شرط الإنتصار الإیمان والإستقامة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سبب النّزولسورة الأحقاف / الآیة 15 ـ 16

تستمر هذه الآیات فی تحلیل أقوال المشرکین وأفعالهم، ثمّ تقریعهم وملامتهم بعد ذلک، فتشیر أوّلاً إلى ما نطق به هؤلاء من کلام بعید عن المنطق السلیم، مبنیّ على أساس الکبر والغرور، فتقول: (وقال الّذین کفروا للّذین آمنوا لو کان خیراً ما سبقونا إلیه)(1).

فما هؤلاء إلاّ حفنة من الفقراء الحفاة من سکان القرى، والعبید الذین لاحظ لهم من العلم والمعرفة إلاّ القلیل، فکیف یمکن أن یعلم هؤلاء الحق وأن یقبلوا علیه ونحن ـ أعیان المجتمع وأشرافه ـ فی غفلة عنه؟

لقد غفل هؤلاء عن أن العیب فیهم لا فی الإسلام، فلو لا حجب الکبر والغرور الملقاة على قلوبهم ولولا أنّهم سکرى من خمرة المال والجاه والمقام، ولولا أنّ غرورهم وتکبرهم یمنعهم من التحقیق فی أمر هذا الدین، إذن لانجذبوا بسرعة الى الإسلام کما انجذب الفقراء إلیه.

ولذلک فإنّ الآیة تجیبهم فی نهایتها بهذا التعبیر اللطیف: (وإذ لم یهتدوا به فسیقولون هذا إفک قدیم)(2) أی إنّ هؤلاء ما أرادوا أن یهتدوا بآیات القرآن، لا أنّ القصور فی قابلیة القرآن على الهدایة.

والتعبیر بـ «الإفک القدیم» شبیه بتهمة اُخرى حکیت عنهم فی آیات القرآن الاُخرى، إذ قالوا: (أساطیر الأولین)(3).

جملة «سیقولون» بصیغة المضارع، تدل على أنّهم کانوا یرمون القرآن بهذه التهمة دائماً، وکانوا یتخذون هذا الإتهام غطاء لعدم إیمانهم.

ثمّ تطرقت الآیة إلى دلیل آخر لإثبات کون القرآن حقاً، ولنفی تهمة المشرکین إذ کانوا یقولون: هذا إفک قدیم، فقالت: إنّ من علامات صدق هذا الکتاب العظیم أنّ کتاب موسى الذی یعتبر إماماً أی قدوة للناس ورحمة قد أخبر عن هذا النّبی وصفاته، وهذا القرآن أیضاً کتاب منسجم فی آیاته وفیه العلائم المذکورة فی التوراة: (ومن قبله کتاب موسى إماماً ورحمة وهذا کتاب مصدّق) وإذا کان الأمر کذلک، فکیف تقولون: هذا إفک قدیم؟

لقد أکّد القرآن فی آیاته مراراً على أنّه مصدق للتوراة والإنجیل، أی إنّه یتفق مع العلامات والصفات التی وردت فی هذین الکتابین السماویین حول نبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله) وقد کانت هذه العلامات دقیقة إلى الحد الذی یقول القرآن الکریم: (الذین آتیناهم الکتاب یعرفونه کما یعرفون أبناءهم)(4).

وقد ورد نظیر معنى الآیة مورد البحث فی الآیة 17 من سورة هود: (أفمن کان على بیّنة من ربّه ویتلوه شاهد منه ومن قبله کتاب موسى إماماً ورحمة أولئک یؤمنون به).

والتعبیر بـ (إماماً ورحمة) یحتمل أن یکون من جهة أن ذکر الإمام یستدعی أحیاناً أن تخطر فی الذهن مسألة التکلیف الشاق الصعب، نتیجة الذکریات التی کانت لدیهم عن أئمّتهم، إلاّ أنّ ذکر الرحمة یبدل هذا الخطور الذهنی إلى ما یبعث على الاطمئنان، فهو یقول: إنّ هذا الإمام توأم الرحمة ومقترن بها، فحتى إذا أتاکم بالتکالیف والأوامر فهی رحمة أیضاً، وأی رحمة أعم وأسمى من تربیة نفوس هؤلاء القوم؟!

ثمّ تضیف بعد ذلک: (لساناً عربی) یفهمه الجمیع ویستفیدون منه.

ثمّ تبیّن فی النهایة الهدف الرئیسی من نزول القرآن فی جملتین قصیرتین، فتقول: (لینذر الذین ظلموا وبشرى للمحسنین) وإذا لاحظنا أنّ جملة (ینذر) مضارعة تدل على الاستمرار والدوام، فسیتّضح أنّ إنذار القرآن کبشارته دائمی مستمر، فهو یحذر الظالمین والمجرمین على مدى التأریخ ویخوفهم وینذرهم، ویبشر المحسنین على الدوام.

وممّا یلفت النظر أنّ الآیة جعلت الظالمین فی مقابل المحسنین لأنّ للظلم هنا معنى واسعاً یشمل کلّ إساءة ومخالفة، ومن الطبیعی أنّ الظلم إمّا بحق الآخرین أو بحق النفس.

والآیة التالیة تفسیر للمحسنین الذین ورد ذکرهم فی الآیة التی قبلها، فتقول: (إنّ الذین قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا فلا خوف علیهم ولا هم یحزنون)(5).

لقد جمعت فی الواقع کلّ مراتب الإیمان، وکلّ الأعمال الصالحة فی هاتین الجملتین، لأنّ التوحید أساس کلّ المعتقدات الصحیحة، وکلّ أصول العقائد ترجع الى أصل التوحید، کما أنّ الإستقامة والصبر والتحمل والصمود أساس کلّ الأعمال الصالحة، لأنّا نعلم أنّه یمکن تلخیص کلّ أعمال الخیر فی ثلاثة: «الصبر على الطاعة»، و«الصبر عن المعصیة»، و«الصبر على المصیبة».

وبناءً على هذا، فإنّ «المحسنین» هم السائرون على خط التوحید من الناحیة العقائدیة، وفی خط الإستقامة والصبر من الناحیة العملیة.

ومن البدیهی أنّ أمثال هؤلاء الأفراد لا یخافون من حوادث المستقبل، ولا یغتمون لما مضى.

وقد ورد نظیر هذا المعنى ـ بتوضیح أکثر ـ فی الآیة 30 من سورة فصلت حیث تقول: (إنّ الذین قالوا ربّنا اللّه ثمّ استقاموا تتنزّل علیهم الملائکة ألاّ تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة التی کنتم توعدون).

إنّ هذه الآیة تضیف شیئین:

الأوّل: أنّهم بشروا بعدم الخوف والحزن من قبل الملائکة، فی حین سکتت الآیة مورد البحث عن هذا.

والثّانی: أنّه إضافة إلى نفی الخوف والحزن عنهم، فقد وردت البشارة بالجنّة أیضاً فی آیة سورة فصلت، فی حین أنّ هذه البشارة وردت فی الآیة اللاحقة فی محل کلامنا.

وعلى أیة حال، فإنّ الآیتین تبحثان مطلباً واحداً، غایته أن أحداهما أکثر تفصیلاً من الاُخرى.

ونقرأ فی تفسیر علی بن إبراهیم فی تفسیر جملة: (إنّ الذین قالوا ربّنا الله ثمّ استقامو)قال: استقاموا على ولایة علی أمیر المؤمنین(علیه السلام). وذلک أنّ إدامة خط  أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی جوانب العلم والعمل، والعدالة والتقوى، وخاصّة فی العصور المظلمة الحالکة، أمر لا یمکن تحققه بدون الاستقامة، وبناءً على هذا فإنّه یعد أحد المصادیق الواضحة للآیة مورد البحث، لا أنّ معناها منحصر به، بحیث لا تشمل الإستقامة فی الجهاد وطاعة الله سبحانه، ومحاربة هوى النفس والشیطان.

وقد أوردنا شرحاً مفصلاً حول مسألة الإستقامة فی ذیل الآیة 30 من سورة فصلت(6).

وتبشر آخر آیة من هذه الآیات الموحدین المحسنین بأهم بشارة وأثمنها، فتقول: (أولئک أصحاب الجنّة خالدین فیها جزاءً بما کانوا یعملون).

إنّ ظاهر الآیة یعطی مفهوم الحصر، کما استفاد ذلک البعض، أی أنّ أصحاب الجنّة هم أهل التوحید والإستقامة فقط، أمّا الذین إرتکبوا المعاصی منهم، فإنّهم وإن کانوا فی النتیجة من أصحاب الجنّة، إلاّ أنّهم لیسوا من أصحابها منذ بدایة الأمر.

التعبیر بـ «الأصحاب» إشارة إلى اجتماعهم الدائم وتنعمهم الخالد بنعم الجنّة.

وتعبیر: (جزاء بما کانوا یعملون) یدل من جهة على أنّ الجنّة لا تمنح مجاناً، بل إنّ لها ثمناً یجب أن یؤدّى، ویشیر من جهة اُخرى إلى أصل حریة الإنسان واختیاره.


1. بحث المفسّرون کثیراً فی معنى «اللام» فی (للذین آمنو) إلاّ أنّ أنسب الإحتمالات جمیعاً هو أن «اللام» بمعنى (فی) وبناءً على هذا فإنّ معنى الجملة: إنّ الکافرین قالوا فی المؤمنین، ولا یأتی فی هذه الحالة إشکال من جهة کون فعل (سبقونا) للغائب. فی حین أنّ البعض قد اعتبر اللام لام التعلیل! وقال آخرون (الذین آمنوا) هنا مخاطبون، وجملة (سبقونا) بمعنى سبقتمونا!
2. (إذ) فی هذه الآیة ظرفیة، ویعتقد البعض أنّها متعلقة (سیقولون)، ویقولون: إنّ وجود الفاء غیر مانع، إلاّ أنّ البعض الآخر ـ کالزمخشری فی الکشاف ـ یرى أنّه بما أنّ الفعل بعدها ماض، و(سیقولون) فعل مضارع فلا یمکن أن یکون متعلقها، بل متعلقها محذوف، والتقدیر: «وإذا لم یهتدوا به ظهر عنادهم» إلاّ أنّ الاحتمال الأوّل أکثر انسجاماً مع معنى الآیة.
3. الفرقان، 5.
4. البقرة، 146.
5. (الذین قالوا ربنا الله) مبتدأ، وجملة (لا خوف علیهم) خبره، والفاء لا تأتی مع الخبر إلاّ فی الموارد التی یکون فی الجملة مفهوم الشرطیة کالآیة مورد البحث.
6. راجع التّفسیر الأمثل، سورة فصلت، الآیة 30.
سبب النّزولسورة الأحقاف / الآیة 15 ـ 16
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma