لقد کان للرق على طول التاریخ أسباب کثیرة، فلم یقتصر الإستعباد على أسرى الحرب، والمدینین الذین یعجزون عن أداء دیونهم، حیث کانت القوّة والغلبة تبیح الاسترقاق والاستعباد، بل إنّ الدولة القویة کانت ترسل فرق من جیوشها وهم مدجّجون بأنواع الأسلحة إلى الدول الأفریقیة المتخلفة وأمثالها، لیأسروا شعوب تلک الدول جماعات جماعات، ثمّ یرسلونهم بواسطة السفن إلى أسواق بلدان آسیا وأوربا.

لقد منع الإسلام کلّ هذه المسائل، ووقف حائلاً دونها، ولم یبح الاسترقاق إلاّ فی مورد واحد، وهو أسرى الحرب، وحتى هذا لم یکن یتصف بالوجوب والإلزام، بل إنّ الإسلام قد أجاز ـ وکما قلنا فی تفسیر الآیات المذکورة ـ إطلاق سراح الأسرى مقابل فدیة یؤدّونها تبعاً لمصلحة الإسلام والمسلمین.

ولم تکن فی تلک الأیام سجون یسجن فیها أسرى الحرب حتى یتبیّن وضعهم وماذا یجب فعله معهم، بل کان الطریق الوحید هو تقسیمهم بین العوائل، والإحتفاظ بهم کرقیق.

من البدیهی أنّ هذه الظروف إذا تغیّرت فلا دلیل على أنّ إمام المسلمین ملزم بأن یرضى برق الأسرى، بل هو قادر على تحریرهم إمّا منّاً أو فداءً، لأنّ الإسلام خیّر الإمام المسلمین فی هذا الأمر، کی یقدم على اختیار الأصلح من خلال مراعاة المصلحة، وبهذا فإنّ مصادر الرق الجدیدة قد اُغلقت فی الإسلام.