروا فی الحرّ)(3)، وأخرى: (وإذ یقول المنافقون والّذین فی قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلاّ غرور)(4)، وثالثة کانوا یقولون: (هلمّ إلین)(5)، من أجل إضعاف المؤمنین وإعاقتهم عن التوجّه إلى میدان الجهاد.

ولم یکونوا یکتفون بعدم ترغیب الناس فی أمر الجهاد، بل کانوا یبذلون قصارى جهودهم من أجل صدّهم عن الجهاد، أو تثبیط معنویاتهم وعزائمهم على الأقل.

ثمّ تضیف الآیة: (فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لکان خیراً لهم) وسیرفع رؤوسهم فی الدنیا، ویمنحهم العزّة والفخر، ویؤدّی إلى أن ینالوا الثواب الجزیل، والأجر الکبیر، والفوز العظیم فی الآخرة.

وجملة (عزم الأمر) تشیر فی الأساس إلى استحکام العمل، إلاّ أنّ المراد منها هنا الجهاد، بقرینة الآیات التی سبقتها والتی تلیها.

وتضیف الآیة التالیة: (فهل عسیتم إن تولیّتهم أن تفسدوا فی الأرض وتقطّعوا أرحامکم)(6)لأنّکم إن أعرضتم عن القرآن والتوحید، فإنّکم سترجعون إلى جاهلیّتکم حتماً، ولم یکن فی الجاهلیة إلاّ الفساد فی الأرض، والإغارة والقتل وسفک الدماء، وقطیعة الرحم، ووأد البنات. هذا إذا کانت «تولیّتم» من مادة «تولّی» بمعنى الإعراض.

غیر أنّ کثیراً من المفسّرین احتمل أن تکون من مادة «ولایة»، أی: الحکومة، فیکون المعنى: إنّکم إذا تولیّتم زمام السلطة فلا یتوقع منکم إلاّ الضلال والفساد وسفک الدماء وقطیعة الرحم.

وکأنّ جمعاً من المنافقین قد اعتذر من أجل أن یفرّ من میدان الجهاد بأنّا کیف نطأ ساحة الحرب ونقتل أرحامنا ونسفک دماءهم، وعندها سنکون من المفسدین فی الأرض؟

فیجیبهم القرآن قائلاً: ألم تقتلوا أرحامکم وتسفکوا دماءهم، ولم یظهر منکم إلاّ الفساد فی الأرض یوم کانت الحکومة بأیدیکم؟ إن هذا إلاّ تذرّع وتهرّب، فإنّ الهدف من الحرب فی الإسلام هو إخماد نار الفتنة، لا الفساد فی الأرض، والهدف اقتلاع جذور الظلم وإزالته من الوجود، لا قطع الرحم.

وقد ورد فی بعض الروایات الواردة عن أهل البیت(علیهم السلام) أنّ هذه الآیة فی بنی اُمیة الذین لم یرحموا صغیراً ولا کبیراً، بل سفکوا دماء الجمیع حتى أقاربهم لمّا تسلّموا زمام الحکم(7).

من المعلوم أنّ بنی أمیة جمیعاً، اتبداءً من أبی سفیان إلى أبنائه وأحفاده، کانوا مصداقاً واضحاً لهذه الآیة، وهذا هو المراد من الروایة، إذ أنّ للآیة معنى واسعاً یشمل کلّ المنافقین الظالمین والمفسدین.

وتوضح الآیة التالیة المصیر النهائی لهؤلاء القوم المنافقین المفسدین المتذرّعین بأوهى الحجج فتقول: (أولئک الّذین لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم).

إنّ هؤلاء یظنّون أنّ الجهاد الإسلامی القائم على أساس الحق والعدالة، قطیعة للرحم، وفساداً فی الأرض، أمّا کلّ الجرائم التی إرتکبوها فی الجاهلیة، والدماء البریئة التی سفکوها أیّام تسلطهم، والأطفال الأبریاء الذین وأدوهم ودفنوهم وهم أحیاء یستغیثون، کانت قائمة على أساس الحق والعدل! لعنهم الله إذ لا أذن واعیة لهم، ولا عین ناظرة بصیرة!

ونقرأ فی روایة عن الإمام علی بن الحسین، أنّه قال لولده الإمام الباقر(علیه السلام): «إیّاک ومصاحبة القاطع لرحمه، فإنّی وجدته ملعوناً فی کتاب الله عزَّوجلّ فی ثلاثة مواضع، قال الله عزَّ وجلّ: فهل عسیتم...»(8).

«الرحم» فی الأصل محل استقرار الجنین فی بطن أمّه، ثمّ أطلق هذا التعبیر على کل الأقرباء، لأنّهم نشأوا وولدوا من رحم واحد.

وجاء فی حدیث آخر عن رسول الله(صلى الله علیه وآله): «ثلاثة لا یدخلون الجنّة: مدمن خمر، ومدمن سحر، وقاطع رحم»(9).

ولا یخفى أنّ لعن الله تعالى لهؤلاء القوم، وطردهم من رحمته، وکذلک سلبهم القدرة على إدراک الحقائق، لا یستلزم الجبر، لأنّ ذلک جزاء أعمالهم، وردّ فعل لسلوکهم وأفعالهم.

وتناول آخر آیة من هذه الآیات ذکر العلة الحقیقیة لانحراف هؤلاء القوم التعساء، فقالت: (أفلا یتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفاله

نعم، إنّ عامل مسکنة هؤلاء وضیاعهم أحد اثنین: إمّا أنّهم لا یتدبّرون فی القرآن، برنامج الهدایة الإلهیة، والوصفة الطبیة الشافیة تماماً، أو أنّهم یتدبّرونه، إلاّ أنّ قلوبهم مقفلة نتیجة اتّباع الهوى والأعمال التی قاموا بها من قبل، وهی مقفلة بشکل لا تنفذ معه أی حقیقة إلى قلوبهم.

وبتعبیر آخر، فإنّهم کرجل ضلّ طریقه فی الظلمات، فلا سراج فی یده، ولا هو یبصر إذ هو أعمى، فلو کان معه سراج، وکان مبصراً، فإنّ الإهتداء إلى الطریق فی أی مکان سهل ویسیر.

«الأقفال» جمع «قفل»، وهی فی الأصل من مادة «القفول» أی الرجوع، أو من القفیل، أی الأشیاء الیابسة، ولمّا کان المتعارف أنّهم إذا أغلقوا الباب وقفلوها بقفل، فکلّ من یأت یقفل راجعاً، وکذلک لمّا کان القفل شیئاً صلباً لا ینفذ فیه شیء، لذا فقد أطلقت هذه الکلمة على هذه الآلة الخاصة.


1. اعتقد جماعة أنّ معنى الجملة یصبح: یلیه مکروه، وهو یعادل معنى ویل لهم.
2. «طاعة» مبتدأ، وخبره محذوف، والتقدیر: طاعة وقول معروف أمثل لهم، واعتبرها البعض خبراً لمبتدأ محذوف، وکان التقدیر: أمرنا طاعة، إلاّ أنّ المعنى الأوّل هو الأنسب.
3. التوبة، 81 .
4. الأحزاب، 12.
5. الأحزاب، 18.
6. بالرغم من أنّ القلیل من المفسّرین قد بحث فی ترکیب هذه الآیة، لکن یبدو أنّ (إن تولیّتم) جملة شرطیة وقعت بین اسم «عسى» وخبرها، وجزاء إن الشرطیة مجموع جملة (فهل عسیتم أن تفسدوا فی الأرض)، والتقدیر: إن تولیّتم عن کتاب الله فهل یترقب منکم إلاّ الفساد فی الأرض؟
7. تفسیر نورالثقلین، ج 5، ص 40.
8. أصول الکافی، ج 2، ص 641، (باب من تکره مجالسته، ح 7)، نقلاً عن تفسیر نورالثقلین، ج 5، ص 41، أمّا الآیتان اللتان وردتا فی بقیة الحدیث فإحداهما الآیة 25 من سورة الرعد، والاُخرى الآیة 27 من سورة البقرة، وقد ورد اللعن فی إحداهما صریحاً، وفی الاُخرى کنایة وتلمیحاً.
9. التّفسیر الأمثل ذیل الآیة 77 من سورة المائدة، نقلاً عن الخصال، ج 1، ص 179، وتفسیر نورالثقلین، ج 5، ص 41.
سورة محمّد / الآیة 20 ـ 24 القرآن کتاب فکر وعمل
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma