بحوث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
أیّها الإنسان أحسن إلى والدیک سورة الأحقاف / الآیة 17 ـ 19

إنّ هذه الآیات تجسید للإنسان المؤمن من أصحاب الجنّة، الذی یطوی أوّلاً مرحلة الکمال الجسمی، ثمّ مرحلة الکمال العقلی، ثمّ یصل إلى مقام شکر نعم الله تعالى، وشکر متاعب والدیه، والتوبة عمّا بدر منه من هفوات وسقطات ومعاص، ویهتم أکثر بالقیام بالأعمال الصالحة، ومن جملتها تربیة الأولاد، وأخیراً یرقى إلى مقام التسلیم المطلق لله تعالى ولأوامره، وهذا هو الذی یغمره فی رحمة الله ومغفرته ونعمه المختلفة التی لا تحصى.

نعم، ینبغی أن یعرف أهل الجنّة من هذه الصفات.

إنّ التعبیر بـ (وصینا الإنسان) إشارة إلى أنّ مسألة الإحسان إلى الوالدین من الأصول الإنسانیة، ینجذب إلیها ویقوم بها حتى اُولئک الذین لا یلتزمون بدین أو مذهب، وبناءً على هذا، فإنّ الذین یعرضون عن أداء هذه الوظیفة، ویرفضون القیام بهذا الواجب، لیسوا مسلمین حقیقیین، بل لا یستحقون اسم الإنسان.

إنّ التعبیر بـ «إحساناً» وبملاحظة أنّ النکرة فی هذه الموارد لبیان عظمة الأمر وأهمیته، ویشیر إلى أنّه یجب ـ بأمر الله سبحانه ـ الإحسان إلى الأبوین إحساناً جمیلاً مقابلة لخدماتهم الجلیلة التی أسدوها.

لأنّ آلام ومعاناة الاُم فی طریق تربیة الطفل محسوسةٌ وملموسةٌ أکثر، ولأنّ جهود الاُم أکثر أهمیّة إذا ما قورنت بجهود الأب، کان التأکید أکثر على قدر الاُم فی الرّوایات الإسلامیة.

فقد ورد فی حدیث أنّ رجلاً أتى رسول الله(صلى الله علیه وآله) وقال: من أبر؟ قال: «أمّک»، قال: ثمّ من؟ قال: «أمّک»، قال: ثمّ من؟ قال: «أمّک»، قال: ثمّ من؟ قال: «أباک»(1).

وجاء فی حدیث آخر، أنّ رجلاً کان قد حمل اُمّه العجوز العاجزة، وکان یطوف بها، فأتى النّبی(صلى الله علیه وآله) وقال: هل أدیت حقّها: قال: «لا ولا بزفرة واحدة»(2).

لقد أولت الآیات القرآنیة العلاقات العائلیة، واحترام الأبوین وإکرامهم، والعنایة بتربیة الأولاد، اهتماماً فائقاً، وقد اُشیر إلیها جمیعاً فی الآیات المذکورة، وذلک لأنّ المجتمع الإنسانی الکبیر یتکون من خلایا وتشکیلات أصغر تسمى العائلة، کما أنّ البنایة الضخمة تتکون من غرف، وهی بدورها من الطابوق والحجر.

من البدیهی أنّه کلّما کانت هذه التقسیمات الصغیرة أکثر انسجاماً وترابطاً، کان أساس المجتمع أقوى وأشد ثباتاً، وأحد عوامل التمزق والاختلال الاجتماعی فی المجتمعات الصناعیة فی عصرنا الحاضر هو انحلال نظام العائلة، فلا احترام من قبل الأولاد، ولا عطف من الآباء والأمهات، ولا علاقة حب وحنان وعاطفة من الأزواج.

إنّ المشهد المؤلم لدور رعایة المسنین فی المجتمعات الصناعیة الیوم، والتی تحتضن العجزة من الآباء والاُمهات الذین طردوا من العائلة، شاهد معبر جدّاً عن هذه الحقیقة المرّة.

فالرجال والنساء الذین صرفوا عمراً طویلاً فی الخدمة لمنح المجتمع أبناء عدیدین، یطردون تماماً فی الأیّام التی یکونون فیها بأشد الحاجة إلى عواطف الأبناء ومحبتهم ومعونتهم، ویبقون فی تلک الدور یعدون الأیّام فی إنتظار لحظة الموت، وقد سمّروا أعینهم فی الباب بانتظار صدیق أو قریب یفتحها... ولا تفتح علیهم إلاّ مرّة أو مرّتین فی السنة!

حقاً، إنّ تصور مثل هذه الحالة ینغص على الإنسان عیشه منذ البدایة، وهذا هو عرف دنیا المادة والتمدن واُسلوبها حینما یطرح منها الإیمان والدین.

إنّ جملة: (وأن أعمل صالحاً ترضاه) تبیّن أنّ العمل الصالح هو العمل الذی یبعث على رضى الله سبحانه، وتعبیر: (أحسن ما عملو) والذی ورد فی آیات عدیدة من القرآن المجید، یبیّن فضل الله الذی لا یحصى فی مقام مکافأة العباد وجزائهم، حیث یجعل أحسن أعمالهم معیاراً لکلّ أعمالهم الحسنة فی الحساب والمثوبة.


1. تفسیر روح المعانی، ج 26، ص 16.
2. تفسیر فی ظلال القرآن، ج 7، ص 415.
أیّها الإنسان أحسن إلى والدیک سورة الأحقاف / الآیة 17 ـ 19
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma