إن تنصروا الله ینصرکم

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سورة محمّد / الآیة 7 ـ 11 سورة محمّد / الآیة 12 ـ 14

تستمر هذه الآیات فی ترغیب المؤمنین فی جهاد أعداء الحق، وهی ترغّبهم فی الجهاد بتعبیر رائع بلیغ، فتقول: (یا أیّها الّذین آمنوا إن تنصروا الله ینصرکم ویثبّت أقدامکم).

إنّ التأکید على مسألة «الإیمان» إشارة إلى أنّ إحدى علامات الإیمان الحقیقی هو جهاد أعداء الحق.

وعبارة (تنصروا الله) تعنی ـ بوضوح ـ نصرة دینه، ونصرة نبیّه، وشریعته وتعلیماته، ولذلک وردت نصرة الله إلى جانب نصرة رسوله فی بعض آیات القرآن الکریم، کما نقرأ فی الآیة 8 من سورة الحشر: (وینصرون الله ورسوله أولئک هم الصّادقون).

ومع أنّ قدرة الله سبحانه غیر محدودة، ولا قیمة لقدرة المخلوقات حیال قدرته، غیر أنّه یعبّر بنصرة الله لیوضح أهمّیة الجهاد والدفاع عن دین الله، ولا یوجد تعبیر أعظم من هذا لتبیان أهمیّة هذا الموضوع.

ولنرَ ما هو هذا الوعد الذی وعد الله به المجاهدین إذا ما دافعوا عن دینه؟

یقول أوّلاً (ینصرکم) أمّا کیف یتمّ ذلک؟ فإنّ الطرق کثیرة، فهو سبحانه یلقی فی قلوبکم نور الإیمان، وفی نفوسکم وأرواحکم التقوى، وفی أرادتکم القوّة والتصمیم أکثر، وفی أفکارکم الهدوء والإطمئنان.

ومن جانب آخر یرسل الملائکة لمدکم ونصرتکم، ویغیّر مسار الحوادث لصالحکم، ویجعل أفئدة الناس تهوی إلیکم، ویجعل کلماتکم نافذة فی القلوب، ویصیّر نشاطاتکم وجهودکم مثمرة، نعم، إنّ نصرة الله تحیط بالجسم والروح، من الداخل والخارج.

إلاّ أنّه سبحانه یؤکّد على مسألة تثبیت الأقدام من بین کلّ أشکال النصرة، وذلک لأنّ الثبات أمام العدو أهم رمز للانتصار، وإنّما یکسب الحرب الذین یصمدون ویستقیمون أکثر، ولذلک نقرأ فی قصة محاربة طالوت ـ القائد العظیم لبنی إسرائیل ـ لجالوت ـ المتسلّط الجائر القوی ـ أنّ المؤمنین القلیلین الذین کانوا معه عندما واجهوا جیش العدو الجرار، قالوا: (ربّنا أفر غ علینا صبراً وثبّت أقدامنا وانصرنا على القوم الکافرین).(1)

ونقرأ فی الآیة التی بعدها: (فهزموهم بإذن الله).

أجل، إنّ نتیجة ثبات القدم هی النصر المؤزّر على العدو.

ولمّا کانت حشود العدو العظیمة، وأنواع معداتهم وتجهیزاتهم قد تشغل فکر المجاهدین فی سبیل الله أحیاناً، فإنّ الآیة التالیة تضیف: (والّذین کفروا فتعساً لهم وأضلّ أعمالهم)(2).

«تعس» ـ على وزن نحس ـ بمعنى الإنزلاق والهوی، وما فسّره البعض بأنّه الهلاک والإنحطاط، فهو لازمه فی الواقع لا معناه.

وعلى کلّ حال، فإنّ المقارنة بین هذین الفریقین عمیقة المعنى جدّاً، فالقرآن یقول فی شأن المؤمنین (یثبّت أقدامهم) وفی شأن الکافرین (أضلّ أعمالهم) وبصیغة اللعنة، لیکون التعبیر أبلغ وأکثر جاذبیة وتأثیراً.

نعم، إنّ الکافرین إذا انزلقوا وزلّت أقدامهم، فلیس هناک من یأخذ بأیدیهم لینقذهم من الهلکة، بل إنّهم سینحدرون إلى الهاویة سریعاً وبسهولة، أمّا المؤمنون، فإنّ ملائکة الرحمة تهب لنجدتهم ونصرتهم، ویحفظونهم من المنزلقات والمنحدرات، کما نقرأ ذلک فی موضع آخر، حیث تقول الآیة 30 من سورة فصلت: (إنّ الّذین قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا تتنزّل علیهم الملائکة).

إنّ أعمال المؤمنین مبارکة، أمّا أعمال الکافرین فإنّها بائرة ولذلک فهی تزول وتفنى سریعاً.

وتبیّن الآیة التالیة علّة سقوط هؤلاء، وجعل أعمالهم هباءً منثوراً، فتقول: (ذلک بأنّهم کرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم).

لقد أنزل الله سبحانه دین التوحید قبل کلّ شیء، إلاّ أن هؤلاء نبذوه وراء ظهورهم وأقبلوا نحو الشرک.

لقد أمر الله سبحانه بالحق والعدالة، والعفّة والتقوى، غیر أنّهم أعرضوا عنها جمیعاً، واتجهوا صوب الظلم والفساد، بل إنّهم تشمئز قلوبهم إذا ذکر اسم الله تعالى وحده: (وإذا ذکر الله وحده اشمأزّت قلوب الّذین لا یؤمنون بالآخرة)(3).

وإذا کان هؤلاء یتنفّرون من هذه الاُمور، فمن الطبیعی أن لا یخطوا خطوة فی هذا المسیر، ولقد کانت کلّ مساعیهم وجهودهم فی مسیر الباطل وخدمته، فمن الطبیعی أیضاً أن تحبط کلّ هذه الأعمال.

وجاء فی حدیث عن الإمام الباقر(علیه السلام): «کرهوا ما أنزل الله فی حق علی»(4).

ومعلوم أنّ لتعبیر (ما أنزل الله) معنى واسعاً، ومسألة ولایة أمیر المؤمنین علی(علیه السلام)أحد مصادیقه الواضحة، لا أنّ معناه منحصر فیها.

ولمّا کان القرآن الکریم فی کثیر من الموارد یعرض للظالمین العاصین نماذج محسوسة، فقد دعاهم هنا أیضاً إلى التدبّر فی أحوال الماضین، فقال: (أفلم یسیروا فی الأرض فینظروا کیف کان عاقبة الذین من قبلهم دمّر الله علیهم

ومن أجل أن لا یظنّ هؤلاء أنّ ذلک المصیر المشؤوم کان مختصّاً بالأقوام الطاغین الماضین، فقد أضافت الآیة: (وللکافرین أمثاله)(5).

فلا یظنّوا أنّهم فی منأى من العقاب المشابه لذلک العقاب إن هم عملوا أعمالاً تشابه أعمال الماضین، فلیسیروا فی الأرض ولینظروا آثار الذین من قبلهم، ثمّ لینظروا مستقبلهم من خلال سنن التأریخ.

والجدیر بالإنتباه أنّ «دمّر» من مادة «تدمیر»، وهی فی الأصل بمعنى الإهلاک والإفناء، أمّا إذا أتت مع (على) فإنّها تعنی إهلاک کلّ شیء حتى الأولاد والأهل والعشیرة والأموال الخاصّة بالإنسان(6). وعلى هذا فإنّ هذا التعبیر بیان لمصیبة ألیمة، خاصة بملاحظة لفظ (على) الذی یستعمل عادةً فی مورد التسلط، وبذلک یصبح معنى الجملة، إنّ الله عزَّ وجلَّ قد صبَّ عذابه على رؤوس هؤلاء الأقوام وأموالهم وکلّ ما یتعلّق بهم فأفناها جمیعاً.

وقد بحثنا موضوع «السیر فی الأرض» ـ والذی یؤکّد علیه القرآن المجید مراراً کبرنامج توعیة مؤثر ـ بصورة مفصّلة فی ذیل الآیة 137 من سورة آل عمران، والآیة 45 من سورة الروم.

وتناولت آخر آیة ـ من الآیات مورد البحث ـ سبب حمایة الله المطلقة للمؤمنین ودفاعه عنهم، وإهلاکه الکافرین الطغاة، فتقول: (ذلک بأنّ الله مولى الّذین آ منوا وأنّ الکافرین لا مولى لهم)(7).

«المولى» بمعنى الولی والناصر، وبذلک فإنّ الله سبحانه قد تولّى أمر المؤمنین ونصرتهم، أمّا الکافرون فقد أخرجهم من ظل ولایته، ومن الواضح أنّه تعالى یعین اُولئک المستظلین بظل ولایته، ویدفع عنهم النوائب، ویزیل عن طریقهم العراقیل، ویثبّت أقدامهم، وأخیراً فإنّهم ینالون مرادهم بنصرة الله ومعونته، أمّا اُولئک الخارجون عن ولایته فإنّ أعمالهم ستحبط، وتکون عاقبتهم الهلاک.

سؤال: وهنا یأتی سؤال، وهو: إنّ الآیة مورد البحث قد ذکرت أنّ الله سبحانه مولى المؤمنین فقط، فی حین أنّه سبحانه وصف فی بعض آیات القرآن الاُخرى بأنّه مولى الجمیع حتى الکافرین، کما فی الآیة 30 من سورة یونس حیث تقول: (وردّوا إلى الله مولاهم الحقّ وضلّ عنهم ما کانوا یفترون).

الجواب: وتتّضح الإجابة على هذا السؤال بملاحظة نکتة واحدة، وهی: إنّ ولایة الله العامّة ـ وهی کونها خالقاً مدبّراً ـ تعم الجمیع، أمّا الولایة الخاصّة، وعنایته الخاصة المقترنة بأنواع الحمایة والنصرة، فإنّها لاتشمل إلاّ المؤمنین(8).

وقال البعض: إنّ هذه الآیة أرجى آیة فی القرآن، لأنّها أدخلت کلّ المؤمنین، العالم منهم والجاهل، الزاهد والراغب، الصغیر والکبیر، المرأة والرجل، الشاب والکهل، أدخلتهم تحت حمایة الله ورعایته الخاصة، ولم تستثنِ حتى المؤمنین العاصین، فهو سبحانه یظهر رعایته فی المواقف الحسّاسة واللحظات الحرجة، والحوادث والمصائب والنکبات، وکلّ فرد منّا قد أحسَّ بهذه الرعایة طیلة مدة حیاته، وفی التأریخ شواهد کثیرة على ذلک.(9)

وقد ورد فی حدیث أنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) کان جالساً تحت شجرة وحیداً بعد غزوة من غزواته، فحمل علیه مشرک بسیف فقال له: من یخلّصک منىّ؟ فقال النّبی(صلى الله علیه وآله): «اللّه»، فأخذت الکافر رعدة وهوى على الأرض و سقط السیف من یده، فأخذه النّبی(صلى الله علیه وآله)، وقال له: فمن یخلصک منی؟ قال: لاأحد، ثم أسلم.(10)

نعم، الله مولى الذین آمنوا، وأنّ الکافرین لا مولى لهم.


1. البقرة، 250.
2. «تعساً» مفعول مطلق لفعل مقدّر، والتقدیر: تعسهم تعساً، وجملة (أضلّ أعمالهم) عطف على هذا الفعل المقدّر، وکلاهما بصیغة اللعنة، مثل (قاتلهم الله)، ومن الواضح أنّ اللعنة من قبل الله تعنی وقوعها.
3. الزمر، 45.
4. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیات مورد البحث.
5. ضمیر «أمثالها» یعود إلى العاقبة التی تستفاد من الجملة السابقة.
6. تفسیر روح المعانی، وتفسیر روح البیان، والتفسیر الکبیر، ج 28، ص 50.
7. المشار إلیه بـ (ذلک) هی عاقبة المؤمنین الحسنة، وعاقبة الکافرین المشؤومة، واللتان أشیر إلیهما فی الآیات السابقة.
8. فسّر البعض ـ کالآلوسی فی تفسیر روح المعانی ـ «المولى» فی الآیة مورد البحث بالناصر، وفی آیة سورة یونس وأمثالها. بالمالک
9. ورد فی ذیل الآیة 53 من سورة الزمر (یا عبادى الذین اسرفوا...) عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) «ما فی القرآن آیة أوسع من یا عبادی الذین اسرفوا...» ولاتنافی بینهما.
10. تفسیر روح البیان، ج 8، ص 503.
سورة محمّد / الآیة 7 ـ 11 سورة محمّد / الآیة 12 ـ 14
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma