إیمان طائفة من الجن

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سبب النّزول1ـ الإعلام المؤثر

جاء فی هذه الآیات ـ وکما اُشیر فی سبب النّزول ـ بحث مختصر حول إیمان طائفة من الجن بنبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله) وکتابه السماوی، لتوضح لمشرکی مکّة حقیقة، هی: کیف تؤمن طائفة من الجن البعیدین ـ ظاهراً ـ بهذا النّبی الذی هو من الإنس، وبعث من بین أظهرکم، وأنتم تصرون على الکفر، وتستمرون فی عنادکم ومخالفتکم؟

وسیکون لنا بحث مفصل حول (الجن) وخصوصیاته فی تفسیر سورة الجن إن شاء الله تعالى، ونتناول هنا تفسیر الآیات مورد البحث فقط.

لقد کانت قصة قوم عاد تحذیراً لمشرکی مکّة فی الحقیقة، وقصة إیمان طائفة من الجن تحذیراً آخر.

تقول الآیة أوّلاً: (وإذ صرفنا إلیک نفراً من الجن یستمعون القرآن).

إنّ التعبیر بـ (صرفن) ـ من مادة «صرف»، یعنی نقل الشیء وتبدیله من حالة إلى اُخرى ـ ولعله إشارة إلى أنّ الجن کانوا یصغون إلى أخبار السماء عن طریق استراق السمع، ومع ظهور نبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله) رجعوا إلیه واتّجهوا نحو القرآن.

و«النفر» کما یقول الراغب فی مفرداته ـ عدّة رجال یمکنهم النفر، بمعنى الهجرة من مکان لآخر، والمشهور بین أرباب اللغة أنّه الجماعة من الثلاثة إلى العشرة، وأوصلها البعض إلى الأربعین.

ثمّ تضیف الآیة: (فلمّا حضروه قالوا أنصتو) وذلک حینما کان النّبی(صلى الله علیه وآله) یتلو آیات القرآن فی جوف اللیل، أو فی صلاة الصبح.

«انصتوا» من مادة «إنصات»، وهو السکوت مع الإستماع والإنتباه.

وأخیراً أضاء نور الإیمان قلوب هؤلاء، فلمسوا فی أعماقهم کون آیات القرآن حقاً، ولذلک: (فلما قضی ولّوا إلى قومهم منذرین) وهذا دأب المؤمنین دائماً، فی أن یطلعوا الآخرین على الحقائق التی اطلعوا علیها، ویدلوهم على مصادر إیمانهم ومنابعه الفیاضة.

وتبیّن الآیة التالیة کیفیة دعوة هؤلاء قومهم عند عودتهم إلیهم، تلک الدعوة المتناسقة الدقیقة، الوجیزة والعمیقة المعنى: (قالوا یا قومنا إنّا سمعنا کتاباً أنزل من بعد موسى).

ومن صفاته أنّا رأیناه یصدق الکتب السماویة السالفة ویتطابق معها فی محتواها، وفیه العلائم الواردة فی تلک الکتب: (مصدقاً لما بین یدیه)(1).

وصفته الاُخرى أنّه: (یهدی إلى الحق) بحیث إنّ کلّ من یستند إلى عقله وفطرته یرى آیات حقانیته واضحة جلیة.

وآخر صفة أنّه یهدی إلى الرشد: (والى طریق مستقیم).

إنّ التفاوت بین الدعوة إلى الحق والى الصراط المستقیم، یکمن ظاهراً فی أنّ الأوّل إشارة إلى العقائد الحقة، والثّانی إلى البرامج العملیة المستقیمة الصحیحة.

وجملة: (أنزل من بعد موسى) وجملة: (مصدقاً لما بین یدیه) تؤیدان أنّ هذه الطائفة کانوا مؤمنین بالکتب السماویة السابقة، وخاصة کتاب موسى(علیه السلام)، وکانوا یبحثون عن الحق.

وإذا رأینا أنّ الکلام لم یرد عن کتاب عیسى الذی أنزل بعد موسى(علیه السلام)، فلیس ذلک بسبب ما روی عن ابن عباس من أنّ الجن لم یکونوا مطلعین على نزول الإنجیل مطلقاً، إذ أنّ الجن کانوا مطلعین على أخبار السماوات وعالمین بها، فکیف یمکن أن یغفلوا عن أخبار الأرض إلى هذا الحد؟ بل بسبب أنّ التوراة کانت هی الکتاب الأساسی، فحتى المسیحیون کانوا قد أخذوا ویأخذون أحکام شریعتهم عنها.

ثمّ أضافوا: (یا قومنا أجیبوا داعی الله وآمنوا به) إذ ستمنحون حینها مکافأتین عظیمتین: (یغفر لکم من ذنوبکم ویجرکم من عذاب ألیم)(2).

المراد من: (داعی الله) نبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله) الذی کان یرشدهم إلى الله سبحانه، ولما کان أغلب خوف الإنسان واضطرابه من الذنوب وعذاب القیامة الألیم، فقد ذکروا لهم الأمن تجاه هذین الأمرین، لیلفت انتباههم قبل کلّ شیء.

واعتبر جمع من المفسّرین کلمة (من) فی (من ذنوبکم) زائدة، لیکون ذلک تأکیداً على غفران جمیع الذنوب فی ظل الإیمان، فی حین اعتبرها البعض تبعیضیة، وأنّها إشارة إلى تلک الذنوب التی اقترفوها قبل إیمانهم، أو الذنوب التی تتعلق بالله سبحانه، لا بحق الناس.

غیر أنّ الأنسب هو کون (من) زائدة وللتأکید، والآیة الشریفة تشمل کلّ الذنوب.

وتذکر الآیة الأخیرة ـ من هذه الآیات ـ کلام مبلغی الجن، فتقول: (ومن لا یجب داعی الله فلیس بمعجز فی الأرض ولیس له من دونه أولیاء) ینصرونه من عذاب الله، ولذلک فإنّ: (اُولئک فی ضلال مبین).

أی ضلال أشد وأسوأ وأجلى من أن یهبّ الإنسان إلى محاربة الحق ونبیّ الله، بل حتى إلى محاربة الله الذی لا ملجأ له سواه فی کلّ عالم الوجود، ولا یستطیع الإنسان أن یفر من حکومته إلى مکان آخر؟!

وقد قلنا مراراً: إنّ (معجز) ـ أو سائر مشتقات هذه الکلمة ـ تعنی فی مثل هذه الموارد العجز عن المطاردة والتعقیب والمجازاة، وبتعبیر آخر: الفرار من قبضة العقاب.

وعبارة (فی الأرض) إشارة إلى أنّکم حیثما تذهبون فی الأرض فإنّه ملک الله وسلطانه، ولا یمکن أن تکونوا خارج حدود قدرته وقبضته، وإذا کانت الآیة لا تتحدث عن السماء، فلأنّ مکان الإنس والجن هو الأرض على کلّ حال.


1. لقد أوردنا تفسیر هذه الجملة مفصلاً فی ذیل الآیة 41 من سورة البقرة.
2. «یجرکم» من مادة «إجارة»، وقد وردت بمعان مختلفة: الإغاثة، الإنقاذ من العذاب، الإیواء، والحفظ.
سبب النّزول1ـ الإعلام المؤثر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma